بعد جمعة «زوّدونا بمضادات للطائرات»، كان المشهد الميداني السوري أمس على موعد مع حدث جديد تمثل في سقوط طائرة «ميغ» للجيش النظامي. وفيما أعلنت السلطة سقوط الطائرة بسبب عطل فني، أعلن «الجيش الحر» إسقاطها، وبثّ شريطاً مصوّراً لسقوطها ولطيّارها الذي وقع في الأسر. وذكرت وكالة الأنباء السورية «سانا»، نقلاً عن مصدر عسكري، أن «طائرة مقاتلة تعطّلت لدى قيامها بتنفيذ طلعة تدريبية اعتيادية في المنطقة الشرقية، ما دفع الطيار الى مغادرة الطائرة بالمقعد المقذوف». وأكد أنّ «عملية البحث عن الطيار لا تزال جارية». بدوره، تبنى «الجيش السوري الحر» إسقاط الطائرة، بحسب ما أكد متحدث باسمه لوكالة «فرانس برس»، فيما أعلنت مجموعة منه في شريط مصور اعتقال الطيار. وقال المتحدث باسم القيادة المشتركة للجيش السوري الحر «نؤكد أننا أسقطنا طائرة ميغ بواسطة رشاش مضاد للطائرات من طراز 14,5». وفي شريط مصور نشر على موقع «يوتيوب» على الإنترنت، أعلنت مجموعة تطلق على نفسها اسم «لواء أحفاد محمد _ كتيبة عثمان بن عفان» أسر الطيار.
في موازاة ذلك، اقتحمت القوات النظامية السورية، يوم أمس، حيّ سيف الدولة في حلب، وهو الحي الثاني الذي يقع تحت سيطرة المقاتلين المعارضين. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في بيان، بأنّ «القوات السورية مدعمة بدبابات اقتحمت القسم الغربي من حيّ سيف الدولة، وتشتبك مع مقاتلين من الكتائب الثائرة». كذلك أشار المرصد الى استمرار القصف على بعض المناطق في حي صلاح الدين الذي لا تزال تواجه فيه «بعض جيوب مقاومة». وذكر المرصد أن المقاتلين المعارضين شنوا «هجوماً على فرع المخابرات الجوية ومركز الكتيبة المدفعية في حي جمعية الزهراء في غرب المدينة، ولم تعرف نتائج الهجوم». وأشار الى أن «الاتصالات صعبة جداً مع حلب، والاخبار قليلة ومحدودة»، بينما ذكر مصدر أمني في دمشق لوكالة «فرانس برس» أنّ قوات النظام «تتقدم في اتجاه حيّ السكري في جنوب المدينة».
من جهة أخرى، تعرضت بعض الاحياء في جنوب دمشق وبلدات في الريف المتاخم لها لقصف من القوات النظامية ترافق مع اشتباكات، بينما جرت حملة مداهمات واعتقالات في بعض أحياء دمشق، بحسب «المرصد السوري لحقوق الانسان». وقال المرصد، في بيانات متتالية، إنّ حيّي العسالي ونهر عيشة تعرضا للقصف من القوات النظامية، فيما وقعت اشتباكات عنيفة وقصف في حيّ القدم. وشمل القصف بلدات عربين والتل وعرطوز في ريف دمشق، ووقعت اشتباكات في بلدتي حرستا والكسوة.
وأشار المرصد إلى أن حصيلة ضحايا العمليات العسكرية في دمشق وريفها ارتفعت خلال الساعات الـ48 الماضية الى 48 قتيلاً، موضحاً أن القتلى هم 39 مدنياً و12 مقاتلاً معارضاً. وتحدث المرصد عن حملة مداهمات واعتقالات في أحياء القيمرية وقشلة والشاغور في وسط دمشق، ترافقت مع إطلاق نار.
