قتل ثمانية إسرائيليين على الأقل وأصيب 27 بجروح مختلفة، من بينهم حالات ميؤوس منها، جراء تفجير وقع أمس في حافلة تقل سياحاً إسرائيليين في مدينة بورغاس البلغارية. وسارع رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى توجيه إصبع الاتهام إلى إيران، مؤكداً أن كل المؤشرات تدل على وقوفها وراء التفجير، متوعداً طهران برد قاس جداً، فيما أكد مسؤولون إسرائيليون ووسائل الإعلام العبرية أن حزب الله يقف وراء التفجير، وأن هذا «هو الهدف الذي كان يسعى إليه في الفترة الأخيرة».
وقال نتنياهو إن كل الدلائل تشير إلى تورط إيران التي «سعت في الآونة الأخيرة إلى استهداف الإسرائيليين الأبرياء في الهند وجورجيا وكينيا وآذربيجان وقبرص، واعتداء بلغاريا يصبّ في نطاق موجة من الاعتداءات الإرهابية الإيرانية في العالم ضد أهداف إسرائيلية». وأكد أن إسرائيل سترد على «الممارسات الإيرانية الإرهابية بقبضة حديدية». إلا أنه شدد على أن الرد الإسرائيلي مرهون بما تصل إليه التحقيقات.
من جهته، وصف وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك العملية بـ«الخطيرة جداً»، مشيراً إلى أن «إسرائيل تتابع منذ مدة طويلة نيات جهات ومنظمات إرهابية، مثل إيران وحزب الله وحماس والجهاد (العالمي)، لتنفيذ عمل إرهابي في العالم» ضد أهداف إسرائيلية. وتوعد منفذي العملية بـ«رد قاس»، مؤكداً أن «الجهات الأمنية الإسرائيلية ستعمل بكل ما لديها من قوة لمعاقبة مرتكبي الاعتداء والذين يقفون وراءه». وبحسب الإذاعة الإسرائيلية، أجرى باراك اتصالاً بنظيره الاميركي، ليون بانيتا، وبحث معه التطورات في سوريا، وعملية بورغاس، مشيراً إلى أن «العملية الانتحارية في دمشق تدل على اقتراب سقوط نظام بشار الأسد»، معرباً عن قلق إسرائيل البالغ من «سقوط أسلحة استراتيجية في أيدي حزب الله».
وتلقّى نتنياهو وباراك نبأ التفجير خلال جلسة مشاورات مع كبار المسؤولين الأمنيين والعسكريين، لمناقشة المستجدات على الساحة السورية، والتي انقلبت، بحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى جلسة نقاش وتقييم لتفجير بلغاريا، والأسلوب الواجب اتباعه لجهة الاتهام ومضمون المواقف التي يجب على إسرائيل أن تطلقها.
نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، داني أيالون، أيّد في حديث مع القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي اتهامات نتنياهو لإيران، لكنه أكد أيضاً ضلوع حزب الله في التفجير، مشيراً إلى أن كل الخيارات موجودة على الطاولة، و«حزب الله غير محصن إزاء الضربات الإسرائيلية، لا في لبنان ولا في أي مكان في العالم».
وذكرت وسائل الاعلام الإسرائيلية أن رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، بني غانتس، أجرى تقديراً للوضع مع كبار المسؤولين العسكريين والامنيين، من بينهم رئيس شعبة الاستخبارات، وقائد سلاح الجو، وقائد المنطقة الشمالية، ورئيس شعبة التخطيط، وغيرهم، وتركزت المداولات على الاوضاع المستجدة في سوريا، إضافة إلى التفجير في بلغاريا. وقال مصدر أمني لموقع صحيفة «معاريف» الإلكتروني إن «إسرائيل حذرت في الماضي من أن حزب الله ينوي تنفيذ عمليات ضد إسرائيليين في بلغاريا»، مضيفاً أن «التقدير الاولي للوضع، من ناحية المؤسسة الامنية، يشير إلى احتمال أن يكون حزب الله وراء التفجير، إلا أنه لا توجد حتى الآن دلائل تؤكد ذلك».
