رغم أن انسحاب حزب «كديما» من حكومة بنيامين نتنياهو لن يؤدي بشكل دراماتيكي إلى حصول انتخابات مبكرة، كما كانت الأجواء قبل حوالى سبعين يوماً عندما قطع انضمامه إلى الحكومة الطريق على مسار إجراء انتخابات مبكرة، المؤكد هو أن الحكومة الإسرائيلية الحالية لن تتمكن من استكمال ولايتها حتى تشرين الثاني من عام 2013.
في الإطار نفسه، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن التقديرات السائدة في صفوف حزب الليكود تشير إلى أن نتنياهو يسعى حالياً للمحافظة على الائتلاف الحكومي إلى ما بعد الأعياد اليهودية، في أوائل تشرين الأول المقبل، انطلاقاً من أن الكنيست سيدخل الأسبوع المقبل في عطلته الصيفية التي لن يعود منها قبل الأعياد، ما سيسهل على نتنياهو المحافظة على حكومته طيلة الشهور الثلاثة المقبلة.
رغم ذلك، الحقيقة المقطوع بها أن الانتخابات العامة تقترب، وبات اللااستقرار هو سمة الائتلاف الحكومي الذي يبدو أنه يترنح، وخاصة أن رئيسها بات يراهن على عطل قانونية، وعلى انشقاقات وانضمام أعضاء من «كديما»، وعلى موقف حزب إسرائيل بيتنا.
في ضوء ذلك، ستؤدي حالة اللايقين الداخلية إلى ارتفاع منسوب البعد الانتخابي والجماهيري في المواقف السياسية لكل من الحكومة والمعارضة في كل القضايا المطروحة على الساحة الإسرائيلية، وخصوصاً أن السوابق تؤكد أن إطلاق مواقف من كافة القضايا، بما فيها تلك التي تتصل بالأمن القومي الإسرائيلي، يخضع أيضاًَ لحسابات انتخابية وشخصية.
من ناحية أخرى، سيكون لانسحاب «كديما» تأثيرات من نوع آخر، فهو أعاد مركز الثقل إلى «إسرائيل بيتنا» الذي يتزعمه أفيغدور ليبرمان، باعتباره الشريك الأكبر في الائتلاف الحكومي.
أما لجهة مصير الحكومة، فقد أعلن ليبرمان، في مقابلة مع إذاعة الجيش، «نحن لسنا في طريق الخروج من الحكومة. ومن يتحدّث عن انسحاب، واضح أنّ ما يعنيه هو إسقاط الحكومة». أما في ما يتعلق بمحور التجاذب الرئيسي بين الأحزاب والشخصيات الإسرائيلية، والذي أدى إلى زعزعة الحكومة ووضعها على أبواب انتخابات عامة، فهو هذه المرة داخلي بامتياز، ويتركز تحديداً حول مسألة تجنيد «الحريديم» والفلسطينيين في الجيش، تحت شعار المساواة في توزيع عبء الخدمة العسكرية على جميع المواطنين، والتي تسعى العديد من القوى السياسية إلى فرضها على رأس أولويات جدول الأعمال في إسرائيل.
حول ذلك، رأى ليبرمان أن «من هو قلق حقاً على مسألة التجنيد مُلزم بتأييد اقتراح قانون إسرائيل بيتنا»، الذي قدمه بديلاً لـ«قانون طال»، مضيفاً أنه «حتى لو لم يتم تبنّي أي قانون حتى شهر آب، علينا الحؤول دون قانون أبتر»، ومُعلناً أن «إسرائيل بيتنا» سيصوّت في الحكومة والكنيست ضد مشروع «يعلون» للتجنيد، لكونه «يمنح إمكانية لاستمرار ما كان». وأكد ليبرمان أن حزبه «سيعارض أي قانون لا ينص على تجنيد العرب وجميع سكان إسرائيل من عمر 18 عاماً».
في السياق نفسه، أكدت تقارير إعلامية أن فرصة إمرار مشروع قانون يعلون ضعيفة، وخاصة أنه إلى جانب معارضة «إسرائيل بيتنا»، لا يضمن نتنياهو تأييد «الحريديم»، كذلك فإنه ليس واضحاً عدد أعضاء الكنيست من حزب كديما الذين سيصوّتون لمصلحته. لكن رغم ذلك سيبذل رئيس الحكومة جهوده لإمرار القانون بهدف تحقيق إنجاز ما، وبهدف التغطية على فشل تأليف حكومة وحدة.
من جهة أخرى، شهد الكنيست الإسرائيلي، أمس، محاولة فاشلة لإجراء انتخابات مبكرة، جراء سقوط اقتراحي قانون حل الكنيست وتقديم موعد الانتخابات، في قراءة تمهيدية طرحها رئيس كتلة العمل يتسحاق هرتسوغ، ورئيس كتلة ميرتس زهافا غلآؤون، بأغلبية 53 عضو كنيست في مقابل 27، وأيّد الاقتراح 10 نواب من كتلة كديما، فيما لم يحضر التصويت رئيس الحزب شاؤول موفاز ورئيس الكتلة داليا ايتسيك، كما أيّده نواب من حزب العمل، وميرتس والكتل العربية. وعارضه أعضاء كنيست ينتمون إلى كتل الائتلاف، من الليكود وشاس وإسرائيل بيتنا وعتسماؤوت ويهدوت هتوراة والبيت اليهودي.
من جهة أخرى، يسود اعتقاد في الأوساط السياسية الإسرائيلية أن ما دفع موفاز إلى الاستقالة من الحكومة في هذه المرحلة، إلى جانب الخلاف الجوهري مع نتنياهو بشأن قانون التجنيد، هو رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت، الذي أكد مسؤولون رفيعون في «كديما» أنه تحدث مع أعضاء كنيست مقرّبين منه يطالبهم بالعمل من أجل عرقلة استقالة «كديما» من الحكومة وتأجيلها، على الأقل إلى ما بعد العطلة الصيفية، منتصف تشرين الاول المقبل. وربطت هذه الأوساط هذا الطلب بأن أولمرت يأمل أن تكون المسائل القضائية وراءه، بما يمكّنه من العودة إلى الساحة السياسية، الأمر الذي دفع موفاز إلى اتخاذ قرار الانسحاب من الحكومة.