في سلسلة اعتداءات هي الأكثر دموية منذ ما يزيد على عامين، قُتل نحو 107 أشخاص وجُرح أكثر من 200 شخص في العراق، أمس. ووقع 27 اعتداءً شملت تفجيرات انتحارية وعبوات ناسفة وسيارات مفخخة وأخرى مسلحة في 18 مدينة عراقية، مستهدفة في معظمها مراكز أمنية وعسكرية للشرطة والجيش.
وتعتبر هذه الهجمات الأكثر دموية منذ مقتل 110 أشخاص في هجمات مماثلة في أيار 2010. ووقع العدد الأكبر من الاعتداءات في منطقة التاجي التي تبعد 25 كيلومتراً شمالي بغداد، حيث قتل 42 شخصاً على الأقل في سلسلة تفجيرات بحزام ناسف وعبوات وسيارة مفخخة، وفي مدينة الصدر حيث قُتل 12 شخصاً على الأقل وأُصيب 22 آخرون بانفجار سيارة مفخخة، فيما قُتل 15 جندياً على الأقل في هجوم مسلح استهدف قاعدتهم العسكرية في الضلوعية.
وقال ضابط في الجيش ان «مسلحين هاجموا قاعدة عسكرية عند الساعة الخامسة وقتلوا 15 جندياً وأصابوا أربعة آخرين بجروح وخطفوا جندياً واحداً». وقُتل أيضاً ثلاثة أشخاص وأُصيب 21 بجروح في انفجار سيارة مفخخة في الحسينية في شمالي العاصمة، بينما قُتل شخص وأُصيب ثلاثة آخرون بجروح بعبوة ناسفة في اليرموك في غربي بغداد، وفقاً لمصادر أمنية وطبية. وأُصيب 11 شخصاً بانفجار سيارة مفخخة في الطارمية شمالي بغداد. وقتل 11 شخصا وأُصيب 40 آخرون بجروح في سلسلة هجمات في مدينة بعقوبة ومناطق محيطة بها، مستهدفة مراكز أمنية ودوريات للشرطة والجيش، بحسب ما أفادت مصادر عسكرية وأمنية وطبية.
وأعلنت الشرطة العراقية في كركوك مقتل سبعة أشخاص، بينهم عدد من أفراد الشرطة وإصابة 29 بجروح في سلسلة هجمات بسيارات مفخخة وعبوات ناسفة استهدفت أربع مناطق متفرقة من المحافظة.
وفي الديوانية، أعلنت مديرية صحة المحافظة أن عبوة ناسفة انفجرت في سوق شعبي، ما أدى الى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 25 بجروح، فيما قُتل جندي وأُصيب عشرة آخرون بجروح في انفجار سيارة مفخخة في هيت غربي الرمادي، وفقاً لمصادر أمنية وطبية.
في المقابل، فجّر خبراء متفجّرات تابعون للجيش العراقي 4 سيارات مفخّخة في مناطق متفرقة من مدينة الموصل شمال العراق، من دون وقوع إصابات. وقال مصدر في شرطة محافظة نينوى، إن «قوة معالجة المتفجرات التابعة للفرقة الثانية بالجيش العراقي، تمكّنت من تفجير 4 سيارات مفخّخة، بطريقة مسيطر عليها عن بعد ومن دون إصابات». وأوضح أن السيارة المفخّخة الأولى كانت على الطريق العام الرابط بين قضاء تلكيف ومحافظة دهوك، والثانية والثالثة على الطريق العام في حيي البعث والضباط شرق الموصل (مركز المحافظة)، والرابعة في حي العربي شمال الموصل.
ووقعت هذه الهجمات بعد يوم من دعوة تنظيم دولة العراق الإسلامية، الفرع العراقي لتنظيم «القاعدة»، «شباب المسلمين»، للتوجه الى العراق، معلناً «بدء عودة» التنظيم الى مناطق سبق أن غادرها، وعن خطة جديدة لقتل القضاة والمحققين. وقال أمير التنظيم أبو بكر البغدادي، في شريط صوتي مسجل بثه عدد من المواقع التي تعنى بأخبار الجهاديين، بينها «حنين» و«شبكة الجهاد»، إنه «يتوجه بنداء الى جميع رجال شباب المسلمين في شتى بقاع الأرض واستنفارهم للهجرة إلينا». وأضاف إن دعوته هذه تأتي بهدف «توطيد أركان دولة الإسلام وجهاد الرافضة الصفويين شيعة المجوس». مع ذلك، فإنه لم تتبنّ أي جهة الاعتداءات، علماً بأن تنظيم «القاعدة» في العراق عادة ما يتبنى في وقت لاحق هجمات مماثلة.
وفيما لم تصدر تصريحات مباشرة من الداخل العراقي حول الاعتداءات، أدان وزير الخارجية البريطانية وليام هيغ الاعتداءات. وقال إن التفجيرات «وقعت في بداية شهر رمضان، وقت التأمل السلمي والصلاة»، معتبراً أن «هذه الهجمات تظهر استخفافاً مروعاً بالحياة البشرية». وشدد على أن بريطانيا «ستستمر في دعم الحكومة العراقية في جهودها الرامية إلى دحر الإرهاب، وتوفير الأمن لجميع العراقيين».
بدورها، نقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الروسية عن بيان لوزارة الخارجية الروسية أن موسكو «تدين هذه الأعمال الإجرامية الدموية وتقدّم تعازيها إلى أقارب الضحايا، وتتمنى الشفاء العاجل للجرحى». وأضافت إن «الحوادث المفجعة الجديدة على أرض العراق تؤكد ضرورة مكافحة الإرهاب». وأشارت إلى أن روسيا تؤيد مساعي الحكومة العراقية لتعزيز الوضع الأمني في البلاد.
ومن دمشق، أصدرت وزارة الخارجية بيان إدانة قالت فيه إنها «تدين بشدة سلسلة التفجيرات والاعتداءات الإرهابية التي ضربت مناطق عدة في العراق». وأكدت أن هذه «الأعمال الإرهابية تهدف الى زعزعة الأمن والاستقرار في العراق»، وإلى «الحيلولة دون عودة العراق إلى سابق عهده، واستمرار عجلة الإرهاب في ضرب الشعب العراقي الشقيق بكافة أطيافه دون تمييز بين طيف وآخر».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)