القاهرة | القاهرة كانت على موعد أمس مع تظاهرتين متناقضتين متزامنتين، لكن في مكانين مختلفين. الأولى، بميدان التحرير للمطالبه بإلغاء الإعلان الدستوري المكمل، الذي وضعه المجلس العسكري، وتأييد قرار رئيس الجمهورية محمد مرسي المُلغي لقرار المحكمة الدستورية العليا بعودة مجلس الشعب للعمل، ومنح رئيس الجمهورية كافة الصلاحيات وتطهير مؤسسة القضاء. والثانية، كانت أمام المنصة بمنطقة مدينة نصر، للمطالبة بالتأكيد على ضرورة إبقاء الإعلان الدستوري المكمل وقرار حل مجلس الشعب، وتأييد المستشار أحمد الزند، رئيس نادي القضاة، الذي هاجم رئيس الجمهورية بعد قراره عودة مجلس الشعب للعمل.
في تظاهرة التحرير، شارك أنصار جماعة الإخوان المسلمين، حزب «الحرية والعدالة» وحركة «شباب 6 إبريل» وحركة «حازمون»، المؤيدة للمرشح الرئاسي حازم أبو إسماعيل والجبهة السلفية. وأعلنت حركتا «حازمون» و«6 أبريل» الاعتصام بالميدان حتى إسقاط الإعلان الدستوري المكمل. وفي تظاهرة مدينة نصر، شارك أنصار المجلس العسكري، إضافة إلى أنصار المرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية أحمد شفيق، ومن بينهم عدد من الشخصيات العامة التي تناهض جماعة الاخوان، كالنائب السابق في مجلس الشعب محمد أبو حامد. وبدا واضحاً الفرق العددي بين التظاهرتين، حيث كان عدد من تظاهروا بالتحرير أضعاف من كانوا أمام المنصة.
في غضون ذلك، نظم العشرات من الناشطين السياسيين التابعين لحركة «لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين»، مسيرة من ميدان روكسي بمصر الجديدة إلى قصر العروبة الرئاسي بنفس المنطقة، للإفراج عن المعتقلين والمحاكمين في قضايا عسكرية. وهتف المشاركون في التظاهرة بالحرية للمعتقلين.
في هذا الوقت، أشاد مرسي، خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع ضيفه الرئيس التونسي منصف المرزوقي، الذي يزور القاهرة لمدة يومين، بالمدّ الثوري العربي الذي بدأ من تونس، وتُوج بالثورة الكبرى في مصر. وقال إنّ «هناك أهدافاً مشتركة بين الشعبين المصري والتونسي، منها الاستقرار والتنمية والحرية، كما ينبغي لها أن تكون». وأضاف إن من بين الاهداف أيضاً «الديموقراطية وتداول السلطة والمشاركة في إدارة شؤون البلاد». وقال إنه ينوي زيارة تونس في وقت قريب، تلبية للدعوة التي وجهها إليه المرزوقي.
وعن القضية الفلسطينية، قال مرسي «أعلنا من قبل أننا نقف على مسافة واحدة بين كل الفصائل الفلسطينية، فهم لهم حق تقرير مصيرهم وحق تقرير علاقتهم ببعضهم البعض، ونحن نساعدهم ونؤيدهم ونسعى دائماً إلى أن نكون عوامل داعمة لهم». وأضاف «نحن مع حق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة كما يريدون، ولا نقبل العدوان أو إراقة الدماء على المسلمين في أي مكان». وعن سوريا، قال «نحن مع الشعب السوري في كفاحه، وكذلك ضد التدخل العسكري الأجنبي في سوريا. ويجب أن نتخذ خطوات لحقن دماء الشعب السوري». وأكد أن مصر وتونس متفقتان على دعم الشعب السوري حتى يسترد حريته.
وفي سؤال عما قاله أثناء زيارته للسعودية بأن «السعودية هي راعية مشروع أهل السنّة والجماعة، وأن مصر تحميه»، وما إذا كان هذا التصريح يعني استمرار المقاطعة بين مصر وإيران، قال مرسي «لم أقصد على الإطلاق التوجه بأي فعل سلبي ضدّ أي أحد آخر، لكن قصدت ما بين الدولتين من علاقات، وهو ليس بجديد، وأؤكد على ما هو قائم».
بدوره، أكد المرزوقي أن «ما جمعنا في الماضي كان عميقًا، والآن أصبح أعمق وأعمق». وأشار الى أن هناك توافقاً بين تونس ومصر في القضيتين الفلسطينية والسورية.
في هذه الأثناء، لا يزال الشارع ينتظر الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة، في وقت أعلن فيه القائم بأعمال المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية، ياسر علي، أن مرسي يجري مشاورات مع كل القوى الوطنية في مصر للتوصل إلى الشخصية التي ستتولى رئاسة الحكومة الجديدة. وأعلن أنه سيتم تسمية هذه الشخصية قريباً، بعد أن يستكمل الرئيس مشاوراته في هذا الصدد، بعد عودته من زيارته لأديس أبابا تستغرق يومين، حيث يشارك في القمة الأفريقية، وتبدأ غداً.
من جهته، اعلن رئيس حكومة تسيير الأعمال، كمال الجنزوري، أنه ليس لديه أي علم بموعد تشكيل الحكومة الجديدة، مؤكداً أنه سيستمر في موقعه حتى الإعلان عن تشكيل الحكومة. وكانت أنباء قد وردت عن قيام 10 وزراء في الحكومة بإبلاغ الجنزوري، باستقالاتهم ورغبتهم في عدم الاستمرار في حكومة تسيير الأعمال، لكن مصادر في مجلس الوزراء نفت تلك الأنباء. وأكدت أن موعد إعلان رئيس الحكومة الجديدة اقترب جداً، وقد يكون بعد يومين.
هذا وتبدأ اليوم وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، زياتها الأولى لمصر منذ تولي محمد مرسي مهمّات منصبه. وقالت السفيرة الأميركية في القاهرة، آن باترسون، إن كلينتون «مهتمة جداً بزيارة مصر، ولقاء الرئيس وعدد من رموز المجتمع المدني في مصر».
في سياق مختلف، أعلنت مصادر أمنية تعرض سائحين أميركيين اثنين ومرشدهما المصري، لعملية اختطاف، على يد مجموعة من بدو سيناء، أثناء عودتهم إلى القاهرة من رحلة سياحية. وطالبت المجموعة بالإفراج عن معتقل من سينا لدى الأجهزة الأمنية المصرية.