استمرت الاشتباكات، لليوم السادس على التوالي، في أحياء من مدينة حلب بين مقاتلين معارضين والقوات النظامية. وأوقعت اعمال العنف في مناطق مختلفة من سوريا 87 قتيلاً، بينهم 43 مدنياً و32 عنصراً من قوات النظام و12 مقاتلاً معارضاً، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان». وقال المرصد، في بيان، إنّ «اشتباكات عنيفة وقعت في حيّ العسالي بين مقاتلين من الكتائب المقاتلة والقوات النظامية»، في وقت تعرض فيه حيّ الحجر الأسود لقصف عنيف استخدمت فيه المروحيات، فيما تواصل إرسال التعزيزات العسكرية الى القوات النظامية، في حلب، وكذلك أعداد ضخمة من المقاتلين المعارضين. واكد «المرصد السوري لحقوق الانسان» أنّ «الثوار يعززون مواقعهم، وسبق لهم أن أعلنوا أن معركة حلب هي معركة حسم وتحرير». وتستمر الاشتباكات العنيفة في حيَّيْ بستان القصر وصلاح الدين في المدينة، بينما تستخدم القوات النظامية الطائرات الحوامة في قصف أحياء الصاخور، والسكري، وطريق الباب والشعار، وقاضي عسكر، وصلاح الدين، بحسب المرصد. وذكر مصدر أمني سوري أن المعركة الأكثر أهمية في حلب تهدف الى استعادة قوات النظام الأحياء الواقعة بين المدينة والمطار، التي «وقعت في أيدي الارهابيين».
وفيما بدت الحياة شبه طبيعية في وسط العاصمة دمشق، أمس، حيث كان الناس يتزاحمون لشراء المواد الغذائية قبل نهاية الصيام، الا أن طرقاً عدة ظلت مقفلة أمام حركة السير من قبل القوى الامنية.
وفي محافظة حمص، تعرضت مدينتا القصير والرستن، الخارجتان عن سيطرة النظام، لقصف عنيف ومحاولات اقتحام. فيما استمر القصف على احياء الخالدية، وجورة الشياح، والقرابيص، والقصور، بحسب ما ذكر المرصد.
في سياق آخر، كشف تقرير أصدره «المعهد الملكي للدراسات الأمنية والدفاعية» في لندن، أن التخطيط لتدخل عسكري محتمل في سوريا يجري تنفيذه حالياً في عواصم غربية وتركيا والأردن. وقال التقرير إن هذا التحرك «جرى بدافع المخاوف من احتمال وقوع الأسلحة الكيماوية السورية في الأيدي الخطأ، ومنع الحرب الأهلية المتفاقمة في سوريا من الانتقال إلى دول الجوار».
لكن التقرير استبعد احتمال القيام بغزو على نطاق كامل، مرجحاً «عملاً محدوداً لحماية المدنيين أو لتأمين ترسانة الأسلحة الكيماوية وتدميرها، يمكن أن يشمل أيضاً تسليح جماعات المعارضة السورية أو تجميع تحالف دولي من أجل العمل العسكري». وأضاف أن الآثار الأوسع نطاقاً المترتبة على العنف داخل سوريا «تثير الآن قلق الدبلوماسيين أكثر من البؤس البشري داخل البلد، كذلك فإن هذه الهموم تجعل الغرب يعيد النظر في استراتيجيته الراهنة بعدم التدخل». واقترح التقرير أن ايران وروسيا «قد تكونان مستعدتين لمحاولة القيام بتحرك داخلي محكم من خلال العمل على استبدال الرئيس بشار الأسد بشخصية سنية مفضَّلة».
وفي السياق، قال وزير الخارجية الاردني، ناصر جودة، إنّ الاردن اتخذ احتياطات تحسباً لاستخدام اسلحة كيماوية في سوريا. ورفض جودة، الذي تحدث للصحافيين بعد اجتماع مع الرئيس المصري محمد مرسي في القاهرة، اعطاء المزيد من التفاصيل. وقال إن «الحديث عن استخدام سوريا لاسلحة كيماوية ما زال مجرد فرضية حتى الآن وليس حقيقة واقعة».
