القاهرة | «سيجري التشاور مع كافة القوى والمؤسسات والمجلس الأعلى للهيئات القضائية لوضع الطريق الأمثل للخروج من المشهد الراهن وتجاوز المرحلة الراهنة ومعالجة كافة القضايا المطروحة لحين إقرار الدستور الجديد». تسويف الأمر هو الطريق الذي سلكه الرئيس المصري محمد مرسي، قبيل سفره إلى السعودية، للخروج من الأزمة التي خلفها قراره بإعادة البرلمان. فرغم صدور حكم المحكمة الدستورية العليا الثاني بحل مجلس الشعب، إلا أن مصير البرلمان لم يحسم بعد. فلا يزال الرئيس الإخواني يصر على عودة البرلمان لحين إقرار الدستور الجديد للمصريين. وفيما أكد احترامه لأحكام المحكمة الدستورية، شدد على أن قراره بعودة البرلمان كان الهدف منه احترام أحكام القضاء واختيار الوقت المناسب لتنفيذها بما يحقق مصلحة الشعب وصالح الوطن. في المقابل، لا يزال القضاة على موقفهم الرافض لتجاهل أحكامهم واعتبارهم جسراً تمرر من خلاله صفقات ومصالح جماعة الإخوان المسلمين، المستفيدة الأولى من عودة البرلمان، ليتحول الأمر إلى خصومة قضائية مباشرة بين قضاة المحكمة الدستورية العليا والجماعة. هذه الخصومة يبت في أمرها الآن، النائب العام المصري المستشار عبد المجيد محمود، الذي أعطى أوامره أمس ببدء التحقيق في بلاغات متبادلة بين الجماعة وقضاة الدستورية.
وفيما كانت مؤسسة الرئاسة تبث بيان مرسي، كان الأخير قد استقل طائرة الرئاسة، لأول مرة، متوجهاً إلى السعودية، تلبيةً لدعوة الملك عبد الله بن عبد العزيز، لتصبح السعودية هي القبلة الأولى التي يقصدها مرسي على صعيد العلاقات الخارجية.
أما أنصار جماعة الإخوان، فبدأوا اعتصاماً مفتوحاً في ميدان التحرير، لحين إلغاء الإعلان الدستوري المكمل وتأييد قرار الرئيس بإعادة البرلمان وحل المحكمة الدستورية العليا. وهو ما برره أحد قيادات الجماعة لـ«الأخبار»، بالقول إن حكم المحكمة الدستورية العليا الذي صدر من غير ذي صفة. وأضاف: «هناك سلسلة من الاحتجاجات التي ستدعو إلى تطهير المؤسسات من رجال النظام السابق». من جهته، رأى القيادي في حزب الحرية والعدالة حسن البرنس، أن مرسي يحارب بقراراته لإفراغ الإعلان الدستوري من مضمونه، متهماً المجلس العسكري بأنه أطلق مؤيديه في الإعلام وبعض رجال القانون، للإساءة إلى الرئيس.
وكان قد سبق بيان الرئاسة ظهور عدة مبادرات للخروج من أزمة عودة البرلمان، أهمها اقترحها المرشح الرئاسي الخاسر حمدين صباحي، على كل من مرسي والمجلس العسكري تحت مسمى «مبادرة احترام القضاء والوفاق الوطني»، وتتضمن ست خطوات تتمثل في إعلان مرسي احترامه للقضاء المصري والتزامه أحكام المحكمة الدستورية في ما يتعلق بقرار حل مجلس الشعب. وتنص تنص على دعوة مرسي إلى مراجعة التشكيل الحالي للجمعية التأسيسية وإعادة تشكيلها بتوافق وطني حقيقي، يضمن تمثيل كافة قوى المجتمع وتياراته السياسية، إلى جانب أن تتسلم اللجنة التأسيسية الجديدة نتائج ما توصلت إليه نقاشات الجمعية الحالية كي لا تُهدَر أي جهود بُذلت وعدم البدء من النقطة الصفر. ووفقاً للمبادرة، عندما تنتهي اللجنة من مهمتها في إعداد الدستور، يصدر مرسي قراراً بنقل صلاحيات التشريع إلى الجمعية الجديدة محل التوافق الوطنى فور تشكيلها، إلى حين إجراء انتخابات جديدة لمجلس الشعب.
ومما تتضمنه مبادرة صباحي الدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة في غضون 60 يوماً من الاستفتاء على الدستور الجديد، وانتقال سلطة التشريع للبرلمان الجديد المنتخب وانتهاء مهمة اللجنة التأسيسية، على أن تكون من أولويات البرلمان الجديد سرعة إصدار قانون استقلال القضاء مع ضرورة التزام المجلس العسكري تلك القرارات ونقل صلاحية التشريع إلى الجمعية الجديدة. واختتم صباحي مبادرته بأن يستجيب مرسي لمطلب الإفراج عن المعتقلين سياسياً والمحاكمين عسكرياً أو إعادة محاكمتهم أمام القضاء المدني مع سرعة الانتهاء من تشكيل حكومة توافق وطني.
وتزامنت مبادرة صباحي مع مبادرة ثانية أطلقها المدير العام السابق لوكالة الطاقة الذرية، محمد البرادعي، رأى فيها أن الوسيلة الوحيدة للخروج من الأزمة الراهنة إجراء حوار وطني بين الرئيس والقوى المدنية والمجلس العسكري بمشاركة السلطة القضائية، للتوافق على إعلان دستوري مكمل جديد يتضمن تشكيل لجنة تأسيسية متوازنة لإعداد دستور ديموقراطي يضمن الحقوق والحريات، على أن تنقل السلطة التشريعية إليها.