تعدّدت الروايات والحصيلة واحدة: عشرات القتلى في بلدة التريمسة في ريف حماه سقطوا في أحدث أعمال العنف التي تجتاح سوريا منذ أكثر من عام ونصف عام. فقد أعلنت سوريا أن قواتها المسلحّة قامت بـ«عملية نوعية» في بلدة التريمسة، بريف حماة استهدفت تجمعات للمجموعات «الإرهابية» المسلّحة، وعدداً من مقارّ قيادتها، أدّت إلى مقتل عدد كبير من عناصرها، وإلقاء القبض على العشرات ومصادرة كميات كبيرة من الأسلحة والوثائق.
وأشار مصدر عسكري لوكالة الأنباء السورية «سانا» الى أنّ القوات النظامية قامت بعد ذلك بـ«عملية تفتيش، حيث عثرت على جثث عدد من المواطنين ممن كانت المجموعات الإرهابية المسلحة قد اختطفتهم، سابقاً، وقامت بتصفيتهم».
وكانت دمشق قد اتهمت، في وقت سابق، «قنوات الاعلام الدموي» و«مجموعات ارهابية مسلحة» بارتكاب المجزرة في قرية التريمسة. ورأت دمشق أنّ الهدف منها «استجرار التدخل الخارجي» ضدها عشية انعقاد جلسة لمجلس الامن.
من ناحيته، أفاد «المرصد السوري لحقوق الانسان» عن مقتل اكثر من 150 شخصاً في القصف والعمليات العسكرية والاشتباكات في بلدة التريمسة، بينهم العشرات من المقاتلين المعارضين. واشار، في بيان له، الى «توثيق أسماء أكثر من 100 مواطن» من هؤلاء، والى «معلومات عن وجود 17 شهيدا قتلوا خلال نزوحهم عن البلدة، بينهم نساء واطفال»، والى «نحو 30 شهيداً احترقت جثامينهم على نحو كامل ولم يتمّ التعرف عليهم»، بينما طالب «المجلس الوطني السوري»، مجلس الامن الدولي باصدار قرار «عاجل وحاسم» حيال نظام دمشق «تحت الفصل السابع يحمي الشعب السوري».
كذلك اعلن رئيس بعثة المراقبين الدوليين في سوريا، الجنرال روبرت مود، أن المراقبين مستعدون للتوجه الى التريمسة للتحقق مما حصل، «عندما يكون هناك وقف جدي لاطلاق النار». وقال تقرير لتقويم الوضع، أعدته البعثة، إن المراقبين وصفوا هجوماً على قرية في منطقة حماة، قتل فيه 220 شخصاً، بأنه «امتداد لعملية للقوات الجوية السورية». وأضاف «القوات الجوية السورية تواصل استهداف المناطق الحضرية المأهولة شمالي مدينة حماة على نطاق واسع». وفي السياق، ذكرت أنباء أن وفداً من المراقبين مُنع من الدخول إلى المدينة.
من ناحيتها، دعت منظمة العفو الدولية، أمس، إلى فتح تحقيق حول التقارير عن عملية القتل في بلدة التريمسة، واعتبرت أنها تمثل دليلاً آخر على ضرورة منح مراقبي الأمم المتحدة حق الوصول الكامل والفوري إلى جميع أنحاء سوريا لإجراء تحقيقات مستقلة في انتهاكات حقوق الإنسان. وقالت المنظمة إن «عشرات الأشخاص قُتلوا عندما قامت قوات الجيش والأمن السورية إلى جانب الميليشيات الموالية للحكومة بمهاجمة بلدة التريمسة، وفقاً لمصادر في المعارضة السورية، فيما اتهمت وسائل الإعلام السورية التي تديرها الدولة جماعات إرهابية بقتلهم». وأضافت أن قرار تجديد مهمة بعثة المراقبين التابعة للأمم المتحدة في سوريا «يجب أن يتضمن رفدها بعدد كاف من خبراء حقوق الإنسان والموارد اللازمة لتمكينها من توثيق الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وغيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة من جميع الأطراف، وإعداد تقارير بشأنها».
