يبدو أن إقالة الرئيس المصري محمد مرسي القادة العسكريين والأمنيين في بلده، وإلغاء الإعلان الدستوري المُكمّل، لم يكن وقعهما على إسرائيل، بشقيها السياسي والاستخباري، بأقل من مفاجأتها بنشوب ثورة 25 كانون الثاني التي أطاحت نظام حسني مبارك. لكن غالبية المعلقين الاسرائيليين تقاطعوا حول فكرة أن الرئيس المصري استغل مجزرة سيناء بحق الجنود المصريين لإمرار قراره. وعلى وقع الصدمة، يتوقع أيضاً أن يترك الحدث المصري أثره على الرؤية والتقدير الإسرائيليين لجهة استشراف مسار الأحداث، خاصة أن ما حصل بين ليلة وضحاها ومن دون مقدّمات ظاهرة، كان يرجّح أن يستغرق حدوثه سنوات.
مصادر أمنية إسرائيلية أقرّت بأن قرار الرئيس المصري كان له وقع المفاجأة على إسرائيل وأحدث صدمة حقيقية لها، واصفة ما جرى بأنه استمرار للعمليات الكبيرة التي تحصل في مصر. وأعربت تلك المصادر عن تقديرها أن يكون لهذه الخطوة أثرها على العلاقات مع إسرائيل، رغم أنها عادت وأقرّت بوجوب «الانتظار حتى يتسنى قياس حقيقة وحجم الضرر الناجم عن الخطوة المصرية».
في المقابل، نقل موقع «والا»، الإخباري الإسرائيلي، عن مصادر أمنية أخرى قولها إن «خطوة مرسي ستكرّس زعامته كرئيس لمصر». كذلك نقل الموقع عن رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق إيهود أولمرت، دعوته الى «عدم التسرع واستباق الأحداث»، مشيراً إلى أنه منذ الثورة المصرية وسقوط مبارك، لم تكن التطورات غير متوقعة، لأن الجميع توقع حجم حركة الإخوان المسلمين وقوتهم». وأضاف أن «النظام الجديد سيحدد بوضوح موقفه بالنسبة إلى كل ما يتعلق بالالتزامات الدولية. لغاية الآن لم نر تغييراً حاداً نحو الأسوأ تجاه إسرائيل، وآمل أن يستمر هذا الأمر في المستقبل أيضاً، لكن لا يمكن ضمان ذلك».
أيضاً، استبعد رئيس الطاقم الأمني السياسي في وزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس غلعاد، بحسب صحيفة «معاريف»، أن تترك المستجدات المصرية أي تغيير سلبي على التنسيق الأمني بين مصر وإسرائيل، لافتاً إلى أن وزير الدفاع المصري الجديد عبد الفتاح السيسي كان من ضمن حلقة الوصل بين مصر وإسرائيل خلال مفاوضات تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل، وأنه كان على معرفة بكافة المسؤولين الكبار في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.
إلى ذلك، وصف المعلق العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أليكس فيشمان، ما جرى بـ«دراما يصعب وصفها بالكلمات»، بل هي «رعد في يوم صاف». وربط فيشمان توقيت الخطوات التي أقدم عليها مرسي بعملية سيناء التي «كانت عملية استراتيجية أكبر بكثير مما بدت عليه في البداية، لكونها أحدثت انقلاباً لموازين القوى في مصر، وكشفت عن أن «الجيش المصري في كامل ضعفه بإزاء الرأي العام في الدولة».
أما لجهة التداعيات على إسرائيل، فعلى الرغم من أن فيشمان توقع «استمرار الاتصالات على المستوى التكتيكي في سيناء بسبب المصلحة المشتركة»، أكد أنها «ستبرد بالتدريج».
أما البروفيسور ايال زيسر، فقد رأى في صحيفة «إسرائيل اليوم» أن الثورة التي أحدثها الرئيس المصري كانت مفاجئة وحادة، وذات معنى وعمق لا يقلان وربما يزيدان على ثورة 25 كانون الثاني التي أسقطت نظام مبارك. وتوقّع أن تبارك الإدارة الاميركية هذا الاجراء، لأنهم كعادتهم «مع المنتصرين دائماً، ولا سيما إذا كانوا يمثلون الرأي العام».
ورأى عوديد غرانوت في صحيفة «معاريف» أن ما هو أهم من إطاحة القيادة الأمنية والعسكرية أنه يحق لمرسي التباهي بكونه «حقق في يوم واحد ما استغرق الإسلاميون في تركيا لإعادة الجيش إلى حجمه الطبيعي، بضع سنوات».
من جهته، رأى تسفي برئيل، في صحيفة «هآرتس»، أن مرسي استغل عملية سيناء، ولكن المشكلة «أن الدولة التي يرأسها رئيس من قبل الإخوان المسلمين وتفسر خطواتها ضد الجيش على أنها نضال لتغليب جدول العمل الاسلامي المتطرف... تمثل الخوف _ وبعبارة أصح التهديد _ الذي تخشاه إسرائيل والولايات المتحدة خشية خاصة».