تصرّ الأميرة السعودية، سارة بنت طلال بن عبد العزيز آل سعود، على موقفها الرافض لمحاولات ثنيها عن قرارها طلب اللجوء السياسي إلى بريطانيا. وجددت تأكيدها، في حوار أجرته معها «الأخبار»، رفضها المساومة على مطلبها بمحاسبة الفاسدين في المملكة ولا سيما في الديوان الملكي وعلى رأسهم رئيس الديوان خالد التويجري، ومحاسبة الفاسدين في الجهاز الدبلوماسي للمملكة وفي القضاء الشرعي. وأكدت أنها ترفض «التخلي عن طلب اللجوء السياسي مقابل اعادة منحها جواز السفر السعودي» بقولها «يريدون الحل فأنا موافقة، ولكن أن يكون شاملاً، وتبدأ عملية محاسبة الفاسدين في أجهزة الدولة فعلاً لا قولاً». وأضافت «الشعب السعودي يريد محاسبة كل من أساء اليه، وأنا اتخذت قراري بمحاربة الفساد في المملكة ولا تراجع عن هذا القرار»، مشيرةً إلى أن هناك فئات واسعة من الشعب السعودي تدعمها معنوياً في معركتها ضد الفاسدين والمفسدين في مؤسسات الدولة. الأميرة السعودية، التي نفت أن تكون قد غادرت منزلها في العاصمة البريطانية كما أشيع، لفتت إلى أن معركتها ضد الفساد والمفسدين «ليست مرتبطة بما جرى في قضايا الميراث العائلي الخاص بي، وإنما الأمر منفصل تماماً عن هذه القضية ولا علاقة له بطلب اللجوء السياسي في بريطانيا». وأضافت «أرفض التخلي عن طلب اللجوء السياسي مقابل منحي جواز سفر دبلوماسياً»، معلنةً أنها تدرس تأسيس جمعية أو تيار يدير معركة محاربة الفساد والمفسدين في المملكة السعودية. وقالت «أنا من العائلة الملكية وتعرضت لكثير من المضايقات من قبل متنفذين وفاسدين في مؤسسات الدولة»، وأضافت «إذا أنا تعرضت لأفعال كهذه مسيئة لحياتي الانسانية والاجتماعية، فكيف حال المواطن السعودي الذي لا نسمع صوته وأنينه من ممارسات غير اخلاقية أو انسانية؟».
وبعدما شددت على أن «السعودية بحاجة ماسة إلى بدء عملية محاسبة القضاء الفاسد، وطرد القضاة الفاسدين»، أكدت أن واجبها الوطني تجاه بلادها وأمتها «يحتم عليّ أن أبادر إلى العمل في القضايا الحقوقية والاجتماعية والثقافية لخدمة الشعب السعودي وحريته». وأوضحت أن «هناك استحالة في اعطاء نتائج مرجوة اذا بقي انتقادنا سرياً أو في الغرف المغلقة». وأضافت «الانتقاد السري غير العلني يعطي ملاذاً آمناً للفاسدين للاستمرار في أفعالهم السيئة على حساب الوطن والمواطن الذي يتضرر من هذه القوى الخفية الفاسدة التي تعوق التنمية والتطور في بلادي». وأكدت أنها تؤمن بما «أجمع البشر على احترامه وهو العدل والحرية وحفظ الكرامة الانسانية واستقلال القضاء والشفافية في المحاسبة والمشاركة الشعبية في بناء الدولة ومؤسساتها». وأضافت «أؤمن بكل يقين أن الدين الإسلامي فيه منظومة كاملة تحمي هذه المبادئ وتضمن تحقيقها ولكن بشرط أن يجتهد الجميع حكاماً ومحكومين في الأخذ بتعليمات هذه التشريعات التي تضمن تحقيقها ولا يكتفي بزعم تطبيق الشرع بالشعارات».
