البقاع | تراجع ضغط النازحين السوريين على نقطة الأمن العام في المصنع يوم أمس لتسجل الحركة عبور 6 آلاف نازح توافدوا على نحو متقطع من ساعات الصباح الأولى حتى الساعة الخامسة مساءً، بحسب مصدر في الأمن العام. وترجح المعطيات زيادة عدد النازحين في الأيام المقبلة، بشكل مكثف أكثر، بعد توارد شائعات عن نية الجيش السوري بقصف المناطق التي لجأ إليها الجيش السوري الحر، الأمر الذي سيتسبب، بحسب المتابعين، بتشكيل ضغط أكبر وزيادة مأساة النازحين الإنسانية، في ظل غياب الدولة اللبنانية.
حركة النزوح إلى المناطق البقاعية شكلت ضغطاً على الهيئات المحلية، فيما استمر غياب الدولة لليوم الثالث عن واجباتها باستقبال النازحين عند الحدود.
قصص كثيرة تجدها في منطقة المصنع، حديث النازح مع الإعلام المرئي يختلف عن الحديث مع الإعلام المكتوب، باعتبار أن المرئي يفضح هوية المتكلم وشخصيته، أما الحديث مع «المكتوب» ما لم يتم سؤال النازح عن هويته التفصيلية، فيعطيه طمأنينة أكثر، كما لفت رشيد لـ«الأخبار»، «ما تسألني شو اسمي وابن مين، وما تصورني، بصير الحكي الو معنى، هربانين من الموت، من القصف الأعمى، من الحواجز، صارت الحياة بسوريا متل اللي عايش بسجن».
بدوره، قال أبو وائل، الستيني النازح من بلدة الست زينب في ضواحي دمشق سيراً على الاقدام، إن مشواره استغرق من الساعة السابعة صباحاً حتى الثانية عشرة ظهراً، ليصل الى كراج السومرية، وهو يجر خلفه بناته وزوجته.
فيما أم نورس، التي أغمي عليها من شدة الحر والتعب، ارتاحت بعد تقديم المساعدة لها من شباب مجدل عنجر ، أوضحت لـ«الأخبار» أن سبب إغمائها وتعبها أنها لا تعرف عن ولديها شيئاً، «من فترة طويلة وما بعرف عنهم شي، جيراني أجبروني على الهرب، ما ضل عنا بحي التل حدا».
وبالعودة إلى المشهد عند نقطة المصنع الحدودية، فإضافة إلى طابور السيارات القادم من سوريا، شهدت المنطقة ازدحام الصحافيين والمصورين، وسيارات النقل المباشر لأكثر من عشر محطات فضائية، دولية ولبنانية، موالية للنظام ومعارضة له. كما حضر العديد من الناشطين في اللجان المحلية لإغاثة النازحين الذين نصبوا الخيم عند أطراف الطريق في النقطة الحدودية، لاستقبال النازحين ونقلهم إلى مدارس تم تهيئتها في بلدات مجدل عنجر وبر الياس والمرج وقب الياس.
وعن هذا الأمر، أوضح الناشط في جمعية «غرس الخير» الشيح حسن عبد الرحمن، الذي كان في المصنع على مدار الساعة لاستقبال النازحين، أن الواجب الديني والأخلاقي يحتم علينا إغاثة النازحين.
وحذر عبد الرحمن أنه في حال استمرت الدولة غائبة عن واجبها الإنساني، «سنشاهد في الأيام المقبلة كارثة إنسانية، لأن القسم الأكبر من النازحين هم من الأطفال وكبار السن، وهذا يتطلب إمكانات دولة لا جمعيات، تتحرك على أساس التبرعات، وخاصة أن هناك أناساً لديهم أمراض مزمنة ويحتاجون إلى دواء، والأطفال يحتاجون إلى دواء وعلاج وحليب وغيره».
بدورهم، أعرب النازحون عن تذمرهم من فريق الأمم المتحدة، الوحيد المخول بأن يسجل النازحين، والذي يتجول من منطقة إلى أخرى، ما يضعهم كطوابير في حالة انتظار مهينة، عدا أنه لا يسجل العائلة إلا بعد تصويرها، كما رفض اتفاق شراكة مع أزهر البقاع الذي يقوم بنفس المهمة، ما يضع النازح ضحية بين مطرقة غياب الدولة، وسندان جمعيات أهلية ودولية تقطر المساعدة له بالقطارة.
وانقسم النازحون بين طبقتين، الأولى ميسورة، حيث حجزت كل الفنادق في شتورا وزحلة، إضافة إلى فنادق في مناطق الاصطياف، التي امتلأت بمواكبهم. أما الأخرى فهي من الطبقة الفقيرة، والتي لا قدرة لها مادياً على الاستئجار أو النزول في فنادق، ولجأ بعضهم إلى أقارب لهم، وقسم منهم نزلوا في المدارس المجهزة لاستقبالهم. ففي بلدة قب الياس، اضطرت البلدية إلى نصب خيم من الخيش لتأويهم، بعدما وصل عدد النازحين فيها الى حوالى 8 آلاف نازح.
من جهة أخرى، لفت مصدر في الجمارك اللبنانية الى أن الضغط الذي فرض نفسه على نقطة أمن عام المصنع وموظفي مركزي الجمارك والأمن العام اللبنانيين أيام الأربعاء والخميس والجمعة، سهل مرور السيارات السورية الخاصة، من دون التدقيق في التأمين أو في تعهد الإقامة التي يجب أن لا تتجاوز الخمسة عشر يوماً للسيارة، ولفت الى أن عدد السيارات السورية الخاصة خلال الأيام الثلاثة بلغ 2500 سيارة خاصة، و2100 سيارة عمومية، و300 حافلة و200 فان.