الجزائر | أتت الحرائق المندلعة في غابات الجزائر على عشرة آلاف هكتار حتى منتصف آب الحالي، مع استمرار النيران المندلعة في عشرات المواقع وعجز الوسائل المستعملة حتى الآن على إخمادها. ولم تسلم من النيران اشجار «أرز الأطلس والبلوط والزان» أثمن أنواع الأشجار الغابية في الجزائر، بل بلغت في الأيام الأخيرة غابات الزيتون والكرز وبساتين التين في منطقة القبائل على الخصوص. وأفاد تقرير الحماية المدنية في الدفاع المدني بأن أكثر من 15 حريقاً سجلت في ولاية تيزي أوزو كبرى ولايات منطقة القبائل، وحدها. وأن أكبرها يلتهم حتى اليوم مساحات شاسعة من الغابات بين مدينتي «بني يني» و«الأربعاء ناث ايراثن» الجبليتين. وأشارت التقارير إلى أن عشرات الهكتارات من أشجار الزيتون المعمرة تحولت إلى رماد وأن غابات الكرز التي تشتهر بها المنطقة صارت داخل دائرة النار.
بالإضافة إلى الأضرار في الغابات، تعرضت الحياة البرية لدمار كبير فنفقت عشرات الرؤوس من أنواع الثدييات والطيور المهددة بالانقراض، من بينها الإيل البربري والضبع المخطط والوشق والنسر الملكي.
وإزاء تفاقم الوضع، تعمل الفرق المتنقلة للحماية المدنية على مدار الساعة لإخماد النيران، بمساعدة مئات من سكان البلدات والقرى المهددة، من نقل عشرات شاحنات المياه إلى الأودية والسدود. الحرائق ساهمت في ارتفاع درجات الحرارة إلى 45 درجة مئوية في تيزي أوزو وما جاورها وبلغت في العاصمة ما يزيد على 38 درجة. كما تسببت الحرائق أيضاً بنزوح العائلات القروية من منازلها الريفية خوفاً من جحيم النيران. ويجاهد سكان بلدة «آث ميمون» بالتعاون مع جيرانهم من القرى المجاورة، على مكافحة ألسنة اللهب وهي تجتاح كل ما في طريقها وتقترب من منازلهم.
من جهة أخرى، خرج عدد من سكان أرياف منطقة القبائل للاحتجاج بعد أخبار أفادت بأن الجيش هو من بادر الى إشعال النيران في بعض الأماكن لإرغام عناصر الجماعات الإرهابية التي تحتمي بالغابات على الخروج منها. هذه الأنباء لاقت من يصدقها وخاصة أن معظم الحرائق الكبيرة اندلعت في غابات شمال البلاد والتي تحتضن معاقل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وعملت أوساط التيار الإسلامي على ترويج هذه الأخبار، وأوضحوا أن الجيش بعدما استعصى عليه دخول بعض المناطق الصعبة في الجبال الكثيفة بالغابات ضربها بالطائرات. وشددت أوساط الإسلاميين على أن المسلحين يختبئون في دهاليز بعمق خمسة أمتار تحت الأرض وأكثر أحياناً، ولا تصلها القذائف. لكن هذه الروايات لم تثبت صحتها حتى الآن. فكما هو معلوم، فإن حرائق الغابات كانت في الجزائر حتى قبل الأزمة الأمنية، حيث كان قرويون مختصون في إنتاج الفحم من الخشب المحروق يتسببون سنوياً باشتعال آلاف الهكتارات في الغابات الكبيرة. ويقول الاختصاصيون إن أشجار الفلين التي تغطي مساحات واسعة من منطقة القبائل والجبال الساحلية شرق البلاد تشتعل تلقائياً حين تلتقي درجة الحرارة العالية مع رياح تجعل أجزاء الفلين تحتك ببعضها فتولد شرارة كافية لإضرام النار.
المهم أن الإسلاميين هذه الأيام استخدموا سلاح تهمة الجيش بالحرائق ووجدوا ممن صدقوا الرواية في غياب أي شرح للقائمين على الشأن العام للأسباب الحقيقية لهذه الحرائق.