في جملة مواقف أطلقها عقب لقائه نظيرته القبرصية أراتو كوزاكو ماركولي، شكّك وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في المزاعم التي تقول إن «الجيش السوري الحر» هو من سيطر على المعابر الحدودية من أيدي القوات الحكومية. وقال «وفقاً لبعض المعلومات، لم يكن الجيش السوري الحر هو من استولى على نقاط التفتيش تلك، مهما كان ما يعتقده البعض بشأن هذا، بل هي جماعات ذات صلة مباشرة بالقاعدة». وأضاف لافروف «نتحقق من ذلك جيداً»، وأشار إلى أن الدول الغربية يجب ألا تتسرع وتحتفل بمكاسب معارضي الرئيس السوري بشار الاسد على الأرض. وقال «إذا كانت مثل هذه العمليات _ استيلاء إرهابيين على أراض _ مدعومة من شركائنا، يجب أن نتلقى إجابة عن السؤال بشأن موقفهم من سوريا، وما الذي يحاولون تحقيقه في هذا البلد». كذلك أعلن لافروف أنّ «الخطة التي اقترحتها جامعة الدول العربية تحتوي على تناقضات كثيرة، ونريد أن نفهم ما هو المقصود. وقرأنا أن ممثلين عن الجامعة العربية يريدون زيارة بعض العواصم ليشرحوا مواقفهم، ولم يصلنا أي طلب أو اقتراح في هذا الشأن بطريقة مباشرة». وأضاف «سننتظر»، مشدداً على أنه «في ما يخص أي خطة تقترحها جامعة الدول العربية، يجب أن يقرّها السوريون فقط بأنفسهم». واعتبر لافروف ردّ فعل الولايات المتحدة على تفجير مبنى الأمن القومي في دمشق أخيراً «تبريراً مباشراً للإرهاب»، وقال إن روسيا لا تفهم الأسباب الكامنة وراء عدم إدانة الغرب للتفجير. وأضاف أن مندوبة أميركا في مجلس الأمن سوزان رايس وصفت العملية بأنها دليل على أن مجلس الأمن الدولي يجب ألا يتمهل ويتريث، بل يتعين عليه اتخاذ قرار بموجب الفصل السابع، وقال «يعتبر هذا الموقف مرعباً».
وأعلن لافروف أن روسيا لا تزال ترى أن من الضروري تنفيذ خطة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا كوفي أنان، قائلاً «يجب بذل كل ما هو ضروري من الجهود لتنفيذ خطة كوفي أنان وقرارات جنيف، وإننا نصر على التنفيذ الدقيق لتلك الاتفاقات». وأضاف أنه «بعد مرور سنة واحدة تقريباً على اندلاع النزاع السوري «يقول لنا شركاؤنا الغربيون والأميركيون في مجلس الأمن إنه حان الوقت لكي يفرض المجلس عقوبات. فلا يمكن اعتبار هذه الأقوال معقولة، لأنه كان من الضروري أولاً أن يدرسوا بشكل جماعي في المجلس إجراءات مؤثرة تتخذ ضد الذين يتناحرون في سوريا، بمن فيهم النظام ومن يعارضه أيضاً». في موازاة ذلك، رأت وزارة الخارجية الروسية، أمس، أن رزمة عقوبات الاتحاد الأوروبي الأخيرة على سوريا هي إعلان حصار بحري وجوي على دمشق، مؤكدة عدم اعتراف موسكو بمثل هذه العقوبات الأحادية الجانب، بينما أفادت الوزارة بأن نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف عقد اجتماعاً مع سفير سوريا في موسكو عرض خلاله «بشكل شديد الوضوح موقف روسيا بشأن عدم قبول أي تهديدات باستخدام أسلحة كيميائية».
