نيويورك | يرفض المشروع الروسي، المطروح في مجلس الأمن، فكرة الضغوط وأي حلول تفرض من الخارج على سوريا، ويحمّل الحكومة السورية مسؤولية أكبر من المعارضة المسلحة في درجة العنف المسلح، ويطلب الإسراع في وقف العنف من الطرفين وتطبيق النقاط الست وبيان اجتماع جنيف الختامي بالكامل وبسرعة من قبل الطرفين. في المقابل، ركّزت الدول الغربية على عدم تطبيق الخطة السداسية، ورأت أن أي تمديد للمراقبين يجب أن يرتبط بالخطة العامة التي يطرحها المبعوث الدولي المشترك كوفي أنان، بعد التشاور مع أعضاء المجلس.
وطرح نائب المندوب الروسي الدائم، الكسندر بنكين، المشروع الروسي قبيل المطالعة التي قدمها كوفي أنان، عبر الأقمار الصناعية من جنيف. وجاء، بسرعة، التشكيك من سفيري ألمانيا وبريطانيا، بينما امتنعت فرنسا والولايات المتحدة عن التعليق قبل الجلسة. ورفض المندوبان مجرد التمديد لبعثة المراقبين، مطالبين بأن ينصّ أي قرار جديد على معالجة المشاكل العسكرية على الأرض، ولا سيما استخدام السلاح الثقيل من جانب القوات الحكومية السورية. وأشار مندوب ألمانيا الدائم بيتر فيتيغ إلى ضرورة بحث مشروع القرار الروسي والاستماع إلى كوفي أنان أولاً، لكن المهم حسب رأيه «أن يكون استخدام السلاح الثقيل أيضاً في جوهر النقاشات».
وطلب أنان من المجلس، في جلسة مغلقة، الضغط على الطرفين بشتى الوسائل عبر إرسال رسالة إلى الحكومة والمعارضة بضرورة الالتزام التام بتنفيذ الخطة كاملة وفوراً تحت طائلة المحاسبة، بحسب مصادر دبلوماسية متابعة. وفي تصريح صحافي بعد الجلسة، شدّد أنان على أن «الحكومتين في العراق وإيران التزمتا بدعم خطة النقاط الست، وطالبتا بأن يُسمح للسوريين بتقرير مستقبلهم السياسي، ومن الواضح أنهما سيضغطان بشأن تنفيذ الخطة».
وقال أنان: «هناك مشروع قرار روسي مقترح حول تمديد عمل بعثة المراقبين مطروح على مجلس الأمن، كما أعلن السفير البريطاني أن بلاده إلى جانب أميركا وفرنسا ستقدم قراراً من جانبها، والقرار متروك لمجلس الأمن». وتابع أنان: «حتى الآن لم ننجح في وقف العنف، ونحثّ كل الحكومات على الضغط على الأطراف كافة ودعم جهود الوساطة لتحقيق الهدف الذي نتشارك فيه»، وأضاف رداً على سؤال: «لقد بحثتُ مع الرئيس السوري بشار الأسد في مسألة تعيين مفاوض عنه، وعرضّ عليّ الأسد اسماً، وأنا طلبت معرفة المزيد عن هذا الشخص».
من جهته، شدد وكيل الأمين العام لشؤون قوات حفظ السلام، هيرفي لادسو، الذي حضر الجلسة، على أهمية بقاء 300 مراقب في سوريا، حسب توصية الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بينما طرحت دول غربية فكرة سحب نصف المراقبين مؤقتاً، ووضعهم رهن الاستدعاء ضمن مهلة 48 ساعة بانتظار تحسّن الظروف على الأرض.
ورأى مندوب بريطانيا مارك لايال غرانت أن المسألة ليست مسألة مشروع قرار روسي خارج عن سياقه وحسب، بل تعود إلى أن بعثة «يونسميس» تألّفت من أجل هدفين، هما «وقف العنف ومراقبة تطبيق خطة أنان ذات النقاط الست، لكنها فشلت في الأمرين معاً». لذا، فإنه يرى أن مسألة التمديد ليست بيت القصيد، بل المهم معرفة «الإطار العام» الذي من خلاله تتحدد مهمة بعثة أونسميس في المرحلة المقبلة.
في هذا الوقت، أكد مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، أن نجاح خطة أنان يتوقف على توقف تسليح المجموعات المسلحة في سوريا من قبل الجهات الخارجية.
وقال الجعفري في مؤتمر صحافي في نيويورك، إن الحكومة السورية ملتزمة بنجاح خطة آنان ومناقشات اليوم (أمس) لم تشر إلى الفصل السابع أو انهاء عمل بعثة المراقبين الدوليين في سوريا، ومن دعا إلى تبني الفصل السابع ليس داعماً حقيقياً لمهمة أنان.
وأكد الجعفري أنه «على المعارضة أن تمتلك حس المسؤولية وترفض تخريب البنى التحتية وتشارك في العملية السياسية لبناء سوريا»، مشيرا إلى أن هناك بعداً إرهابياً مسلحاً داخل سوريا تتحكم به جهات خارجية.
ويستند مشروع القرار الروسي إلى قراريْ مجلس الأمن الدولي 2042 و2043 والبيان الرئاسي الذي صدر في 3 آب الماضي، والبيانات الصحافية، وقرارات الجمعية العامة المتعلقة بالأزمة السورية، ويشدد على دعم خطة المبعوث الدولي المشترك كوفي أنان، ويرحّب بالبيان الختامي الذي صدر عن مجموعة العمل الوزارية، الذي صدر في جنيف نهاية حزيران الماضي.
وفي الفقرات العملية، يقرر المجلس تمديد ولاية يونسميس، بناءً على توصيات الأمين العام الواردة في الفقرات 67 حتى 71 من تقريره، ويشدد على أهمية الحاجة لبعثة يونسميس إلى أن يكون لديها قدرة المراقبة العسكرية من أجل تنفيذ عمليات تحقق وتقصّي حقائق.
ويحثّ كافة الأطراف السورية بقوة على الوقف الفوري لكافة أشكال العنف المسلح، كما يشدّد المجلس على دعم التطبيق العاجل والشامل والفوري لكافة عناصر الخطة السداسية للمبعوث المشترك كوفي أنان المرفقة بالقرار 2042، وبالبيان الختامي الصادر عن مجموعة العمل الوزارية التي عقدت اجتماعها في جنيف في 30 حزيران الماضي. ويحثّ مشروع القرار الحكومة السورية والمجموعات المعارضة على البدء الفوري بتطبيق بنود البيان الختامي، بما في ذلك مبادئ وتوصيات حلّ مبني على عملية انتقالية سورية، ويشدّد على أن الأمر يعود إلى الشعب السوري في إيجاد حلّ سياسي وعلى الأطراف السورية تقديم محاورين فعّالين ومقبولين من الطرفين، من أجل العمل مع المبعوث المشترك نحو تسوية يقودها سوريون.
وفي الفقرة السادسة، يحثّ كافة الدول الأعضاء على العمل وفق روح البيان الختامي والتعاون بنيّات طيبة مع المبعوث الخاص المشترك في جهوده الرامية إلى تسهيل عملية سياسية بقيادة سورية.