وتمنت الأميرة سارة على القيادة السياسية في السعودية أن «تعمل فعلياً على استقلال القضاء وفرض سلطته على كل شؤون الدولة»، مشددةً على أن «العدل لا يمكن تحقيقه إلا بذلك». وأضافت «لكي يكتمل هذا المدخل للعدل، لا بد من حل أكثر الملفات سخونة في البلد وهو ملف المعتقلين السياسيين وغير السياسيين». وأعربت عن اعتقادها بأن «أفضل حل لمشكلة المعتقلين هو تطبيق نظام الإجراءات الجزائية»، مبديةً استغرابها «كيف تقره الدولة ويوقع الملك على اعتباره نظاماً ولا يطبق على المعتقلين». وقالت «لقد أخبرني من اطلع على النظام (الاجراءات الاحترازية) أنه جمع بين عدالة الإسلام والتجربة البشرية المفيدة في ضمان حقوق الناس. ولهذا لا أرى أحداً يعترض على تطبيقه على كل المعتقلين مهما كانت اسباب اعتقالهم وفي مقدمتهم من يعتقد أنهم معتقلو الرأي».
ومن بين المطالب الاضافية التي تحدثت عنها الأميرة السعودية، التي ترفض القول إنها انشقت عن العائلة المالكة، المزيد من حرية التعبير في السعودية، وتخفيف قبضة الدولة على الإعلام تدريجياً إلى أن يصبح الإعلام مستقلا كله عن الدولة. وقالت «لا يوجد في العالم حرية مطلقة، وبالتالي فإنني أذكر بأن هذه الحرية يجب أن تكون تحت مظلة القضاء السعودي المستقل الذي ينظمها وينظر في من يخالف بحيادية بدل تركها لمزاجية بعض القضاة الذين يحكمون إما وفق أهوائهم الشخصة أو بتوجيهات سياسية». كذلك شددت سارة على أهمية «حرية إنشاء الجمعيات والمؤسسات الحقوقية والخيرية وغيرها من النشاطات المدنية السلمية التي تشكل بمجملها المجتمع المدني التنموي الذي يدل على الرقي والتطور الحضاري في الدول».
وأكدت سارة بنت طلال أن القضاء على الفساد الاداري في السعودية «يحتاج أولاً إلى الشفافية واطلاع الشعب السعودي على الحقائق الاقتصادية والسياسية والتنموية، وتمكين المواطن من معرفة المعلومة التي يريدها عن وطنه بكل حرية وشفافية». وحذرت من أن «اخفاء الفساد وحماية الفاسدين يعطلان العملية التنموية بشكل كامل لعشرات السنين»، مؤكدةً أن السعودية تمتلك «مقومات لنهضة تنموية جبارة ولا ينقصنا أي أمر سوى التنمية البشرية وتوفير ما يحقق للشعب السعودي تطلعاته من خلال الاستفادة من عوائد النفط بشكل ممنهج وواضح لا استغلال فيه او تضيع الاموال على مشاريع وهمية». وفي السياق، طالبت «بجهاز محاسبة مستقل يشرف على صناديق المشاريع الحقيقية».
وشددت على أن «إنشاء جهات مستقلة تعمل على الرقابة والمحاسبة لا يحصل إلا بمشاركة كاملة من خلال تشكيل هيئات المجتمع المدني حيث تصل للمسؤولية من خلال إحدى وسائل الانتخاب التي تناسب واقع المملكة وطبيعة مجتمعها». وأكدت أن «المجتمع السعودي يتمتع بديناميكية رائعة. وهو مواكب لمتغيرات العصر بشكل يدعو الى الاعجاب ولا ينقصه الا اتخاذ القرار السياسي»، داعيةً إلى «تأسيس مجلس شورى أو مجالس مناطق سعودية منتخبة أو لجان منتخبة». وقالت «على السعودية أن تدخل في عصر الانتخاب، وأن نقبل جميعنا بمبدأ الانتخاب واختيار مجالس تمثيلنا أولاً، ثم نحدد التفاصيل لاحقاً». وأكدت أنه «إذا حققنا الحرية والعدالة والمشاركة السياسية والشفافية والمحاسبة في السعودية، فسوف نحقق التنمية الصحيحة ونستطيع حل مشاكل البطالة والفقر وغيرها من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والتحديات الوطنية».



أوضحت سارة بنت طلال أنها تستمر في تواصلها مع قيادات في السعودية، من دون أن تذكر ما إذا كان الملك عبد الله بن عبد العزيز من بينهم. وأضافت «يتقبلون الانتقاد الذي أقوله، وقد اوصلت من خلالهم أن استغلال النفوذ في مؤسسات المملكة ليس قوة وإنما هو ضعف وعمل جبان وقلة حيلة».