بعد ثلاثة أيام على الأحداث التي شهدتها بلدة التريمسة في ريف حماة، صرّح الناطق باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي، خلال مؤتمر صحافي في دمشق، أمس، بأن الاحداث التي شهدتها البلدة «ليست مجزرة». وقال إن العملية التي قام بها الجيش «ليست مجرزة أو هجوماً من الجيش على مواطنين»، بل «اشتباك بين الجيش وجماعات إرهابية مسلحة لا تؤمن بالحلّ السياسي». واستند إلى «شهادة رجل جليل» قام بدفن القتلى ليؤكد أن عدد القتلى لا يتجاوز «37 مسلحاً ومدنيين اثنين».
ولفت مقدسي إلى أن قوات حفظ النظام «لم تستخدم الطائرات، ولا الدبابات، ولا المدفعية» في مهاجمة التريمسة، معتبراً أن «كل كلام عن استخدام أسلحة ثقيلة في الهجوم على التريمسة عارٍ من الصحة». وقال إن «خمسة مبان فقط هي التي تعرضت للهجوم من قبل قوات حفظ النظام» في التريمسة، مشيراً إلى أن «الأضرار» في البلدة «اقتصرت على هذه المباني فقط التي اتخذها المسلحون مراكز للقيادة». ورأى أن الرسالة التي بعث بها الموفد الدولي كوفي أنان إلى مجلس الامن، بشأن ما حصل في التريمسة، «متسرعة إلى أبعد الحدود وغير مبنية على ما حدث».
وفي هذا السياق، قالت المتحدثة باسم بعثة المراقبين الدوليين، سوسن غوشة، إنّ وفداً من المراقبين عاد يوم أمس إلى التريمسة لاستكمال تقصّي الحقائق. وأعلن الوفد في تقرير، عقب زيارته الاولى للبلدة، أنّ الهجوم الذي شنّته القوات السورية على البلدة «استهدف على ما يبدو مجموعات ومنازل محددة، بشكل رئيسي الجنود المنشقين والناشطين»، معتبراً أنّ «أسلحة متنوعة استخدمت في الهجوم بينها المدفعية وقذائف الهاون وأسلحة خفيفة». وأعلنت غوشة أن مراقبي المنظمة الدولية عثروا على دماء ومنازل محترقة وآثار نيران مدفعية، لكنها لم تستطع التأكد من تقارير نشطاء أفادت بقتل 220 شخصاً.
ميدانياً، تركزت العمليات الحربية، يوم أمس، في مدينتي حمص والرستن، وتوسعت لاحقاً لتشمل أحياء في العاصمة دمشق، ما أدى إلى مقتل 51 شخصاً غالبيتهم من المدنيين، بحسب «المرصد السوري لحقوق الانسان».
وبلغت حصيلة أمس ما لا يقل عن 18 من القوات النظامية، قتلوا خلال الاشتباكات مع المقاتلين المعارضين، هم ستة في سلقين، وثلاثة في جسر الشغور بريف إدلب، وثلاثة في اعزاز بريف حلب، وخمسة في محافظة دير الزور، وثلاثة في محافظة درعا، بحسب المرصد. وأشار إلى سقوط 12 مقاتلاً معارضاً، بينهم أربعة من المنشقين قتلوا خلال اشتباكات مع القوات النظامية في دير الزور وادلب ودمشق.
ولفت المرصد، في بيان، إلى أن حي التضامن الدمشقي «يتعرض لقصف من قبل القوات النظامية»، مضيفاً أنّ عدداً من القذائف «سقطت على منطقة القرشي في دمشق». وأشار إلى أن «أصوات إطلاق رصاص كثيف تسمع في حي التضامن والحجر الاسود، مترافقة مع سماع أصوات انفجارات وسط معلومات عن سقوط جرحى». كذلك أعلن المرصد السوري لحقوق الانسان أن بعض أحياء دمشق شهدت «أعنف اشتباكات». وأضاف «إن المعارك الأعنف وقعت في أحياء التضامن وكفر سوسة ونهر عايشة وسيدي قداد وقداد. وتحاول قوات الامن السيطرة على هذه الاحياء، إلا أنها لم تتمكن من ذلك حتى الآن».
