فيما لا تزال حالة الحذر مسيطرة على الموقف في اسرائيل، حيث تتجنب الاستخبارات الوقوع في فخ تحديد فترات زمنية لسقوط النظام السوري، أعطت هذه الاستخبارات لنفسها هامشاً يصل الى سنتين ونصف السنة، قبل أن تتحقق «النبوءة»، فيما حذر البيت الأبيض الحكومة السورية أمس من أنها ستُحاسب على اسلوب التعامل مع اي أسلحة كيميائية في حيازتها وطريقة تخزينها. الموقف نفسه صدر عن باريس التي قالت إنها «تشعر بالقلق» من «الأنباء التي تشير الى تحرك لأسلحة كيميائية في سوريا على أيدي نظام دمشق.
في هذا الوقت، استبعد رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (امان)، اللواء افيف كوخافي، تدخل «الحلف الأطلسي أو الولايات المتحدة في سوريا»، عازياً ذلك الى «انعدام الحافز لديهم» على خطوة من هذا النوع. وأعرب كوخافي عن تخوفه من «تحول هضبة الجولان الى ساحة عمليات ضد اسرائيل، بشكل يشبه ما يجري في صحراء سيناء، نتيجة تزايد تمركز الجهاد العالمي في سوريا»، ومشدداً في الوقت نفسه على استبعاد حصول صدام بين اسرائيل وسوريا، «ولو في مخرج أخير للرئيس الأسد».
واضاف كوخافي، خلال تقرير قدمه أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، ان الاستخبارات تقدر بأن «الأسد لن يتمكن من تجاوز التمرد، حتى لو اخذ الأمر مزيداً من الوقت»، قائلاً «لا اريد ان احدد رقماً محدداً، هذا سيأخذ بين شهرين وسنتين، لكن يمكن أن يأخذ ايضاً سنتين ونصف السنة».
في المقابل، حذَّر رئيس «امان»، من وجود خطر متزايد على السلاح الاستراتيجي الموجود في سوريا ومن مسار عرقنة سوريا، مشدداً على وجود «متابعة متواصلة لإمكانية ان تنزلق الأسلحة المتقدمة وغير التقليدية، من سوريا الى المنظمات الإرهابية». ولفت كوخافي الى ان عدد الذين فروا من الجيش السوري بلغوا حتى الآن نحو 13 الف جندي وضابط، وانه تم اغتيال ما بين 60 و70 ضابطاً كبيرا قُتلوا على أيدي المعارضة السورية. ورأى ان الاستخبارات الاسرائيلية تشخّص «عدم وجود معارضة منظمة تحاول ان تقود حالة التمرد، بل تكاثر في عدد المجموعات المختلفة فيما بينها من الناحية الايديولوجية». وتابع أنه وفقاً لتقديرات شعبة الاستخبارات فإن هجمات المعارضة طالت منشآت إستراتيجية في سوريا ومن ضمنها قوات الجيش والشرطة ومبان حكومية وشخصيات سياسية.
اما لجهة تطورات الساحة المصرية، فقد اعتبر كوخافي أن هناك «صراعاً علنياً وواضحا بين الجيش والتيارات الإسلامية»، داعيا الى ضرورة رؤية الصورة الشاملة لجهة ان نتائج الانتخابات أظهرت أن ما يقرب من 50 في المئة من المصريين لا يريدون الاسلاميين. ورأى كوخافي ان الرئيس المصري، محمد مرسي، يعتبر الشخصية رقم اثنين في منظمة الإخوان المسلمين، الامر الذي يمس بثقته وقدرته على اتخاذ القرار ويفرض عليه ان يسأل القيادة التي بقيت خارج الرئاسة. ورأى كوخافي ان مصر تدار الآن، برأسين، اسلامي وعسكري، وأنه منذ نشوب الهزة في مصر، ايران تحاول التقارب والتأثير على ما يجري، ولكن حتى هذه اللحظة لا تحظى بأي اهتمام يُذكر. وتطرق رئيس امان الى الوضع في سيناء، مشيراً الى ان المنطقة موجودة في مرتبة هامشية على جدول أعمال النظام المصري، ومضيفاً أن «المنظمات الارهابية في سيناء يمكن ان تحاول انتاج ازمات سياسية عبر تنفيذ عمليات». واكد كوخافي انه «تم في الفترة الأخيرة إحباط أكثر من 10 مخططات لهجمات دموية»، وأنه في هذه الأيام أيضا تجري مراقبة استعدادات لتنفيذ هجمات ضد أهداف إسرائيلية من سيناء.
من جهة ثانية (رويترز، أ ف ب)، أكد مسؤولون غربيون واسرائيليون أن حكومة الرئيس السوري تقوم فيما يبدو بنقل بعض الأسلحة الكيميائية في الخفاء من مواقع تخزينها، لكن لم يتضح ما اذا كانت العملية إجراءً أمنياً محضاً وسط الفوضى التي يشهدها الصراع السوري أم أنها تنطوي على أمور أخرى. وقال المتحدث باسم البيت الابيض جوش ايرنست، على متن طائرة الرئاسة الأميركية المتجهة الى تكساس عندما سئل بشأن تقارير اخبارية عن مخزون الاسلحة الكيميائية «توجد مسؤوليات معينة تقترن باسلوب التعامل وتخزين وأمن هذه الأاسلحة الكيميائية». وأضاف «نعتقد ان الافراد المسؤولين عن الالتزام بمثل هذه التحديات يجب ان يفعلوا ذلك، وانهم سيحاسبون على عمل ذلك». لكنه قال انه لا يمكنه التعليق على أي تقارير استخبارية محددة بشأن الاسلحة الكيميائية التي لدى سوريا. بدوره، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو: «تلقينا بقلق معلومات تشير الى تحركات لأسلحة كيميائية على أيدي نظام دمشق. وسواء كانت شائعات أو معلومات، فإننا نسعى الى معرفة الحقيقة. وهذا امر يدعو للقلق الشديد».