شنّ الجيش المصري، أمس، عملية عسكرية واسعة النطاق في سيناء، استخدم فيها الضربات الجوية للمرة الأولى منذ حرب 1973 مع إسرائيل انتقاماً لجنوده الذين قتلوا مساء الأحد الماضي على الحدود المصرية الإسرائيلية، فيما أقال الرئيس المصري، محمد مرسي، عدداً من كبار المسؤولين الأمنيين في مقدمتهم مدير الاستخبارات مراد موافي. وقتل عشرون مسلحاً في الهجوم الذي استهدف بلدة التومة في شمال سيناء بعد تجمع عدد كبير للقوات المصرية في القطاع الواقع على الحدود مع غزة. وأكد مسؤول عسكري في سيناء للصحافيين، طالباً عدم كشف اسمه، أن «عشرين إرهابياً قتلوا» في الغارات التي شنتها مروحيات آباتشي عندما هاجمت فرقة المشاة الثانية بلدة التومة، التي تعرف بأنها إحدى بؤر «الإرهاب»، حيث يلجأ إليها الشباب المنبوذ من القبائل وينضمون إلى الجماعات التكفيرية المنتشرة في القرية. كذلك، أفاد مسؤولون أمنيون آخرون في سيناء عن قصف قرب مدينة الشيخ زويد على مقربة من القرية.
من جهتها، تحدثت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، عن «حملات أمنية مكثفة بدأت في محافظة شمال سيناء شملت جنوب العريش والشيخ زويد ورفح وسبقها تمشيط جوي لتلك المناطق لتحديد البؤر الإرهابية لتطهيرها، وإثر ذلك حاصرت المدرعات والمجنزرات تلك المناطق». ووفقاً للوكالة «حاول العناصر الإرهابيون التعرض لطائرات التمشيط الجوي باستخدامهم الصواريخ والمدافع الثقيلة والأسلحة الآلية المتعددة وآر بي جي، لكنها لم تنل من الطائرات وكانت القوات على الأرض أسبق في التعامل مع هؤلاء العناصر الذين لقي عدد منهم مصرعهم»، من دون أن تحدد عدد القتلى.
كذلك أفادت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية، بأن مسلحين مجهولين هاجموا في وقت متأخر أول من أمس نقاطاً أمنية قرب العريش، بينها نقطة هوجمت 28 مرة منذ الانتفاضة الشعبية التي أطاحت مبارك العام الماضي، فيما تدفق سكان العريش أول من أمس على الشوارع لمطالبة الحكومة بحماية أفضل، وبالتسليح للدفاع عن أنفسهم بعد أن هاجم مسلحون نقاط التفتيش في المدينة.
وعقب ساعات من انطلاق العمليات العسكرية، أعلن الجيش المصري أنه وفى بوعده وانتقم لجنوده الذين قتلوا على أيدي «القتلة الكفرة الفجرة»، معتبراً أنه قام بـ«عملية عبور جديدة». وقال المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، في بيان: «أمس، في الساعة الصفر بدأت العملية العسكرية لتطهير أرض الفيروز (أرض سيناء)، بدأت القوات البرية والقوات الخاصة والقوات الجوية بالتنسيق مع وزارة الداخلية للعملية الكبرى لتطهير الثوب من الدنس، عبرنا مرة أخرى إلى أرض الفيروز نستعيد ذكرى انتصار الآباء في رمضان، ونثبت للعالم أجمع أن أجيال العبور لم ولن تموت».
وأوضح المجلس أن العبور في تلك المرة لم يكن لتحرير الأرض، «فلا يجرؤ أحد على احتلالها، وإنما عبرنا لتطهيرها من براثن الإرهاب الأسود الذي سوّلت له نفسه ومَن يخطط له ويموله أن أرض الفيروز لقمة سائغة». وتابع: «لقد نسوا أو تناسوا أن دماء الشهداء على مر التاريخ تحرسها، وأن هذا الشهر هو شهر الانتصارات وأن خير أجناد الأرض يؤمنون بأن سيناء هي أرض معاركهم المفضّلة، وأننا رجال صدقنا ما عاهدنا الله عليه ونقسم بالله إننا منتقمون».
واختتم المجلس بيانه بالقول: «لقد اختار القتلة الكفرة الفجرة يوم 17 رمضان ذكرى غزوة بدر لتنفيذ جريمتهم الشنعاء ضد إخواننا وهم صائمون. لم يراعوا حرمة الشهر الكريم ونسوا أو تناسوا أننا لا نُهزم في رمضان»، وأضاف: «لقد اخترنا لهم الساعة الأولى في العشر الأواخر من الشهر الكريم ليدفعوا الثمن ولنوفي بالقسم الذي أقسمناه بأننا لمنتقمون».
وفي موازاة العمليات العسكرية الأكبر من نوعها في سيناء منذ سنوات، أعلن المتحدث باسم رئاسة الجمهورية المصرية، ياسر علي، أن مرسي قرر أن يحيل على التقاعد رئيس جهاز الاستخبارات العامة اللواء مراد موافي، فيما كلف اللواء محمد رأفت عبد الواحد شحاتة قائماً بأعمال رئيس جهاز الاستخبارات العامة. وكانت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية قد نقلت أمس، تصريحات غير معتادة للواء مراد موافي قبل إحالته على التقاعد، أكد فيها أن جهاز الاستخبارات العامة «كانت لديه معلومات مؤكدة عن وجود تهديدات بهجوم إرهابي يستهدف وحدات في سيناء قبيل وقوع حادث سيناء»، مضيفاً أن «هذه المعلومات لم تشر إلى مكان الهجوم أو توقيته».
وأكد موافي، بحسب الوكالة المصرية، أن «الاستخبارات العامة أبلغت الجهات المعنية بهذه المعلومات، وأنها جهاز تجميع وتحليل معلومات وليست جهة تنفيذية أو قتالية، وأن مهمتها تنتهي عند إبلاغ المعلومات للمعنيين بها من أجهزة الدولة».
لكن موافي لم يكن الرأس الأمني الوحيد الذي أطاحه مرسي، إذ قرر الأخير تعيين اللواء محمد أحمد زكي قائداً جديداً للحرس الجمهوري، فضلاً عن إقالة محافظ شمال سيناء. وقرر مرسي أيضاً تعيين قائد جديد للشرطة العسكرية خلفاً للواء حمدي بدين، الأمر الذي احتفى به النشطاء الشباب الذين شاركوا في الثورة على نظام حسني مبارك، والذين يحمّلون بدين مسؤولية التدخل العنيف للجيش ضد المتظاهرين في الشهور التي تلت إسقاط الرئيس السابق.
كذلك عين مرسي قائداً جديداً لقوات الأمن المركزي التابعة لوزارة الداخلية ومديراً جديداً لأمن القاهرة.
إلى ذلك، تظاهر أمس عشرات من أهالي صيادين مصريين، أمام مبنى وزارة الخارجية المصرية احتجاجاً على تقاعسها في التدخل من أجل الإفراج عن أبنائهم المحتجزين في ليبيا على خلفية دخولهم مياهها الإقليمية بنحو غير قانوني. وحاول عدد من المتظاهرين اقتحام وزارة الخارجية، غير أن حرس الوزارة تصدوا لهم، ما دفع هؤلاء إلى إغلاق مدخل الوزارة ومنعوا الدبلوماسيين والموظفين من الدخول إلى مكاتبهم ووجهوا إليهم الشتائم.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)