أعلن وزير الخارجية الإيراني، علي أكبر صالحي، أمس، أن إيران ستقدّم اقتراحاً لتسوية النزاع في سوريا خلال قمة دول عدم الانحياز، الأسبوع المقبل في طهران. وأكد، كما نقلت عنه وكالتا الأنباء الإيرانيتان «مهر» و«فارس»، أنّ الاقتراح «عقلاني ومقبول» من كل الاطراف، وأنّه «سيكون من الصعب جداً معارضته». وأشار صالحي، مجدداً، إلى أنّ طهران مستعدة لاستضافة محادثات بين الحكومة والمعارضة السورية، «بعد قمة عدم الانحياز والجمعية العامة للأمم المتحدة» في شهر أيلول المقبل. وأضاف إنّ «قسماً كبيراً من المعارضة السورية» مستعدّ للمشاركة في مثل هذه المحادثات. وأكد صالحي دعم طهران لدمشق، معتبراً أنّ الأزمة السورية «مفتعلة»، وأنّه يمكن تسويتها عبر محادثات بين الحكومة والمعارضة. وكرّر القول إنّ الدعم للنظام السوري يشكل «ركيزة» في السياسة الخارجية الإيرانية، نظراً إلى أن سوريا تشكّل «عنصراً أساسياً في المقاومة ضد إسرائيل». وأضاف «نحن غير مستعدين للتخلي عن هذه السياسة».
وفي حديث إلى «الأخبار»، قال صالحي إن الجمهورية الإسلامية ستعرض تلك المبادرة على بعض الدول، على هامش اجتماعات الدول الأعضاء في منظمة عدم الانحياز، مشيراً إلى أنه «إذا ما لاقت القبول والترحيب، فعندها يتمّ توسيع دائرتها والكشف عن تفاصيلها، وهي كثيرة». وأوضح أن المبادرة تستند إلى الكثير من الاقتراحات السابقة، من خطة كوفي أنان وقرارات جامعة الدول العربية وغيرها، فيها الكثير من المشتركات مع المبادرات السابقة». وأشار إلى أن المبادرة الإيرانية «تأخذ في الاعتبار جميع الأطراف المعنية بالوضع في سوريا، وهي مبنية على افتراض حسن نياتهم جميعاً».
ويبدو واضحاً أن الإيرانيين يتكتمون على تفاصيل هذه المبادرة التي يحصرون العالمين بثناياها بدائرة ضيقة في أعلى هرم السلطة. إلا أن مصادر إيرانية واسعة الاطلاع تقول إن طهران التقطت المشروع المصري الذي جرى طرحه في قمة مكة، وأقامت مبادرتها عليه، على قاعدة أن تعمل إيران وتركيا، كل لدى الطرف الأقرب إليها من المتخاصمين السوريين، من أجل دفعه نحو حلّ سوري جامع، على أن تكون مصر والسعودية دولتين مراقبتين وضامنتين لما يجري. وتضيف المصادر إن المبادرة الإيرانية لم تتبلور على شاكلة بنود وخطوات، بقدر ما هي محاولة لجمع النظام والمعارضة السوريين في طهران من أجل دخول مسار من النقاش المفتوح، الذي يأمل الإيرانيون أن يتوصل الطرفان من خلاله إلى تسوية مقبولة لدى الجميع.
وتؤكد المصادر نفسها أن «تشكيل حكومة وحدة وطنية تجمع الطرفين المتقاتلين في سوريا سيكون جزءاً من المبادرة، على أن أي إشارة تتعلق بالرئيس لن تُطرح أو تُعرض من قبل الإيرانيين الذين لن يقبلوا بأي مساس به». وتختم المصادر بالقول إن طهران تريد من هذه المبادرة تحقيق أمرين: الأول، سحب البساط من تحت الغرب، وتحويل الملف السوري إلى ملف إقليمي بدلاً من أن يكون ملفاً دولياً. أما الثاني، وبدلاً من أن تكون إيران جزءاً من المشكلة، تصبح جزءاً من الحلّ، ويمكن تحقيق ذلك أو فرضه على الجميع عبر تحويل المبادرة من مبادرة إيرانية، إلى مبادرة لمجموعة دول عدم الانحياز، وهو ما تسعى طهران إلى تحقيقه.
من ناحيته، أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، للمبعوث الأممي العربي الجديد إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي أن المساعي الرامية إلى حلّ الأزمة السورية يجب أن تعتمد على خطة المبعوث السابق كوفي أنان، والبيان الذي تبنته مجموعة العمل حول سوريا في مؤتمرها بجنيف. ونقلت قناة «روسيا اليوم» عن بيان لوزارة الخارجية الروسية أن لافروف والإبراهيمي بحثا التطورات الأخيرة حول سوريا في اتصال هاتفي. وأضافت إن «الطرف الروسي أكد تمسكه المبدئي بضرورة وقف سفك الدماء وبدء الحوار السياسي بين الطرفين المتنازعين في أسرع وقت».
وأشارت الوزارة إلى أن الإبراهيمي «اتفق مع هذا الموقف، مؤكداً أنه سيتعامل مع جميع الأطراف السورية ومع كل الدول القادرة على تغيير الوضع السوري، بدون استثناء، من أجل تحويله إلى مجرى الحوار السياسي الشامل». وأضافت وزارة الخارجية الروسية إن لافروف أكد أيضاً تأييد روسيا لتعيين الإبراهيمي مبعوثاً أممياً عربياً خاصاً، مشيراً إلى استعداد روسيا للتعامل معه في الملف السوري.
من جهته، حذّر وزير الإعلام السوري عمران الزعبي، الغرب من التدخّل العسكري في بلاده، واتهم الولايات المتحدة وبريطانيا بدعم الدول التي تقف وراء وجود تنظيم القاعدة في سوريا. وقال الزعبي، في مقابلة تلفزيونية، يوم أمس، إن «سوريا لا تريد الحرب مع أي جهة، لكنها لن تكون نزهة لمن يفكر بالمجيء إليها».
ونفى الزعبي أن تكون بلاده قد اعترفت بأنها تملك أسلحة كيميائية، مشدداً على أن البيان الصادر عن وزارة الخارجية السورية بهذا الشأن الشهر الماضي «قد حرّف». وأضاف إن بيان الوزارة قال «إذا كانت لدينا تلك الأسلحة الكيميائية فلن نستخدمها، وهي مثل الأسلحة النووية في إسرائيل لا يمكن أن تستعملها في بلدها أو في البلدان المجاورة، وهي سلاح رادع ونحن لم نقل إننا نمتلكها».
واتهم الزعبي الولايات المتحدة وبريطانيا بدعم البلدان التي قال إنها تقف وراء وجود تنظيم القاعدة في سوريا، وقال إن «قطر والسعودية وتركيا تملك السلطة على تنظيم القاعدة». وأضاف «لست متأكداً من مدى التأثير الذي تملكه بريطانيا والولايات المتحدة على القاعدة والسعودية وتركيا لمنعها من تأجيج هذه النار بالأسلحة والمال».
من ناحيته، لفت نائب رئيس الوزراء السوري، قدري جميل، في حديث تلفزيوني، إلى أن حكومته «تعمل حالياً من أجل وقف الصراع، ولا تريد أي تدخل من بريطانيا».
(الأخبار)