إلى ذلك، أشار «المرصد السوري لحقوق الانسان» الى مقتل 56 شخصاً في اعمال عنف في مناطق مختلفة في سوريا. وخرج متظاهرون سوريون الى الشوارع في «جمعة اسقاط انان، خادم سوريا وايران». وقال المرصد إن «متظاهرين غاضبين احرقوا مبنى في بلدة حجيرة الواقعة على اطراف دمشق»، كما اشار المرصد الى «ان القوات النظامية اطلقت النار لتفريق متظاهرين في حيّي السكري والفردوس في مدينة حلب، ووردت معلومات أولية عن اصابة طفل بجروح».
وفي مدينة حماة، اطلقت القوات النظامية قنبلة على تظاهرة في حيّ الحميدية، ما تسبب بوقوع اصابات. وشملت التظاهرات، أيضاً، مناطق عدة في محافظات درعا، وادلب، ودير الزور. وندد المتظاهرون بـ«المجزرة»، التي وقعت في التريمسة، وبـ«الموقف الدولي الصامت» ازاء استمرار العنف والقمع من النظام السوري، كما قتل 25 مدنياً، و24 جندياً نظامياً، وسبعة مقاتلين معارضين، يوم أمس، في اشتباكات وعمليات قصف واطلاق نار في مناطق مختلفة، حسب المرصد.
وفي سياق متصل، انفجرت عبوة ناسفة في سيارة، بعد ظهر أمس، على الطريق الرئيسي لحي المزة في وسط العاصمة السورية، أدت إلى وقوع اضرار مادية، بحسب ما ذكر الاعلام السوري الرسمي. وذكرت وكالة «سانا» أن «مجموعة ارهابية مسلحة» قامت بتفجير السيارة عبر الصاق عبوة ناسفة فيها. وأوضحت أن السيارة «كانت مركونة الى جانب الطريق وفي منطقة تشهد حركة مرورية وتم تفجيرها عن بعد».
واقام عناصر من رجال الامن والجيش طوقاً أمنياً في المنطقة، وأقفل الطريق المؤدي الى المكان بالسيارات العسكرية لنحو نصف ساعة، جرى خلالها نقل السيارة وتنظيف مكان الانفجار قبل أن يسمح للسيارات بالعبور. وتسبب الانفجار بتحطيم الواجهات الزجاجية للمحلات التجارية الواقعة على الطرف الاخر من الشارع، كما تهدمت بعض نوافذ المبنى المكون من سبعة طوابق.
على صعيد آخر، أعلنت الوكالة الروسية العامة، التي تتولّى الصادرات العسكرية، أمس، أن سفينة الشحن الروسية «الايد»، التي اضطرت إلى أن تعود أدراجها في حزيران الماضي، بدون أن تتمكن من تسليم سوريا مروحيات أصلحتها روسيا، غادرت مرفأ مورمانسك. واعلنت الوكالة، في بيان لها، أن «مروحيات الـ ام-آي-25 التي يجب أن تسلّم الى سوريا بعد اصلاحها، وكانت موجودة سابقاً على متن الايد، تبحر من مرفأ مورمانسك نحو أحد مرافئ الاتحاد الروسي». ولم يعرف ما اذا كانت «الايد» هي التي ستسلم مباشرة حمولتها الى سوريا.
وقد أقرت روسيا، في 21 حزيران الماضي، بأن السفينة كانت تنقل مضادات جوية، وثلاث مروحيات «مي-25» تخصّ سوريا، وتمّ اصلاحها في روسيا. وقال مصدر، رفض الكشف عن اسمه، لوكالة «انترفاكس» إنّ سفينتين حربيتين من اسطول البلطيق متجهتين نحو المتوسط يمكن أن تتوليا حماية «الايد».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)