رأى رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، غيورا آيلند (الصورة)، أن فُرص إيران في التحول إلى قوة نووية تتجاوز الخمسين في المئة، فيما احتمال تبلور الظروف المناسبة لأن تشن إسرائيل هجوماً عليها تقل عن ذلك. وشبَّه آيلند، في مقابلة مع صحيفة «هآرتس»، معضلة إسرائيل في الاختيار بين شن هجوم عسكري على إيران وبين تحولها إلى دولة نووية بأنها كالاختيار بين «الطاعون والكوليرا»، معتبراً أنه ما كان يجدر بإسرائيل أن تصل إلى مرحلة تضطر فيها إلى الاختيار بينهما.
وعدّد الجنرال في الاحتياط مخاطر كلا البديلين، فرأى أن امتلاك إيران لقنبلة نووية ينطوي على أربعة أخطار رئيسية، أوّلها وأشدها وقعاً أن تستهدف تل أبيب بصاروخ نووي، وهو احتمال صفر برغم أن نتائجه على إسرائيل لن تكون محتملة. والخطر الثاني «أقل حدة، لكن احتمال حصوله أعلى، وهو انطلاق سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط». أما الخطر الثالث فهو تدهور وضع إسرائيل الاستراتيجي في المجال التقليدي، إذ إن أي مواجهة عسكرية تخوضها آنذاك مع حزب الله أو سوريا ستكون تحت مظلة نووية إيرانية، «وستكون نتيجة ذلك إضعاف قوة الردع الإسرائيلية الإقليمية».
أما الذي سيعقّد الوضع أكثر، بحسب آيلند، فهو الخطر الرابع الذي يتمثل في حصول طوفان تطرف إسلامي «من أندونيسيا إلى المغرب»، جوهره أن التصميم الإسلامي قد انتصر وأن الانتصار على الغرب ممكن أيضاً.
وبالانتقال من وصف مخاطر «الطاعون» إلى وصف مخاطر «الكوليرا»، يرى آيلند أن قصف المشروع النووي الإيراني ينطوي بدوره على أخطار: «الخطر الأول أن تفشل العملية، والخوف هو من أننا حتى لو أصبنا فلن ندخل إلى العمق، وإذا دخلنا فسنسبّب ضرراً مادياً ضئيلاً، وإذا سببنا ضرراً مادياً كبيراً فلن تكون النتيجة النهائية ناجحة. وإذا خسرنا عشر طائرات ووقع عشرة طيارين في الأسر وانتهى تهديدنا الكبير كله بأنين ضعيف فلن يكون وضعنا جيداً. وإذا كانت هذه هي النتيجة فسنجد أنفسنا فوراً نواجه الخطر الثاني، وهو ضعف فظيع في قدرة الردع يشجع مختلف أسماك القرش على مهاجمة إسرائيل التي هددت وفشلت، وهي تنزف الآن في الماء. والخطر الثالث هو أنه سواء نجح الهجوم أو فشل فإنه سيعطي الإيرانيين أفضل سبب للاندفاع نحو المشروع الذري علناً، وسيقول الإيرانيون إنهم لم يخططوا لذلك البتة، لكن بعدما هاجمتهم إسرائيل لم يعد لديهم مفر. والخطر الرابع هو أن تهاجم إيران رداً على الهجوم الإسرائيلي الخليج وتضرب أهدافاً أميركية وترفع بذلك سعر النفط إلى 200 دولار للبرميل. وإذا حدث ذلك فسيغضب العالم على إسرائيل، وسيعمل المجتمع الدولي على مواجهتها بطريقة صارمة، وقد تكون التأثيرات بعيدة المدى: من رقابة وثيقة على ديمونة إلى عقوبات اقتصادية من الأمم المتحدة خاصة علينا».
ورأى آيلند أن أفضل وقت للهجوم العسكري كان بين 2007 و 2008، مرجّحاً أن تكون المقدمات الاستخبارية والعملياتية لهجوم كهذا جيدة لدى إسرائيل، إلا أن المشكلة تكمن في نتيجة العملية وقدرتها على وقف البرنامج النووي الإيراني أو تأجيله لبضع سنوات. وشدد على ضرورة أن تلتزم إسرائيل بالموقف الأميركي على هذا الصعيد، «فإذا أمر رئيس الولايات المتحدة إسرائيل بألا تهاجم فلا ينبغي لها أن تهاجم».
وخلص الرئيس السابق لشعبة التخطيط في الجيش الإسرائيلي إلى أنه «إذا لم يوجد حل سياسي مفاجئ، وإذا لم يحصل هجوم عسكري في 2012 _ 2013 فمعنى ذلك التسليم الفعلي بإيران نووية». وأضاف «كي تهاجم إسرائيل يجب التحقق من أن الظروف السياسية للهجوم قد نضجت. وليس احتمال أن توجد كل هذه الظروف صفراً، لكنه أقل من 50 في المئة بكثير. وهكذا فإن احتمال أن تصبح إيران قوة على شفا القدرة الذرية هو احتمال عال جداً يزيد على 50 في المئة».