القاهرة | مفاوضات وجهود حثيثة يقودها مستشار الرئيس للمشروعات القومية، المهندس إبراهيم محلب، مع عدد من الرهبان في دير الأنبا مكاريوس في وادي الريان، وهو الدير الذي سبب أزمة بين الدولة والكنيسة منذ بداية العام الجاري، بسبب وجود مخطط لتنفيذ طريق سريع سيقتحم الدير ومزارعه، باعتبار هذه الأراضي ملكا للدولة، ولم يثبت الرهبان المقيمون فيها منذ سنوات ضمها إلى الدير.
اللافت أن الكنيسة انحازت إلى الدولة بعدما تبرأت من الرهبان وخلعت عددا منهم، فيما غادر آخرون الدير حتى حل الأزمة، كما تجمد تنفيذ المشروع حتى الوصول إلى حل مع الرهبان، الذين وقفوا أمام معدات الحفر، وخاصة أنهم أقاموا سورا بطول 11 كلم لحماية الدير والمناطق المحيطة به بعد «ثورة 25 يناير». كذلك شرح الرهبان لمحلب أنهم لا يقفون في وجه مخطط التنمية الذي تسعى الدولة إلى تنفيذه، لكن لديهم مخاوف من عجزها عن حمايتهم، وخاصة أن السور بُني بعد الثورة عقب تعرضهم لهجوم متكرر من المساجين الهاربين، وفي ظل حالة الانفلات الأمني التي شهدتها مصر، ثم طالبوا محلب بتنفيذ مخططات بديلة للمشروع، لكن الرجل أكد صعوبة ذلك الآن.
الرجل، الذي كان رئيس الوزراء وانتدبه عبد الفتاح السيسي لهذه المهمة، شرح للرهبان مميزات المشروع، وأنه سيسهل عليهم حركتهم، بالإضافة إلى إنشاء الجيش محطة بنزين في المنطقة لإحيائها وتوفير احتياجات الدير وتأمينه، منبها إياهم كي لا يقفوا عائقا أمام المشروع. وأضاف أن السيسي مهتم بالمشروع ويرغب في الحصول على موافقتهم قبل تنفيذه، كما وعدهم بأنه سيزورهم مرة أخرى لمعرفة قرارهم النهائي في ظل «حرص الدولة على حل المشكلة ودياً».
وعلمت «الأخبار» أن الحكومة قدمت عدة عروض للأقباط، منها نقل الدير إلى مكان آخر بالمساحة نفسها في الجبل، وخاصة مع وجود «شبهة أثرية» في بعض المناطق من الدير، إضافة إلى تقنين وضع أيديهم على باقي المساحة من الدير، وهي العروض التي وعد الرهبان بدراستها والرد عليها قريبا، علما بأن الدولة ترغب في تنفيذ المشروع خلال الأسابيع المقبلة.
ويحاول محلب عرض تعديلات ممكنة على خط سير المشروع ليضمن ألا يتأثر الدير مع ضمان الحماية، علماً بأن البابا تواضرس الثاني أعطى الضوء الأخضر لتنفيذ المشروع بالقوة، لكن الدولة قررت ألا تدخل في صدام مباشر مع الأقباط.
ويرفض عدد كبير من الرهبان التخلي عن الدير باعتباره ديرا تاريخيا ولأنهم خاضوا معارك كثيرة من أجل الحفاظ عليه خلال السنوات الماضية، وواجهوا مشكلات مع المحافظة وأخرى مع إدارة البيئة، التي عدّت جزءا من مساحة الدير محمية طبيعية. أما الكنيسة، فأصدرت بيانين متناقضين، الأول في 2012 أعلنت فيه أثرية الدير، والثاني في 2014 تبرأت فيه من الرهبان المقيمين فيه.