رغم سياسة التهويل التي تتبعها القيادة الإسرائيلية بشأن عزمها على توجيه ضربة عسكرية إلى المنشآت النووية الايرانية خلال الاشهر الثلاثة المقبلة، والهرولة الاميركية لطمأنتها، رأت صحيفة «هآرتس» أن هناك عاملين أساسيين يُقلِّصان من إمكان شن هجوم اسرائيلي قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية في تشرين الثاني المقبل، الاول هو المعارضة الواضحة لإدارة اوباما لمثل هذا الهجوم في التوقيت الحالي، كونه يضر بفرص اعادة انتخابه لولاية ثانية. والثاني يرتبط بالتحفظ الذي يبديه كبار قادة المؤسسة العسكرية والاستخبارية، لشن هجوم عسكري قبل الانتخابات الاميركية، وما يمكن ان يتركه من ضرر استراتيجي على العلاقات مع الولايات المتحدة.
ولفتت «هآرتس» الى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع ايهود باراك، يخشيان من أن كل التحذيرات التي يطلقها معارضو الهجوم خلال الاشهر الثلاثة المقبلة، تهدف إلى تأجيل غير محدود للعملية العسكرية، وتحديداً الى الوقت الذي لا يعود فيه من الممكن العمل. وبعدها يجري الانتقال الى سياسة «الاحتواء» تجاه ايران، التي تعهد الرئيس باراك اوباما في خطابه امام مؤتمر ايباك، عدم تبنيها.
ويرى مؤيدو الهجوم أنه كلما مر الوقت، تراجعت جدوى أي هجوم اسرائيلي، وان ما كان تنفيذه ممكناً قبل سنتين اصبح من الصعب تحقيقه الان، بل ومتعذراً، وبناءً عليه اذا ما انتظرنا أكثر فسيصبح الهجوم غير ذي صلة.
في المقابل، رأت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الصورة المرتسمة الان لدى الإدارة الاميركية، سواء كانت صحيحة او غير صحيحة، هي أن نتنياهو وباراك، صعدا الى شجرة عالية وتعلقا بثلاثة اغصان، ولا يعرفان كيف ينزلان. الغصن الاول، هو «الالتزام بالهجوم»، على خلفية وصف اسرائيل للبرنامج النووي الايراني، بأنه تهديد وجودي آخذ بالتطور. والغصن الثاني، هو «العقوبات غير ناجعة»، بل ليس هناك أي ذرة أمل بأن تؤدي العقوبات الى ايقاف المشروع النووي الايراني، والغصن الثالث «ليس امامنا مفر» انطلاقاً من حقيقة أنه إذا لم يقم العالم والاميركيون بالمهمة فنحن سنقوم بها.
بموازاة ذلك، يعتقد المسؤولون في البيت الابيض ومجلس الامن القومي انه لا يزال من الممكن وضع سلم طويل بما يكفي، لكل من نتنياهو وباراك، كي ينزلا عن الشجرة بصورة لائقة، ومن دون أن يظهرا كمن خضع للابتزاز والضغوط، سواء من قبل الولايات المتحدة او الجيش الاسرائيلي والاجهزة الامنية. وضمن هذا الإطار اوضحت «يديعوت» ان نتنياهو لا يريد ان يظهر كليفي اشكول، الذي جرى ابتزازه من قبل الجيش عشية حرب حزيران عام 1967، بل يفضل أن يبدو كمناحيم بيغن، الذي اتخذ قراراً بمهاجمة المفاعل النووي العراقي عام 1981.
وفي السياق، نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، ما قالت إنها خطة الهجوم الأميركية على إيران، التي ناقشها وزير الدفاع الأميركي، ليون بانيتا، مع المسؤولين الإسرائيليين خلال زيارته الأخيرة إلى تل أبيب قبل يومين. وبحسب الصحيفة، فإن الخطة تتألف من ثلاث مراحل، تشمل الأولى نشر حاملات طائرات أميركية في منطقة مضيق هرمز، تليها المرحلة الثانية عبر إطلاق صواريخ «توما هوك» ضد منشآت تحتفظ فيها إيران بمشروعها النووي، على أن تقوم مقاتلات أميركية تنطلق من حاملات الطائرات وقاذفات استراتيجية من طراز B-52 بشن هجمات داخل إيران، تهدف إلى شل قدراتها التقليدية والنووية. وقالت الصحيفة إن التقدير السائد هو أن هجوما كهذا من شأنه أن يعوق المشروع النووي الإيران ما بين 5 إلى 10 سنوات، إضافة إلى أن تقدير آخر هو أن تدمير البنى التحتية الإيرانية سيؤدي إلى تغيير النظام في إيران. وأشارت الصحيفة إلى أن مسؤولين أميركيين أوضحوا لنظرائهم الإسرائيليين أن واشنطن ستعمد إلى تنفيذ هذه الخطة بعد عام ونصف عام في إطار محاولة إقناعهم بعدم تنفيذ هجوم إسرائيلي على طهران.