من ناحيته، أفاد التلفزيون السوري، أمس، بأن الحكومة شنّت سلسلة مداهمات لما وصفتها بأنها معاقل «للإرهابيين» في مناطق متفرقة من دمشق. وأضاف أن السلطات عثرت في العاصمة على أنفاق تحت منزل في المدينة القديمة، ووجدت بداخله أسلحة وذخيرة. وقال التلفزيون إن من الأسلحة التي صودرت بنادق وكميات كبيرة من الذخيرة وقنابل يدوية إسرائيلية الصنع.
كذلك عثرت، أيضاً، على أجهزة اتصالات، منها جهاز للبث بالقمر الصناعي، وخرائط وضعت المجموعة علامات فيها على الاهداف للهجمات المستقبلية. وأضاف التقرير أنه تمّ إلقاء القبض على عدد من الناس الذين خزّنوا معدات وأدوية لعلاج المصابين. وقال التلفزيون السوري إن جماعة «إرهابية» مسلحة هاجمت حافلة صغيرة تقلّ مدنيين في حيّ الشماس بحمص.
إلى ذلك، أفادت وكالة «سانا» بأن «الجهات المختصة لاحقت مجموعة إرهابية مسلحة اعتدت على قوات حفظ النظام في قرية الخضراء، التابعة لناحية قسطل معاف بريف اللاذقية، وكبدتها خسائر كبيرة».
من جهته، قال رئيس بعثة المراقبين في سوريا، بابكر جاي، بعد أن التقى مجموعة العمل في الحكومة السورية، إنّه «من الواضح أن العنف يتزايد في أجزاء كثيرة من سوريا. استخدام الحكومة الاسلحة الثقيلة من دون تمييز والهجمات المستهدفة التي تشنها المعارضة يوقعان خسائر كبيرة بين المدنيين الأبرياء». وأضاف أنّ فريقاً من المراقبين اجتمع مع المعارضة خارج البلاد.
وحثّ الطرفين على احترام القوانين الانسانية الدولية، قائلاً «أشعر بأسف بالغ من أن أياً من الطرفين لم يجعل من احتياجات المدنيين أولوية». وأشار إلى أنّه «نحتاج الى عدد أقل لمراقبة العنف. لهذا قلّصنا قوتنا في البلاد، لكن حتى اللحظة الاخيرة لا يزال هناك 100 مراقب علاوة على زملائنا المدنيين الذين سيعملون حتى اللحظة الأخيرة». ودان أعمال العنف التي تستهدف الصحافيين، بعد اختفاء مراسلين يعملون في وسائل إعلامية رسمية. وقال إنّه «مهما كان البلد، فإن الامم المتحدة متمسكة بالصحافة ووسائل الاعلام، وللصحافة دور كبير تؤديه في هذا البلد، لذلك ندين كل أعمال العنف ضد وسائل الاعلام أياً كان مرتكبوها».
في سياق آخر، قالت السلطات التركية، أمس، إنّ ما يربو على أربعة آلاف سوري دخلوا تركيا في الايام الثلاثة الاخيرة، فراراً من المعارك في بلدهم، ورفعوا بذلك العدد الاجمالي للاجئين السوريين هناك الى 59710 لاجئين.
وكان عدد اللاجئين السوريين المسجلين في تركيا 44 ألفاً في نهاية شهر تموز. وفي الأردن، أفاد مسؤول أمني بأنّه جرى استدعاء شرطة مكافحة الشغب من أجل تفريق مجموعة من اللاجئين السوريين الغاضبين في مخيم الزعتري، بعد أن اصطدموا مع الحرس أثناء محاولتهم مغادرة المخيم.
وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إنّ «حوالى ستين لاجئاً سورياً من سكان مخيم الزعتري اصطدموا مع الحراس عندما حاولت مجموعة منهم مغادرة المخيم والعودة الى بلدة الرمثا الحدودية». وأوضح أنّ «اللاجئين السوريين قالوا إنهم يريدون العودة الى بيوت مستأجرة لهم في الرمثا، لأنهم لا يحبون العيش في هذا المخيم».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)