حقق تحالف القوى الوطنية في ليبيا فوزاً ساحقاً على خصومه الإسلاميين في انتخابات المؤتمر الوطني الليبي، الا أن الصورة لن تتضح قبل معرفة عدد المستقلين الفائزين الذين ينتمون للتيار الإسلامي. ورغم أن التحالف، الذي يقوده رئيس الوزراء السابق بعد الثورة محمود جبريل، حصل على 39 مقعداً من عدد المقاعد المخصصة للكيانات السياسية التي تبلغ 80 مقعداً، إلا أن المقاعد المخصصة للأفراد وهي 120 مقعداً من أصل 200 تشكّل هاجساً له لاحتمال وقوعها في أيدي الإسلاميين. واستطاع التحالف، الذي يقوده جبريل ويمثل التوجه الليبرالي (يضم في عضويته ما يزيد على 40 حزباً صغيراً والعشرات من منظمات المجتمع المدني)، اكتساح جميع المدن الليبية بفوزه الساحق في 10 دوائر انتخابية من 13 دائرة، قسمت على أساسها العملية الانتخابية في كامل أنحاء البلاد.
وفيما أظهرت النتائج التي أعلنتها مفوضية الانتخابات بصورة رسمية ذلك الفوز الساحق للتحالف، حل الإخوان المسلمون الذين يتمثلون في «حزب العدالة والنماء» في المرتبة الثانية بحصولهم على 17 مقعداً، فيما حصل «حزب الجبهة الوطنية» على 3 مقاعد، بينما توزعت بقية المقاعد على بقية الكيانات الصغيرة بواقع مقعد لكل منها.
ووفقاً لما أكده مراقبون محليون لسير هذه الانتخابات لوكالة «يونايتد برس انترناشونال»، فإن الأحزاب الفائزة في هذا المؤتمر لن تستطيع بمفردها وفق هذه النتائج فرض الغالبية إلا عن طريق التحالف لضمان أكبر عدد من المقاعد. وتوقع هؤلاء المراقبون أن يتمكن الإسلاميون من السيطرة على الغالبية عن طريق المرشحين المستقلين، مرجعين ذلك إلى ما صرح به عدد من قادة الأحزاب الإسلامية من أن العديد من المستقلين هم من أتباعهم.
وسيضم المؤتمر الوطني العام عشرات الأعضاء المستقلين إلى جانب القوائم الحزبية ضمن مقاعده البالغة 200 مقعد، ولا تسمح هذه التشكيلة باعطاء صورة واضحة حتى الآن عمن يهيمن في هذه الجمعية العامة ما دامت نسبة 120 مقعداً منها قد خصصت أصلا للمستقلين، الذين لم تحدد بعد كيف ستكون تحالفاتهم مع الأحزاب السياسية البارزة.
وحسبما هو محدد، فإن الفائزين في هذه الانتخابات سينتظرون أسبوعين لعقد أول جلسة للمؤتمر بعد انتهاء فترة تقديم الطعون والشكاوى على نتائج الانتخابات. وإذا لم تسفر الطعون عن أي تعديلات أو إلغاء بعض النتائج يعقد المؤتمر في أواخر الشهر الجاري أول جلسة علنية لاختيار رئيس له من بين المنتخبين الأكبر سناً، في الوقت الذي يعلن فيه المجلس الوطني الانتقالي الذي يترأسه حالياً مصطفى عبد الجليل، حل نفسه ونقل جميع صلاحياته إلى المؤتمر الجديد.
وسيكلّف المؤتمر الوطني رئيس وزراء جديداً لاختيار طاقمه الوزاري على أن يعرض الأسماء عليه لإقرارها أو تعديلها، فيما سيشرع وفق التعديل الجديد في الإعلان الدستوري بإجراء انتخابات لاختيار 60 عضواً للجنة التأسيسية لإعداد دستور البلاد على أن يتم اختيارهم بواقع 20 عضواً عن كل إقليم من أقاليم طرابلس وبرقة وفزان.
في غضون ذلك، رحب الأمين العام لحلف شمالي الأطلسي اندرس فوغ راسموسن، بنتائج الانتخابات في ليبيا، وقال راسموسن في بيان «أُهنئ الشعب الليبي بعد اعلان نتائج اول انتخابات نظمت في البلاد في نحو نصف قرن». وأضاف أن «هذه الانتخابات تعتبر خطوة مهمة جداً الى الأمام على طريق الانتقال الى الديموقراطية بعد اكثر من 40 عاماً من النظام الديكتاتوري».
وقال راسموسن «الحلف الأطلسي يفتخر بالدور الذي اضطلع به مع شركائه لحماية الشعب الليبي تطبيقاً لتفويض مجلس الأمن الدولي» في اشارة الى تدخل تحالف عسكري غربي خلال سبعة أشهر في 2011 دعما للثورة المسلحة التي أطاحت نظام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.
بدوره، هنّأ وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، السلطات والشعب في ليبيا على نجاح الانتخابات وأكد على مواصلة دعم بناء دولة القانون والمؤسسات في هذا البلد. وقال فابيوس إن فرنسا «تحيي بشكل خاص المشاركة المهمة في الانتخابات والتنظيم الجيد». وأضاف أن فرنسا «على ثقة بأن المشرعين الجدد سيعينون على الفور شخصية بصيرة ونشطة وقادرة على جمع الليبيين حول مشروع مشترك لعملية الانتقال السياسي يؤدي إلى استكمال الانتقال السياسي».
إلى ذلك، أكد المدير العام للشركة الليبية ـ القطرية في طرابلس، وحيد برشان، أن الانتخابات التي حصلت في ليبيا بعثت رسائل طمأنة قوية الى الاستثمار الأجنبي في البلاد. وقال برشان حول انتخابات المؤتمر الوطني العام التي حدثت في ليبيا في 7 تموز الجاري، إن «التنوع في النتائج التي أظهرتها الإنتخابات جسّد هذا الطرح».
(يو بي آي، أ ف ب)