القاهرة | التسريبات من «مصادر مطلعة» في رئاسة الجمهورية، حسبما قالت مواقع الصحف المصرية أمس، تشير إلى أن الرئيس محمد مرسي، يعتزم المشاركة في قمة «دول عدم الانحياز»، المزمع انعقادها في العاصمة الإيرانية طهران، نهاية لشهر الجاري. وهي تسريبات تدعمها ما كشفت عنه لـ«الأخبار» محررة مختصة في شؤون رئاسة الجمهورية، طلبت عدم ذكر اسمها. وأكدت أن ترتيبات سفر الوفد الاعلامي المرافق للرئيس بدأت بالفعل بالرغم من أن المتحدث باسم رئاسة الجمهورية ياسر علي، لم يذكر شيئاً حتى اللحظة عن الموقف الرسمي من المشاركة في القمة في طهران.
وكان وزير الخارجية المصري، محمد كامل عمرو، قد قال إن بلاده تدرس دعوة من الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، سلمها نائبه حميد بقائي لمرسي خلال زيارته القاهرة قبل أيام. وفي حال تلبية مرسي للدعوة، فإن زيارته ستكون الأولى من نوعها لمسؤول مصري بهذا المستوى إلى إيران، منذ قطع العلاقات بين البلدين، على اثر اندلاع الثورة الإيرانية واستقبال الرئيس المصري أنور السادات للشاه المخلوع محمد رضا بهلوي. وهو ما اتبعه ترحيب إيراني بعدها بنحو ثلاث سنوات بمقتل أنور السادات. وعزز من الهوة بين الطرفين التحالف الوثيق بين نظام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك مع الولايات المتحدة.
هذه التسريبات عن نية مرسي المشاركة في قمة عدم الانحياز، كانت كفيلة بأن تثير حفيظة يسري حماد، المتحدث الرسمي باسم حزب النور، الذراع السياسية للدعوة السلفية. وأوضح حماد أن حزبه لا يمانع زيارة الرئيس لإيران في اطار المشاركة في القمة فقط، لكنه شدد في حديثه مع «الأخبار» على أن حزبه يعارض «أي محاولة لتطبيع العلاقات مع إيران، ما دامت الأخيرة مصرة على دعم نشر المذهب الشيعي في مصر (ذات الأغلبية السنية)». وأضاف «لا يمكن فصل الدعوات إلى اقامة حسينيات شيعية مثلاً عن الدعم الايراني لهذا المذهب في مصر، وهي معقل من معاقل أهل السنة والجماعة، وذلك بخلاف نشاط إيران المثيل في دول أخرى من العالم العربي». كذلك أكد أنه «لا يمكن تجاهل مقتل علماء من السنة في إيران واغلاق مساجد سنية هناك».
لكن بعيداً عن التعقيدات المذهبية، يبدو أن الزيارة المحتملة ستلقى ترحيباً من الدوائر الدبلوماسية المصرية على الأقل، كما يبدو من حديث المساعد السابق لوزير الخارجية، هاني خلاف. وأوضح خلاف لـ«الأخبار» أن «الزيارة قد تعني بدء فتح صفحة جديدة في العلاقات المصرية الإيرانية، ولا سيما في حال تبعتها لقاءات ثنائية بين الطرفين، تمهيداً ربما لرفع مستوى التمثيل الدبلوماسي إلى سفارة، وخصوصاً أن إيران بادرت بعدد من اللفتات من قبيل إعلان تأييد الثورة المصرية والانتخابات الديموقراطية لاحقاً، وصولاً إلى التأسيس على المدى المتوسط إلى تعاون اقتصادي وتبادل تجاري مهم في هذه الفترة للاقتصاد المصري». وفي ما يتعلق بالصعيد الأمني، أشار خلاف إلى أن «الأمر قد يستغرق وقتاً أطول بطبيعة الحال لحل الأزمات العالقة كتلك التي أعاقت المفاوضات بين الاستخبارات المصرية والإيرانية قبل ثورة يناير، من قبيل إصرار الجانب المصري على استعادة معارضين مصريين فروا إلى ايران بخلاف أزمة الجزر المتنازع عليها بين الامارات وإيران». وأعرب عن اعتقاده بأن هذه التغييرات في العلاقة «ليست ممكنة دون ترتيب مع دول مجلس التعاون الخليجي».
من جهتها، لا ترى منار الشوربجي، أستاذة العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في القاهرة، مصلحة واضحة لمصر في استمرار الشقاق مع إيران، مستندةً في رأيها إلى احتفاظ دول الخليج بعلاقاتها قائمة مع طهران بالرغم من التوتر. الا أن رئيس مركز الشرق للدراسات الاقليمية والاستراتيجية في القاهرة، مصطفى اللباد، يدعو الى مزيد من التريث في قراءة دلالة الزيارة، قائلا إنها تكفي على الأقل لأن تكون زيارة لاستطلاع امكانية تحسين العلاقة بين الطرفين. وأكد لـ«الأخبار» أن «أهم ما تعنيه هو استعادة قدرة السياسة المصرية الخارجية على المناورة، ولا سيما حيال الولايات المتحدة بعد زيارتين للرئيس مرسي إلى السعودية ورسالته إلى الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز». وأضاف «لا أظن أن زيارة كتلك ستؤدي إلى الاضرار بالعلاقات المصرية مع الولايات المتحدة، فالوقت لا يزال مبكراً على قراءة نتائجها، وما إن كانت ستمهد لعودة العلاقات ولا سيما أنها لا تزيد شكلياً إلى الآن عن كونها زيارة بروتوكولية لنقل رئاسة القمة من مصر لإيران».