نواكشوط | وسط اهتمام دولي غير مسبوق بشمال مالي، نفت الحركة الوطنية لتحرير أزواد أن تكون قد تراجعت عن إعلان استقلال الإقليم، خلافاً للمعلومات التي تداولتها وكالات الأبناء الدولية بهذا الخصوص. وأكد بيان الناطق باسم الحركة، موسى أغ أساريد، أن الحركة ماضية في «كفاحها من أجل الحرية والكرامة والعدالة للشعب الأزوادي بكل مكوناته»، مشيراً إلى أن فلسفة الحركة تقوم على الديموقراطية والحرية وتسعى لبناء نظام سياسي يفصل بين «الدين والدولة» ويعتبر المعتقد «قضية شخصية للفرد».
وأعرب أغ أساريد عن استعداد حركته للتفاوض من أجل التسوية النهائية والدائمة لنزاعها مع مالي الذي عمره أكثر من خمسين سنة، متعهداً في حالة اعتراف المجتمع الدولي بشرعية الحركة والدولة الأزوادية بالمساهمة فى محاربة من وصفهم بالإرهابيين والمهربين الذين يهددون منطقة الساحل الأفريقي.
الإقليم الذي أعلنته الحركة الوطنية لتحرير أزواد في مطلع نيسان الماضي دولة مستقلة من جانب واحد، بدأ يجذب الاهتمام الدولي بالرغم من تزايد عدد اللاجئين منه إلى دول الجوار بسبب المعارك الطاحنة بين الحركة وبعض الجماعات الإسلامية المسلحة، وخصوصاً أنصار الدين المتحالفين مع القاعدة وتنظيمات أخرى.
وفي خضم هذه التطورات، قرر الأوروبيون تأليف بعثة جديدة لسياسة الأمن والدفاع المشترك تدعم «محاربة الجريمة المنظمة والإرهاب» في منطقة الساحل الأفريقي، وستبدأ هذه البعثة المدنية العمل الشهر المقبل من النيجر، فيما قد توسع عملياتها إلى كل من موريتانيا ومالي. وأشار البيان إلى أن مهمة البعثة «تندرج في إطار استراتيجية الاتحاد الأوروبي للأمن والنمو في الساحل الأفريقي وتأتي استجابة لطلب من حكومة النيجر».
وقالت مسؤولة العلاقات الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، كاثرين آشتون، إن «زيادة النشاط الإرهابي وعواقب النزاع في ليبيا زادا من انعدام الأمن في الساحل»، مشيرة إلى أن «البعثة الجديدة ستسهم في تعزيز القدرة المحلية على محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة». وبتزامن مع القرار الأوروبي، أولت واشنطن عبر وسائل إعلامها اهتماماً غير مسبوق بالإقليم الساحلي، وركّزت وسائل إعلام أمريكية واسعة الانتشار على ما يجري في الإقليم.
ورأت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، أنه في ظل فرار مئات اللاجئين الماليين من «حكم إسلامي يلوح في أفق شمال مالي» وتخبّط غربي يقابله عجز أفريقي، تدخل الأزمة الدائرة في البلاد مرحلة يبدو فيها الوصول إلى حل أمراً بعيد المنال. وأوضحت الصحيفة أن قادة الدول الأفريقية لم ينجحوا في اجتماعهم الأخير في أديس أبابا في التوصل إلى حل في هذا الصدد، في الوقت الذي ينجح فيه الإسلاميون في مالي، يوماً بعد يوم، في إحكام قبضتهم على شمال البلاد. وأشارت الصحيفة إلى أن بعض قادة الحركة الوطنية لتحرير أزواد، الذين أعلنوا استقلال شمال مالي، «تم إبعادهم وطردهم من البلاد من قبل الإسلاميين ليلجأوا إلى العاصمة الموريتانية نواكشوط كملاذ لهم».
وفي موريتانيا التي تجد بعض قبائلها الامتداد التاريخي في الشمال المالي والجنوب الجزائري، استنكرت الزوايا الصوفية القادرية والتيجانية والشاذلية هدم الجماعات السلفية المسلحة الأضرحة وتدنيس قبور العلماء والصالحين في شمال مالي. ودانت عشرات المؤسسات في بيان نشر في نواكشوط ما وصفته بالأفعال «البشعة» التي تقوم بها «إحدى الفرق المارقة» من تدمير للآثار الإسلامية وتدنيس لقبور العلماء الصالحين في شمال مالي. ودعا بيان الطرق الصوفية كل المسلمين إلى «نبذ العنف في ما بينهم، ومع غيرهم».