أول من أمس نوقش مصير حي جنين وكيفية تسليمه إلى الفلسطينيين بين وفد ضمّ أمين سر الفصائل الدوري أركان بدر ولجنة حي جنين، والتقى مسؤول لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني خلدون الشريف وتم الاتفاق على إحالة الموضوع على اجتماع مجلس الوزراء في أواخر الأسبوع.
رأى أركان بدر أن الاجتماع كان إيجابياً في سياق اللقاءات مع الدولة اللبنانية بعد الاجتماع الأول الذي عقد مع رئيس الحكومة منذ ثلاثة أسابيع. وهذا السياق الجديد سيتوّج بحسب بدر بإفطار باسم لجنة الحوار داخل مخيم نهر البارد.
وحي جنين هو المنطقة الوحيدة من ضمن المخيم الجديد التي لم يجر تسليمها لأصحابها بعد، ولا يزال في عهدة الجيش اللبناني، بانتظار صدور قانون استملاك جديد في منطقة بحنين، يجري على أساسه نقل مراكز الجيش إليه. وإذ عبّر بدر عن ارتياحه لنقل ملف البارد من المعالجة الأمنية إلى الحوار السياسي، نوّه بتخفيف الإجراءات الأمنية التي كانت قد ازدادت على الرغم من إلغاء نظام التصاريح، وذلك لأن هذا الأخير تزامن مع تمركز اللواء العاشر في الجيش اللبناني على مداخل المخيم بعد انسحاب اللواء السابق. لكن، يضيف بدر أن تعرّف عناصر اللواء الجديد على سكان المخيم استغرق بعض الوقت، الأمر الذي استتبع تدقيقاً في هويات الداخلين إلى المخيم وتفتيش سياراتهم، لكن بمرور الوقت عادت الأمور إلى طبيعتها مع تعوّد عناصر الجيش وجوه أبناء المخيم، بحيث بات باستطاعتهم التمييز بينهم وبين الغرباء عن المخيم.
تفاؤل أبناء المخيم بالطريقة الجديدة في تناول قضاياهم لا تزال تنغّصه بعض القضايا الأساسية العالقة، ومنها إخلاء العقار 36 الذي تملكه منظمة التحرير الفلسطينية، وخصوصاً أن قسماً منه يحتاجون إليه لتوسيع المقبرة التي لم تعد تتّسع لموتى المخيم، كما يحتاجون إلى تحويل القسم الآخر منه إلى ملعب باعتباره متنفساً وحيداً لشبان المخيم.
وتبقى إعادة إعمار المخيم القضية الأساس بالنسبة إلى أهالي المخيم. وهو موضوع بحسب مسؤول الفصائل الفلسطينية في المخيم يحتاج إلى جهد تشترك فيه الدولة اللبنانية والأونروا ومنظمة التحرير الفلسطينية، ويستوجب عقد مؤتمر دولي ثان على غرار المؤتمر السابق الذي عقد في فيينا في الثالث والعشرين من تموز 2008.
أما قضية الموقوفين في أحداث نهر البارد فيرى بدر أنها تعالج من خلال الإفراج التدريجي عن غير المتورطين، ومن خلال محاكمة عادلة لمن يثبت تورطه، وذلك من أجل رفع هذه القضية نهائياً عن كاهل المخيم.
عودة الأمور إلى طبيعتها في المخيم لم تحقق كامل المبتغى لدى الفلسطينيين، وخصوصاً من ناحية عودة المخيم إلى نشاطه التجاري المعهود بوصفه سوقاً تجارية لأبناء عكار والمناطق المجاورة. فبينما يرى بدر أن الأمر يحتاج إلى جهد إعلامي وإلى تنشيط التواصل اللبناني الفلسطيني بين المخيم والجوار، يرى أحد قياديي الحراك الشبابي في مخيم البارد ميلاد سلامي أن شيئاً من هذا القبيل بدأ يحدث، إذ لوحظت حركة، ولو خجولة، لدخول بعض اللبنانيين من أجل شراء بعض الحوائج من المخيم، يؤمل أن تزداد في أواخر شهر رمضان إعداداً لمتطلبات العيد. وإذ لا يتمنى سلامي أن تنطبق عبارة «مصائب قوم عند قوم فوائد»، في إشارة إلى أحداث طرابلس وأثرها في تقلص حركة المتسوقين فيها، فإنه يقول إن استمرار الأوضاع الأمنية على توترها في طرابلس قد يسهم في إعادة الحياة إلى السوق التجارية في المخيم.