الرباط | في ما يبدو أنه غطاء رسمي لمنع جميع الأشكال الاحتجاجية التي يمكن أن تعرفها المملكة المغربيّة في الأيام المقبلة، أكد رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، انتهاء أشكال الاحتجاجات السياسية في البلاد، في ما بدا أنه رسالة سياسية واضحة «لا احتجاج تحت سلطة الإسلاميين». وقال بنكيران، في تصريح لوكالة أنباء الأناضول التركية، إن «المغرب اختار عدم المغامرة بالنظام الملكي والقيام بإصلاح داخلي مع الحفاظ على الاستقرار». وأضاف إن الاحتجاجات التي تحدث «محدودة وعادية وطبيعية وهي لا تعدو أن تكون احتجاجات اجتماعية عادية وطبيعية»، مشدداً على أن «الاحتجاجات السياسية التي كان من الممكن أن تؤدي إلى اضطراب في النظام السياسي المغربي قد انتهت». وبدا بنكيران شبه منتش وهو يصرح بأن المغاربة استجابوا لرغبة حزب العدالة والتنمية بإنهاء الاحتجاجات، ونسي على ما يبدو أن عهد حكومته شهد أكبر حركة من الاحتجاجات الاجتماعية والسياسية في تازة وبني بوعياش والعرائش وغيرها.
الأمن المغربي بدأ تطبيق الرسالة على الفور، حيث منع بشكل عنيف تظاهرة نظمتها حركة 20 من فبراير بمدينة الدار البيضاء واعتقل عدداً من الشباب، بعدما اعتقل ناشطين آخرين، أول من أمس، كانوا يتظاهرون أمام مقر الأمن للمطالبة بإطلاق سراح النشطاء الآخرين، ومساء اليوم نفسه، منعت الشرطة احتجاجاً آخر أمام مقر ولاية الأمن بالدار البيضاء. وفي السياق ذاته، ذكر ناشطون حقوقيون لـ«الأخبار» أن عدداً من المعتقلين تعرضوا لعصب أعينهم وأجبروا على لفظ عبارة «عاش الملك». وتم تقديم المعتقلين أمام المحكمة يوم أمس، بتهم التجمهر غير المرخص والاعتداء على رجال الأمن.
في المقابل، اعتبر يونس بنسعيد، عن الحزب الاشتراكي الموحد (حزب يساري معارض للنظام)، أن حملة الاعتقالات والمنع الأخيرة ممنهجة وتأتي بارتباط مباشر بالتصريحات الأخيرة لرئيس الحكومة. وأضاف لـ«الأخبار» إن «كلام بنكيران، الموجه بطبيعة الحال من القصر، كان معناه واضحاً ومقدمة لما حدث وسيحدث في المستقبل. فقد كان مؤشراً على عزم النظام على إنهاء حركة 20 فبراير، لقد قال بنكيران إن حكومته وحدها هي التي تملك الشرعية وإن الحركات الاحتجاجية في الشارع لم تعد مقبولة». وشدد على أن تصريحات بنكيران «كانت بمثابة ضوء أخضر ينهي أي تسامح».
بدوره، وصف المدون المغربي، العربي الهلالي، لـ«الأخبار»، التدخل الأمني الذي حدث في تظاهرة البرنوصي الأحد الماضي، بـ«المجزرة». وأضاف «لقد كان جمع رهيب من مختلف التشكيلات البوليسية حاضراً لاستقبالنا، وكأن لا مهمة لها سوى تتبع الناشطين، فيما في اليوم نفسه كان هناك مروجو مخدرات يرعبون السكان في أحد أحياء المدينة، لكنهم على ما يبدو أقوياء فقط مع الضعفاء». وتابع «ما رأيته لن أنساه وهو يضاف إلى ما سبق أن شهدناه من تدخلات أمنية عنيفة في حق تظاهرات سلمية تخرج منذ ما يزيد على سنة ونصف. ما رأيته حزين، لكن عندما نخرج سليمين من مثل هذه الامتحانات فإننا نخرج بكل تأكيد أقوى». وختم أشهر مدوني الحركة الاحتجاجية في المغرب على تويتر كلامه لـ«الأخبار»، «ثمة شيء تكسر في هذا الوطن وليس القمع بكل تأكيد من سيقوم بإصلاحه».
وأجمع الناشطون على أن الإسلاميين يقومون بخوض المعركة بالوكالة عن السلطة السياسية الرئيسية، ورأوا أن التظاهرات باتت ممنوعة في عهد حكومة بنكيران التي تقدم نفسها على أنها حكومة الربيع العربي. المشهد المخيّم على المغرب اليوم هو أن حرية التعبير مصادرة حتى إشعار آخر، الخوف يخيم على المشهد من جديد.