وفي سياق التصويب على حزب الله، ذكرت الاذاعة الإسرائيلية أن الاعتقاد السائد لدى الدوائر الامنية والعسكرية في إسرائيل هو أن «إيران ومنظمة حزب الله يقفان وراء هذه العملية الارهابية»، ونقلت عن مصدر عسكري رفيع قوله إن «إنذارات صدرت قبل حوالى شهرين بشأن عملية مخطط لها في بلغاريا، في إطار مساعي إيران وحزب الله لاستهداف مصالح إسرائيلية»، في حين أشارت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي إلى أن «المؤشرات تدل على حزب الله. فتنفيذ العملية وأسلوبها شبيهان بأساليب الحزب»، وأشار مراسلها للشؤون العسكرية إلى أن «من المستبعد أن يعلن حزب الله مسؤوليته عن عمل كهذا، رغم أن كل البصمات تشير إليه»، لكنه أكد أن الأجواء السائدة لدى المؤسسة الامنية لا تشير إلى ردّ إسرائيلي مزلزل، إذ لا يتوقع أحد أن يقوم سلاح الجو بالإغارة على أهداف تابعة لحزب الله في جنوب لبنان، مشيراً إلى أنه «يمكن التأكيد أن سياسة العمليات الامنية والاغتيالات ستتواصل كما تواصلت في الاشهر والسنوات الماضية»، مشيراً إلى أن «ما سنراه هو استمرار لحرب التصفيات وحرب التفجيرات السرية، وهي حرب يومية، أحياناً تتقدم فيها إسرائيل وأحيانا يتقدم فيها الطرف الثاني، كما حدث اليوم»، وبحسب المراسل، فإن التقدير السائد لدى أجهزة الاستخبارات في إسرائيل يشير إلى أن حزب الله غير معني بحرب لبنان ثالثة، كما هي حال إسرائيل، غير المعنية بالحرب أيضاً».
مراسل الشؤون العسكرية في القناة الأولى الإسرائيلية، أكد أن عملية بلغاريا هي «الانتقام الذي وعد به حزب الله إسرائيل، رداً على اغتيال مسؤوله العسكري، عماد مغنية»، مشيراً إلى أن إسرائيل حالياً تنتظر التحقيقات والمعلومات الاستخبارية التي ستأتيها بـ«الدليل الذهبي» على ضلوع الحزب في هذه العملية.
وتضاربت المعلومات بشأن التفجير وما إذا كان عملاً انتحارياً أو نتيجة عبوة وضعت في الحافلة نفسها، إذ ذكر موقع صحيفة معاريف أن الشرطة البلغارية أبلغت أجهزة الامن الإسرائيلية أن «مخربة انتحارية كانت تقف على رصيف الحافلات اقتربت من الحافلة المستهدفة وفجّرت العبوة التي كانت في حوزتها»، مشيرة إلى أن «الإسرائيليين المستهدفين هم رياضيّو المنتخب الإسرائيلي لكرة السلة للشباب»، فيما ذكرت وسائل الاعلام الإسرائيلية أن وزير الخارجية البلغاري، نيكولاي ملادينوف، أكد لنظيره الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أن الانفجار حصل نتيجة قنبلة وضعت في الحافلة، في المكان المخصص لوضع الأمتعة في أسفلها.



المنفّذون بلغار

جاء في تقرير لوكالة صوفيا البلغارية للأنباء أن ثمانية أشخاص لقوا مصرعهم جرّاء الانفجار الهائل الذي استهدف الحافلة التي تقل السياح الإسرائيليين، بالقرب من مطار بورغاس على الساحل البلغاري للبحر الأسود، مشيرة إلى أن «27 شخصاً نقلوا إلى المستشفيات، من بينهم ثلاثة في وضع حرج للغاية».
واستناداً إلى الوكالة البلغارية، فإن الحافلة كانت تنقل أربعين سائحاً إسرائيلياً، وإن الانفجار كان شديداً للغاية، وأدى أيضاً إلى احتراق حافلتين أخريين كانتا بالقرب من الحافلة المستهدفة.
وفي تقرير آخر للوكالة، ورد أن الهجوم سببه انتحاري، إلا أنها نقلت لاحقاً عن وزير الخارجية البلغاري وجهات التحقيق في الشرطة أن التفجير كان نتيجة قنبلة وضعت في الحافلة نفسها، مع ترجيح أن يكون المنفذون بلغاريين.
ونقلت الوكالة عن خبير أمني قوله إن «الإصابات كثيرة، وسيكون هناك المزيد، لأن مثل هذا الانفجار يُخلّف العديد من الإصابات، ومن الصعب أن ينجو منها المصابون»، مشيراً إلى أن «الحادث خطير جداً، ومن الصعب حل لغزه، لأن مرتكبيه من البلغار».