في حلقة جديدة من مسلسل النقاش الإسرائيلي الداخلي حيال شنّ هجوم على إيران، نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية تسريباتٍ لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بدا فيها أنه يشن هجوماً مضاداً على ما شهدته الأيام الأخيرة من تسريبات لمواقف من قادة المؤسسة الأمنية تعارض قيام إسرائيل وحدها بمهاجمة طهران، وتزامنت الأقوال المتشنجة التي أطلقها نتنياهو مع موجة تصريحات لعدد من المسؤولين الإسرائيليين الأمنيين السابقين، نهاية الأسبوع الماضي، أوحت كما لو أن قرار الهجوم الإسرائيلي على إيران شبه مفروغ منه، وإن تضمنت تحذيراً من اللجوء إليه من دون موافقة أميركية صريحة.
وكشفت الصحف الإسرائيلية، أمس، عن مضمون مداخلات لنتنياهو في اجتماعات مغلقة كان أحدها مع كبار مسؤولي إذاعة الجيش الإسرائيلي ليلة الخميس الماضي. وأظهرت مواقف نتنياهو أنه عاقد العزم على المضي باتجاه توجيه ضربة عسكرية لإيران، إذ قدم ما يشبه الرد على الاعتراضات التي جرى تداولها في العلن ضد ضربة كهذه. وبحسب ما نشر في الصحف الإسرائيلية، فإن نتنياهو قال إنه يفضل أن تقوم الولايات المتحدة بمهاجمة إيران، إلا أنه أعرب عن اعتقاده بأن نسبة هذا الاحتمال ضئيلة. وأضاف أنه يفترض توافر شروط أولية حتى تقوم إدارة أوباما بضرب إيران، أهمها انتظار أن تنتقل إيران لتخصيب اليورانيوم من مستوى 20% إلى مستوى 90%، أو وقوع هجوم إيراني ضد مصالح أميركية في الخليج أو هجوم إيراني مكثف ضد إسرائيل.
ورأى نتنياهو أن «الصواريخ ستتساقط على إسرائيل في كل الأحوال، حتى لو شنّت الولايات المتحدة الهجوم»، مشيراً إلى أن «هذا الثمن أقل من ثمن وجود قنبلة نووية بحوزة إيران، لأنها ستكون فوق رأس إسرائيل وليس فوق رؤوس الآخرين». ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي التشكيك في فعالية الهجوم الإسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية والادّعاء أن تأثيره سيقتصر على تأخير المشروع النووي الإيراني لعام أو اثنين، مشيراً إلى أن مثل هذا الادّعاء تردّد عندما عزم رئيس الوزراء السابق مناحيم بيغن على ضرب مفاعل تموز العراقي عام 1981، لكن ما حدث أن العراقيين لم ينجحوا حتى اليوم في بناء مفاعل جديد. وقدر نتنياهو أن الفترة الفاصلة عن حيازة إيران لقنبلة نووية لا تتجاوز الأشهر. ووجّه نتنياهو انتقاداً لاذعاً لقادة المؤسسة الأمنية بشكل ضمني، متهماً إياهم بالسعي إلى «تغطية قفاهم» في حال تأليف لجنة تحقيق رسمية بعد توجيه ضربة عسكرية لإيران. وقال «يعرضون أمامي معطيات الغاية منها لجان التحقيق. لقد سئمت من هذه الأجواء. قلت لهم أن يتوقفوا عن التحدث لمحضر الجلسة وأن يتكلموا بشكل موضوعي. أنا المسؤول، وإذا تألفت لجنة تحقيق فستكون علي أنا، وأنا أتحمل المسؤولية كاملة».
وتباينت الصحف الإسرائيلية في تفسير خلفية أقوال نتيناهو. وقالت صحيفة «هآرتس» إن عدداً من المشاركين في الاجتماع خرجوا بانطباع أن الأخير مصمم على عدم الاعتماد على الولايات المتحدة، وعلى إصدار الأمر للجيش الإسرائيلي بتوجيه ضربة لإيران في الشهور القريبة. في المقابل، نقلت الصحيفة عن آخرين قولهم إنهم يعتقدون أن نتنياهو ووزير الدفاع إيهود باراك يشنان حرباً نفسية لتكثيف الضغوط على الولايات المتحدة ودفعها للقيام بالضربة العسكرية.
وكان رئيس الشعبة الاستخبارية السابق، أهارون زئيفي فركش، رجح يوم الجمعة الماضي أن يحصل هجوم إسرائيلي على إيران في غضون الأسابيع القليلة المقبلة.