وشهدت دمشق أيضاً استهداف حافلة كانت تقل عناصر من القوات النظامية بعبوة ناسفة على طريق المتحلق الجنوبي بالقرب من حي الزهور، ما أدى إلى العديد من الإصابات، حسب المرصد. وأوضح المرصد أن محافظة حمص شهدت مقتل 10 مدنيين، هم أربعة في مدينة حمص، بينهم اثنان جراء القصف على حي الخالدية ومدني متأثراً بجراح أصيب بها في حي بابا عمرو، وآخر قتل برصاص قناص بحي باب هود، إضافة إلى مدني في مدينة القصير، وخمسة مدنيين في بلدة الرستن بريف حمص.
وفي مدينة دير الزور، أفاد المرصد عن مقتل أربعة مدنيين في حي الحميدية، إضافة إلى مقتل عسكري منشق ومقاتلين معارضين، أحدهما قائد كتيبة في اشتباكات متفرقة. وفي محافظة حماة، تعرضت بلدة قلعة المضيق للقصف من قبل القوات النظامية السورية، ما أدّى إلى مقتل مواطنين اثنين وإصابة آخرين بجروح، بحسب المرصد. وفي محافظة إدلب، تدور اشتباكات بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين في قرى عين الباردة، وعين السودة. وكانت أعمال العنف قد أدت، يوم السبت، إلى مقتل 115 شخصاً، بينهم 50 مدنياً، بحسب المرصد.
من ناحيتها، رأت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنّ القتال في سوريا صراع داخلي مسلح، بعد أن تجاوز القتال حداً يقول خبراء إنه قد يساعد على وضع أسس لملاحقات قضائية في المستقبل بسبب ارتكاب جرائم حرب.
وكانت الوكالة المعنية بالشؤون الإنسانية قد صنّفت العنف في سوريا باعتباره حروباً أهلية محلية بين القوات الحكومية وجماعات المعارضة المسلحة، في ثلاث نقاط مشتعلة هي حمص وحماة وإدلب. وقال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، هشام حسن، لوكالة «رويترز» إنّه «يوجد في سوريا صراع مسلح غير دولي، لم تتضرر جميع المناطق، لكنه لا يقتصر أيضاً على تلك المناطق الثلاث». وأضاف «ذلك لا يعني أن جميع المناطق في شتى أرجاء البلاد لا تتضرر من العمليات الحربية». وقال حسن «ما يهم هو تطبيق القانون الدولي الإنساني على القتال بين القوات الحكومية وجماعات المعارضة، حيثما يقع في شتى أنحاء البلاد ».
وفي سياق آخر، رصدت سفينة الشحن الروسية «الايد»، التي اضطرت في حزيران الماضي إلى العودة أدراجها من دون أن تتمكن من تسليم سوريا مروحيات أصلحتها روسيا، في شمال الدنمارك يوم أمس، بعدما غادرت الثلاثاء مرفأ مورمانسك في المحيط المتجمد الشمالي. وأكد موقع «مارين ترافيك.كوم»، المتخصص في الملاحة البحرية العالمية، أن هذه السفينة، التي كانت عبرت البحر قبالة السواحل النروجية، تبحر الآن في اتجاه الشرق، أي نحو بحر البلطيق. ومن المتوقع أن تصل السفينة في 17 تموز إلى سان بطرسبورغ، في أقصى شرق البلطيق، كما أعلنت شركة «فيمكو».
لكن لم يعرف هل ستسلّم هذه السفينة، في النهاية، شحنتها مباشرة إلى سوريا أو لا. وكانت وكالة الصادرات العسكرية «روسوبورون _ اكسبورت» قد أعلنت أن مروحيات «ال ام _ آي _ 25»، التي يجب أن تسلّم إلى سوريا بعد إصلاحها، وكانت موجودة سابقاً على متن السفينة الايد، تبحر من مرفأ مورمانسك نحو أحد مرافئ الاتحاد الروسي.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)