كذلك قال وزير الخارجية الإيطالي، جوليو تيرسي، إن بلاده تشعر بقلق كبير من أن يستخدم النظام السوري ترسانته من الأسلحة الكيميائية، معلناً تقديم هبة لإدخال 2500 طفل سوري في المدارس اللبنانية. وأضاف أنّ «المجتمع الدولي منخرط في محاولة إقناع الرئيس السوري بشار الأسد لكي يفتح عينيه على مطالب شعبه، ولكن يبدو أن النظام السوري يعيش على كوكب آخر».
من جهة ثانية، ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، أمس، أن تنظيم «القاعدة» ساهم بتغيير طبيعة الصراع في سوريا، من خلال استخدام سلاح المفجرين الانتحاريين. وأضافت الصحيفة أن «الأدلة تتزايد حول تحول سوريا إلى مغنطيس للتطرف السنّي، بمن فيهم الذين ينشطون تحت راية القاعدة»، واشارت إلى أن معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا تحوّل إلى مركز تجمع لما يعرف بالجهاديين.
من ناحيتها، طالبت «منظمة العفو الدولية» الجيش السوري النظامي والمقاتلين المعارضين في سوريا بوقف «الإعدامات التعسفية»، مؤكدة أنّ وتيرة هذه الإعدامات تتصاعد. وتحدثت المنظمة، في بيان، عن «معلومات مفادها أن القوات الحكومية ومجموعات المعارضة المسلحة تقوم بنحو متعمد وغير قانوني بتصفية المعتقلين لديها»، داعيةً كل الاطراف الى التزام القانون الانساني الدولي.
إلى ذلك، منعت تركيا، أمس، دخول مواطنيها الى سوريا عبر ثلاثة معابر سيطر عليها المعارضون السوريون الاسبوع الفائت. وقال وزير الجمارك والتجارة، حياتي يازجي، في مؤتمر صحافي، إنّ «خروج المواطنين الأتراك عبر معابر جيلفيغوزو واونتشونبينار وكركاميس توقف، لأن الأمن غير متوافر في الجهة المقابلة». وقالت مصادر رسمية تركية إنه عند معبر باب الهوى جرى تخريب ثلاثين شاحنة تركية، واحراق تسع منها بين الخميس والجمعة. وأوضح وزير الجمارك أن المعبرين الآخرين مع سوريا، وهما يايلاداغي واكتشاكالي، الواقعان على التوالي قبالة كسب والتل الابيض لا يزالان يعملان في شكل طبيعي، رغم أن نشاطهما تقلص كثيراً بسبب اعمال العنف في سوريا. وقال الوزير ايضاً: «أسمع كلمات مثل اغلاق الحدود وتطبيق حظر. هذا الامر غير وارد على الاطلاق».
في سياق آخر، بحث المسؤولون الاتراك، أمس، أنشطة حزب العمال الكردستاني في سوريا. وقال مكتب رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، في بيان، إن «التطورات الاخيرة في سوريا وأنشطة المنظمة الارهابية الانفصالية في بلادنا وفي الدول المجاورة، جرى تناولها خلال الاجتماع»، برئاسة اردوغان. وذكرت وكالة «انباء الاناضول» أن رئيس أركان الجيش الجنرال نجدت اوزيل، ووزير الخارجية احمد داوود اوغلو، ووزير الداخلية ادريس نعيم شاهين، ووزير الدفاع عصمت يلماز، ورئيس الاستخبارات حقان فيدان، شاركوا في الاجتماع الذي استمر اكثر من ساعتين. وأضاف البيان أنّه «جرت مناقشة الاجراءات الاضافية الواجب اتخاذها على كل الصعد في ما يتصل بأمننا القومي»، من دون توضيح هذه الإجراءات.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)