في السياق، أعلن السفير السعودي لدى الامم المتحدة عبد الله المعلمي، أمس، أن بلاده تعد مشروع قرار دولي جديد لعرضه على الجمعية العامة للامم المتحدة يتناول تهديدات الحكومة السورية باستخدام اسلحتها الكيميائية. وقال المعلمي إن مشروع القرار سيرسل خلال الايام المقبلة، معرباً عن أمله في التصويت عليه «مطلع الاسبوع المقبل على الارجح». وأوضح دبلوماسيون في الامم المتحدة، طلبوا عدم كشف هوياتهم، انّ القرار قد يدعو الدول الـ193 الاعضاء في المنظمة الدولية الى تطبيق العقوبات الدولية نفسها التي فرضتها الجامعة العربية على سوريا.
من ناحيته، أعلن وزير الخارجية السوري وليد المعلم التزام بلاده بخطة المبعوث الدولي والعربي كوفي أنان، واستمرار تعاونها الكامل مع بعثة المراقبين الدوليين. وعرض المعلم، خلال لقائه أمس مع وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام هيرفيه لادسوس، «الأوضاع في سوريا منذ بداية تنفيذ خطة أنان ذات البنود الستة حتى تاريخه، وكيفية تذليل العقبات التي لا تزال تواجه تنفيذ هذه الخطة، وبشكل خاص مع تصاعد الإرهاب الذي تشهده بعض المناطق السورية».
وذكّر المعلم ضيفه «بأهمية دعم المجتمع الدولي لأنان، وذلك بالحصول على تعاون من الدول الإقليمية المؤثرة على المجموعات الإرهابية»، مضيفاً أنّ «تلك الدول تحرّض وتموّل وتؤوي المجموعات الإرهابية المسلحة وتشجعها على رفض العمل السياسي وعدم إلقاء السلاح». وكان لادسوس قد اجتمع مع نائب وزير الخارجية فيصل المقداد، حيث جرت مناقشة نتائج زيارة أنان الأخيرة لدمشق، كما جرى بحث وضع البعثة ومهماتها. بدوره، قال لادسو «يجب أن نأمل بأن تكتسب العملية برمتها قوة دافعة، وأن تتوقف دائرة العنف المفرغة، وأن يتسنى البدء بحلّ سياسيّ، وأولاً وقبل كل شيء بدء حوار سياسيّ». فيما غادر 150 عنصراً من بعثة المراقبة الدولية، بسبب قرار بخفض عديدهم إلى النصف، بحسب ما أفاد مراقبان رفضا الكشف عن اسميهما لوكالة «فرانس برس».
في السياق، لفت الرئيس الجديد لبعثة مراقبي الامم المتحدة باباكار جاي، في أول تصريحاته، إلى أنّه «سيكون هناك في هذا النفق بصيص ضوء يتيح لنا وقف العنف والحد منه. لدينا 30 يوماً، واليوم يتبقى 27، سنغتنم كل فرصة سانحة لتخفيف معاناة السكان».
من جهته، قال وزیر الخارجیة الإیراني علي أكبر صالحي، أمس، إن التفاهم والاتفاق بین الحكومة السوریة والمعارضة أفضل السبل لحلّ الأزمة في سوريا. ونسبت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إرنا» إلى صالحي قوله، علی هامش اجتماع لمجلس الوزراء، «إننا علی اتصال بالمعارضة السوریة منذ حوالى عام، وأعربنا عن استعدادنا لاستضافة اجتماع بین الحكومة والمعارضة. لكنّ صالحي لفت إلى أن «المعارضة السوریة متشعّبة وتضم وجهات نظر مختلفة، وتتلقی دعماً من الآخرین».
على صعيد آخر، أفاد متحدثان باسم «المجلس الوطني السوري»، أمس، أنّ السفير السوري لدى الإمارات العربية المتحدة انشق هو وزوجته سفيرة سوريا لدى قبرص وتوجها إلى قطر. وقال المتحدث باسم المجلس محمد سرميني إن «سفير سوريا في الإمارات العربية المتحدة، عبد اللطيف الدباغ، موجود الآن في قطر». وأضاف سرميني أن «الدباغ متزوج من لمياء الحريري، سفيرة سوريا لدى قبرص التي انشقت وتوجهت أيضاً إلى قطر بالتنسيق مع زوجها».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، إرنا)