أكد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتيناهو، بشكل قاطع، أن القيادة السياسية هي التي تقرر موضوع ضربة عسكريّة لإيران، والقيادة العسكرية هي التي تنفذ، مع التشديد على أن القرار لم يصدر بعد. في الوقت نفسه، لا تزال المقاربتان الإسرائيلية والأميركية لمواجهة إيران، على حالها. تهدد تل أبيب بالضربة، وتعمل على إعطاء صدقية لخيارات «الطاولة» والتهديدات المستمّرة عليها، فيما «تحاول» واشنطن ثنيها، وإفهامها حجم أضرارها وضرورة انتظار المسارات الدبلوماسية، التي لم تصل بعد، بحسب تأكيد الأميركيين، الى حائط مسدود.
وفي مقابلة مع القناة الثانية في التلفزيون العبري، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية إن «الديموقراطية الإسرائيلية، كما في كل ديموقراطية، حيث الجهة التي تقرر هي القيادة السياسية، ومن ينفذ هو القيادة العسكرية». وشدد على أن «هذا كان دائماً وسيبقى دائماً»، لكنه شدد في المقابل على أنه لم يتخذ القرار حتى الآن.
وفي محاولة لإعطاء صدقية لكلامه، أشار نتنياهو الى أنه «في عام 1981، جلس (رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق) مناحيم بيغن، الى جانب هذه الطاولة، واتخذ قراراً بمهاجمة المفاعل النووي العراقي، فيما كان مسؤولون رفيعو المستوى في المؤسسة الأمنية، ورئيسا الموساد والاستخبارات العسكرية، معارضين بشدة لهذا القرار». وقال إن «القيادة السياسية هي التي ينبغي عليها اتخاذ القرار، وهذا المبدأ هو الذي كان، وهو الذي سيكون».
في موازاة ذلك، وكما كان متوقعاً، نفى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، بني غانتس، أن يكون ما نُشر عن لسانه حول معارضة موقف وزير الدفاع، إيهود باراك، في ما يتعلق بمهاجمة إيران، قد «صدر منه ومن قبله»، وأكد أن إيران تواصل مساعيها للوصول الى قدرة نووية عسكرية، وهي تشكل مشكلة خطيرة سواء للعالم أو للمنطقة، وليس صحيحاً أن تتجاهل إسرائيل هذا الأمر».
ونقل موقع صحيفة «معاريف» على الإنترنت، تأكيد غانتس أن «إيران هي الدولة الوحيدة في العالم، التي تطور (سلاحاً) نووياً وتدعو الى إبادة دولة أخرى»، مشيراً الى أن الجيش الإسرائيلي مستعد للعمل». أما صحيفة «هآرتس» فأشارت بدورها الى أن قائد أركان الجيش الإسرائيلي يعارض قيام إسرائيل بشكل منفرد بعملية عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، إلا أنه في الوقت نفسه «يعرف وظيفة الجيش وحدوده في النظام الديموقراطي، وسيقوم مع ذلك بتنفيذ قرار القيادة السياسية بهذا الخصوص، في حال اتخاذه، رغم معارضته له».
وكشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس، نقلاً عن مصادر أميركية، تأكيدها أن جميع القادة العسكريين والأمنيين في إسرائيل، يعارضون فكرة قيام تل أبيب بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، من دون دعم من الولايات المتحدة، وبحسب المصادر نفسها، فإن التقدير السائد في واشنطن يرى أن إيران ستصل إلى حافة امتلاك قدرات نووية (عسكرية) بعد عام ونصف عام، و«في حينه، تنوي واشنطن مهاجمة إيران، وليس قبل ذلك».
وفي السياق نفسه، أقر وزير الدفاع الأميركي، ليون بانيتا، عشية وصوله الى إسرائيل، أمس، بأن «العقوبات الدولية لم تحقق لحد الآن هدفها، عبر إجبار إيران على التخلي عن طموحاتها النووية»، لكنه أضاف إن العقوبات تضرّ بالاقتصاد الإيراني، «رغم أن النتائج غير مرضية حالياً».
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن بانيتا تأكيده ضرورة الامتناع عن ضرب إيران في هذه المرحلة، انطلاقاً من أن القانون الجديد الذي وقّع عليه الرئيس الأميركي، باراك أوباما، حول توسيع التعاون العسكري، والاستخباري والأمني بين إسرائيل والولايات المتحدة، سيؤمن لإسرائيل قدرات تضمن لها ضرب إيران، حتى وإن نقلت منشآتها النووية الى «منطقة الحصانة» تحت الأرض.
وكان بانيتا قد نفى في القاهرة، أمس، التقارير الإعلامية التي قالت إنه يود مناقشة خطط لضربة عسكرية محتملة لإيران خلال زيارته لإسرائيل، قائلاً «أعتقد أن من الخطأ التوصيف بالقول نحن ذاهبون لمناقشة خطط ضربة محتملة. لكننا سنتحدث عن احتمالات عديدة». وأكد أن بحث خطط عسكرية محددة لن تكون في الأولوية.
من جهته، ذكر معلق الشؤون السياسية في «يديعوت»، شمعون شيفر، أن زيارة بانيتا لإسرائيل تأتي لعرض خطة عملانية تعكف وزارة الدفاع الأميركية على بلورتها، وتهدف الى كبح البرنامج النووي الإيراني وشل نظام آيات الله في طهران. ويضيف شيفر إن زيارة بانيتا رسالة واضحة الى تل أبيب، بأن واشنطن مصرة على منع إسرائيل من الإقدام على شن هجوم عسكري من جانب واحد، وأن «إقدامها على خطوة كهذه، سيعني تجاوزاً لخط أحمر ليس بإمكان الولايات المتحدة أن
تتحمله».