أنقرة | لا تزال تركيا تعيش على وقع تداعيات اعتداء غازي عين تاب، الذي أدى إلى سقوط 9 قتلى في العشرين من آب الجاري. فرغم اتهام الحكومة لحزب العمال الكردستاني، إلا أن خبراء أتراكاً يشيرون الى أياد لتنظيم «القاعدة»، فيما يلقي آخرون اللوم على «اللاعبين العالميين» الذين يعملون من أجل دفع تركيا نحو عمل عسكري أحادي ضد سوريا. لكن المؤكّد بين كل تلك التصورات أن اعتداء غازي عين تاب مرتبط بالأوضاع في سوريا والتورّط التركي فيها، ولا سيما بعد نفي حزب العمال الكردستاني لمسؤوليته عن الاعتداء. ويشير المسؤولون الى تورط جهات خارجية بالاعتداء. وقد ترك نائب رئيس الحكومة بولنت آرينك باب التوقعات مفتوحاً أمام احتمال تورط ايراني. وقال إن الأمر لا يتعلق فقط بسوريا بل «بكل العناصر الخارجية المحيطة بنا». وفي ردّ على سؤال ان كان ذلك يشمل ايران، أجاب «يمكن أن تكون ايران، ويمكن أن تكون (هذه العناصر) هنا أو هناك».
ورغم هذه الاتهامات الرسمية غير المباشرة لإيران وحزب العمال وحتى سوريا، فان بعض الخبراء الأتراك يرون أن اعتداء غازي عين تاب ليس انتقاماً سورياً وايرانياً من تركيا لدورها في سوريا، وانما يهدف الى حمل أنقرة على التورط أكثر في الأزمة السورية، حتى عسكرياً. ويقول الكاتب باري ياركادا إن «حزب العمال الكردستاني عادةً لا يتحمل مسؤولية اعتداءاته ان راح ضحيتها مدنيون. لكن لنفترض انه لم يفعل ذلك، عندها هناك احتمال أن يكون الاعتداء من تدبير قوى عالمية وفاعلين دوليين يريدون تغيير النظام بسوريا بأسرع ما يمكن. وهؤلاء الفاعلون يدركون أن اعتداء غازي عين تاب سوف يكون مرتبطاً بسوريا، وبالتالي فإن الرأي العام التركي سوف يطلب من الحكومة أن تتحرك، وان كان عسكرياً ضد سوريا».
وذهبت بعض وسائل الإعلام كصحيفة «يورت» اليومية، المعروفة بدعمها لحزب المعارضة الأساسي «الشعب الجمهوري»، الى توجيه اصابع الاتهام الى «القاعدة». وقالت الصحيفة إن التنظيم دبر التفجير من أجل شدّ اهتمام تركيا الى سوريا أكثر، مشيرة الى أن اسلوب التفجير بسيارة مفخخة على طرف الطريق مرتبط بـ«القاعدة» أكثر منه بحزب العمال الكردستاني، مستندة في تحليلاتها هذه الى مصادر سورية.
وفي تموز الماضي، كانت الصحافة التركية قد أفادت بأن السلطات اعتقلت عشرات المشتبه في ارتباطهم بشبكة «القاعدة» في المدن الجنوبية، ومن ضمنها غازي عين تاب. وفي تحليل نُشر قبيل الاعتداء، قال مركز الأبحاث الأميركي «ستراتفور»، إن تركيا تواجه احتمال حصول حركة ارتجاجية، في إشارة الى ما يجري في سوريا.
من جهتها، رأت الكاتبة في صحيفة «ميلليت»، فكرت بيلا، أنه «نظراً لسياسات أنقرة تجاه سوريا، فان هذا يجعل منها هدفاً للجميع»، وهذا يشمل «الأراضي التركية، ولا سيما مدن كغازي عين تاب المليئة بعناصر الاستخبارات الأجنبية، وهذا الوضع يلحق الأذى بالأمن التركي».
لكن بعض الخبراء، شأن الكاتب في صحيفة «طرف» إمري أوسلو، رأوا أن حزب العمال مسؤول عن الاعتداء، مذكرين بهجماته الأخيرة، اضافة الى أنه حاول الاستفادة من الأوضاع في شمال سوريا، حيث سيطرت المعارضة الكردية على بعض القرى، مؤسسة نوعاً من الحكم الذاتي. وكتب في عموده «أياً تكن التطورات بسوريا فهي لا تمثل الدافع الوحيد لحزب العمال. أرادت الحكومة التركية في الآونة الأخيرة أن تستأنف المفاوضات مع حزب العمال مع اقتراب الانتخابات العامة. وقد رأى حزب العمال المحكوم من قبل جناح متشدد حالياً أن هذه الرغبة مؤشر على ضعف الحكومة التركية. ولهذا السبب رفع من وتيرة اعتداءاته. هو يهدف الى انتزاع أكبر قدر ممكن خلال المفاوضات المحتملة».