ارتفعت لهجة روسيا، قبيل انعقاد جلسة مجلس الأمن، بانتقادها لمشروع الدول الغربية. واتهمت، يوم أمس، الدول الغربية بمحاولة «ابتزازها» لحملها على تأييد فرض عقوبات في مجلس الأمن الدولي على النظام السوري. وقال وزير الخارجية، سيرغي لافروف، «يؤسفنا أن نشهد عناصر ابتزاز» في مفاوضات مجلس الأمن الدولي، وذلك خلال مؤتمر صحافي خصّص للنزاع في سوريا قبيل ساعات من لقائه مع المبعوث الدولي كوفي أنان. وأضاف لافروف «قيل لنا إذا لم توافقوا على قرار يستند الى الفصل السابع من شرعة الأمم المتحدة، فإننا سنرفض تجديد تفويض المراقبين». وتابع «نعتبر أن هذه المقاربة تعطي نتائج عكسية تماماً وخطيرة، لأن من غير المقبول استخدام المراقبين كورقة ضغط». واستقبل لافروف أنان، حول مائدة العشاء، وأجرى وإياه مباحثات غير رسمية، عشية اللقاء المرتقب، اليوم، بين أنان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وصرح الوزير الروسي «نسمع تعليقات مفادها أن مفتاح الأزمة في سوريا موجود في موسكو، وعندما نطلب توضيحات يقال لنا إن ذلك معناه أنّ علينا إقناع الأسد بمغادرة الحكم بنفسه».
وأضاف إن الأسد «لن يرحل، لا لأننا ندعمه، بل بكل بساطة لأن قسماً كبيراً من الشعب السوري يدعمه». وتابع «نحن لا ندعم بشار الأسد، نحن ندعم ما اتفقنا عليه جميعاً، خطة أنان وقرار مجلس الأمن الدولي وبيان جنيف». وتابع «من غير المقبول إلقاء كل شيء على روسيا والصين».
وخلال محادثة هاتفية جرت بين لافروف والأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، كرر الوزير الروسي التأكيد على «أهمية تمديد أنشطة الأمم المتحدة في سوريا»، بحسب ما أفاد بيان لوزارته.
وفي السياق، صرح دبلوماسيون بأن روسيا تعرقل منذ الجمعة الماضي مشروع بيان لمجلس الأمن الدولي يدين استخدام القوات السورية أسلحة ثقيلة في التريمسة، بوسط سوريا. ويؤكد مشروع القرار أن استخدام الجيش السوري للمدفعية والمصفحات والمروحيات يشكل «انتهاكاً لالتزامات وتعهدات» دمشق لتطبيق خطة المبعوث الدولي كوفي أنان واحترام قرارات الأمم المتحدة والقوانين الدولية. لكن روسيا تعتبر أن ما جرى في التريمسة «ليس واضحاً» كما قال دبلوماسي. وقبل أن تتخذ موقفاً من مشروع البيان، تطالب موسكو بأن يقدم رئيس بعثة الأمم المتحدة في سوريا الجنرال روبرت مود الى المجلس خلاصة ما لاحظه مراقبو الأمم المتحدة في المكان.
من ناحيته، قال وزير الخارجية الفرنسي السابق، آلان جوبيه، أمس، إنّ «روسيا متعنتة، وترفض أي تدخل للأمم المتحدة في سوريا. يجب التنديد بهذا الموقف الإجرامي، أعتقد أن هذه الكلمة ليست قوية كفاية».
وتابع «الحظر على الأسلحة غير متوازن، بما أننا نعلم أن النظام السوري يتلقى أسلحة على الأرجح من روسيا، في حين أن الجيش السوري الحر لا يحصل على أسلحة. يجب تصحيح هذا الخلل، يجب أن تطرح في الأمم المتحدة بوضوح مسألة الحظر على الأسلحة».
من جهته، أكد وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي استعداد طهران لتسهيل الحوار بين المعارضة السورية وحكومة بلادها، مشيراً الى أن إيران كان لديها منذ فترة اتصالات مع مجموعات من المعارضة السورية. ونقلت وكالة «مهر» الإيرانية عن صالحي قوله في مؤتمر صحافي، عقده في تركمانستان، إن «الرئيس السوري بشار الأسد عيّن مؤخراً علي حيدر وإحدى الجهات لإجراء حوار مع المعارضة، ونحن بدورنا أعلنا استعدادنا لتسهيل الحوار بين المعارضة والحكومة
السورية».
وأشار صالحي إلى أن إيران كان لديها منذ فترة اتصالات مع قسم واسع من المعارضة السورية، وأنّ هناك مشاورات بين الجانبين، مضيفاً «نسعى إلى تهيئة أرضية الحوار بين المعارضة والحكومة السورية».
ورأى وزير الخارجية الإيراني أن على «دول المنطقة والمحبة للسلام في المنطقة التعاون في ما بينها على الدوام من أجل الخروج من الأزمة المفتعلة في سوريا، والتحرك بأفضل شكل في هذا الاتجاه بغية الحصول على النتيجة النهائية من أجل مصلحة الشعب السوري وشعوب المنطقة والمجتمع الدولي».
غير أن رئيس المجلس الوطني السوري، عبد الباسط سيدا، رفض العرض الإيراني.
وقال في اسطنبول إن إيران منحازة لنظام الرئيس بشار الأسد. وأضاف إنه بالطبع لا بأس بوساطة أي دولة، لكن في ما يتعلق بإيران فإنها انحازت لطرف في الصراع.
كما عبر سيدا عن تشاؤمه بشأن روسيا بعدما قالت موسكو إنها ستعرقل تحركات داخل مجلس الأمن الدولي لتمديد تفويض بعثة مراقبي الأمم المتحدة إذا لم تكف القوى الغربية عن اللجوء إلى الابتزاز من خلال التهديد بفرض عقوبات على
دمشق.
وقال سيدا إنه على الرغم من أن شهر رمضان سيبدأ بعد بضعة أيام، فإنه لا يتوقع أن تنخفض أعمال العنف. وأضاف إنه يعتقد أن هذا النظام لا يحترم شهر رمضان أو أي شهر آخر.
بدوره، أعرب وزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ، عن أمله بأن تساعد زيارة كوفي أنان على تغيير الموقف الروسي المعارض لإقامة حكومة انتقالية في هذا البلد.
وقال هيغ، أثناء زيارة له للعاصمة الليبية، «من الضروري الحصول على قرار من مجلس الأمن الدولي، تحت الفصل السابع، يسمح بتنفيذ خطة كوفي أنان وتشكيل حكومة انتقالية» في سوريا.
وفي سياق آخر، يعدّ الاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة لفرضها على النظام السوري، يتوقع تبنيها في الأسبوع المقبل، على ما أفادت مصادر أوروبية.
وتتواصل المحادثات حول الشخصيات والكيانات الجديدة المستهدفة، وحول عقوبات اقتصادية محتملة.
وستطرح العقوبات، التي يجري إعدادها، على الوزراء الذين يجتمعون في بروكسل في 23 تموز
المقبل.
(ا ف ب، رويترز، يو بي آي)