القاهرة | نعوش ملفوفة بأعلام الجمهورية، وموسيقى عسكرية، وهتافات ضد جماعة الإخوان المسلمين، والاعتداء على رئيس الوزراء ورفع الأحذية في وجهه، وغياب مفاجئ للرئيس محمد مرسي. تلك الصورة المتداخلة، كانت المسيطرة أمس على الجنازة العسكرية الشعبية، التي أُعدت لتكريم 16 ضابطاً وجندياً الذين قضوا في الحادث الإرهابي برفح مساء الأحد الماضي. الجنازة تحركت من أمام المنصة في مدينة نصر وحتى مسجد القوات المسلحة، آل رشدان، يتقدمها جنود الشرطة العسكرية حاملين الزهور، وكان في استقبالهم أعضاء المجلس العسكري، وفي مقدمهم رئيس المجلس المشير حسين طنطاوي، وعدد من الرموز الوطنية كعبد المنعم أبو الفتوح وحمدين صباحي. ويبدو أن تلك الشخصيات شعرت أنها غريبة في المكان، حيث بدا واضحاً أن أغلب من حضروا الجنازة هم من مهاجمي ميدان التحرير، وممن قالوا عمن شاركوا في ثورة «25 يناير» إنهم عملاء وخونة. أغلب من حضروا الجنازة كانوا من معارضي الثورة، ومؤيدي النظام السابق. فلم يكن مفاجئاً أن يحمل عدد كبير من هؤلاء المشيعين صوراً ضخمة لمدير جهاز الاستخبارات الراحل عمرو سليمان، وصور آخر رئيس وزراء في نظام حسني مبارك والمرشح الخاسر لرئاسة الجمهورية أحمد شفيق. هذا الأمر دفع بعض الشباب الثوري، الذي قرر أن يشارك في الجنازة، إلى القول إن «شهداءنا يشيّعهم الفلول». ويبدو أن التهديد، الذي وجهه مالك فضائية الفراعين، عضو الحزب الوطني المنحل، توفيق عكاشة، لجماعة الإخوان المسلمين، ولرئيس الجمهورية من المشاركة في الجنازة العسكرية، لاقى استجابة كبيرة. فلم يحضر أي من قادة جماعة الإخوان المسلمين الجنازة. ولم يحضر مرسي كذلك، الذي خصه عكاشة بالقول إن «الحرس الجمهوري والشرطة لن يحمياه من فتك أنصار عكاشة لو حضر الجنازة». إلا أن المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، ياسر علي، قال إن مرسي «آثر التغيب عن مراسم الجنازة العسكرية حتى لا يتأثر الحضور الجماهيري بسبب التكثيف الأمني، إذا حضر الرئيس». وأضاف إن مرسي «أناب المشير محمد حسين طنطاوي، القائد العام، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع، حضور الجنازة»، قبل أن يعود ويؤكد أن «مرسي رأى أن حضوره سيعوق بين الجماهير والمشاركة الشعبية». وشدد على أن «الحزن وحجمه في قلب كل مصري وقلب الرئيس نشعر به جميعاً»، مؤكداً أن مرسي تفقد أمس مصابي الحادث، «والتقى بأسر المصابين واستمع إليهم وتابع تقديم كل الخدمات لهم».
وكانت الجنازة قد شهدت اعتداءً على رئيس الوزراء، هشام قنديل. ولولا تدخل الحرس الشخصي وقوات الأمن التي كانت موجودة في الجنازة لتم الفتك به. وهتف المشيعون أثناء مهاجمتهم قنديل «قتلتوا ولادنا يا كلاب»، قبل أن يتمكن رئيس الوزراء من الخروج من المسجد دون أن يصاب بأذى. وإلى جانب قنديل، اعتدى المشيعون أيضاً على المتحدث باسم حزب النور السلفي، نادر بكار. وأكد الأخير أنه سيتقدم ببلاغ يتهم توفيق عكاشة بالتحريض للاعتداء عليه، وعلى عدد من رموز القوى الوطنية التي شاركت في الجنازة. وانتشرت شائعة قوية بالاعتداء أيضاً على المرشح السابق لرئاسة الجمهورية، عبد المنعم أبو الفتوح، إلا أنه أصدر بياناً أكد فيه أنه بخير ولم يتعرض لأي اعتداء أو طرد أثناء مشاركته في الجنازة. من جهتهم، أكد عدد من شباب الثورة المعروفين تعرضهم للاعتداء على أيدي من وصفوهم «أنصار توفيق عكاشة».
ودافع النائب في البرلمان المنحل محمد أبو حامد، وهو من معارضي جماعة الإخوان، عن الاعتداء على رئيس الوزراء والهتافات المضادة لجماعة الإخوان. واعتبر ما جرى تعبيراً طبيعياً عن وجهة نظر الشعب الذي يحمّل الرئيس وحكومته وجماعته المحظورة المسؤولية تجاه هذه الجريمة. وانتقد أبو حامد غياب الرئيس عن الجنازة، متهماً جماعة الإخوان بالوقوف وراء تلك الأحداث.
وبعيداً عن مجريات التشييع وأسباب تغيّب مرسي، أكد المتحدث الرئاسي ياسر علي أن «الدولة تحترم اتفاقاتها الدولية، لكنها في الوقت نفسه تعمل ما هو في صالح الوطن والمواطن المصري»، في إشارة إلى إمكان تعديل اتفاقية كامب ديفيد الموقعة عام 1979. وأشار إلى أنه «حتى الآن ليس هناك معلومة كاملة ودقيقة عن مرتكبي حادث تفجير رفح». وأضاف «هناك الكثير من التصورات، منها ما يقول إن مرتكبيه مجموعة مصرية، وآخر يقول إن بينهم غير مصريين، لكن لا يقين حول أي منهما». وأوضح أن هناك غرفة عمليات مشتركة بين كل الجهات الأمنية المصرية تعمل على مدار 24 ساعة للكشف عن مرتكبي الحادث، وأن مؤسسة الرئاسة تتابع بشكل دقيق التحقيقات وستعلن المعلومة الكاملة فور وصولها.
وحول ما إذا كانت الرئاسة وجّهت الجهات الأمنية للأخذ بعين الاعتبار التحذيرات التي أطلقتها إسرائيل قبل حادث مقتل الجنود المصريين بثلاثة أيام، قال علي «نحن دائماً ما نجد تحذيرات من هذا الشكل، ولكن لا يمكن أن أتحدث عن طبيعة المعلومات التي كانت تملكها إسرائيل عند إطلاق تحذيراتها، ويمكن للجهات الأمنية المصرية أن تكون لديها الصورة الكاملة عن هذا الأمر».
في غضون ذلك، قال مصدر أمني إن مصر بدأت أمس العمل على إغلاق أنفاق التهريب إلى قطاع غزة، بعد استقدام معدات ثقيلة إلى المنطقة المحاذية للأنفاق التي تستخدم في تهريب أناس من قطاع غزة وإليه، وأيضاً في تهريب أغذية ووقود إلى سكان القطاع. وأكد المصدر الأمني أن «الحملة تهدف إلى إغلاق كل الأنفاق التي تستخدم في عمليات التهريب بين مصر وقطاع غزة».