غزة | شعر الفلسطينيون بالإحباط بعد القرار المصري بفتح معبر رفح الحدودي جنوب قطاع غزة ثلاثة أيام من كل أسبوع فقط، لأنّه جاء معاكساً لطموحاتهم بتحسن أوضاعهم بعد فوز محمد مرسي المنبثق من جماعة الإخوان المسلمين، حليفة حركة «حماس»، بالانتخابات الرئاسية المصرية. «الأخبار» جالت على أهالي القطاع لتقف على معاناتهم، تقول أماني شنينو: «أرى من الظلم تحديد 3 أيام فقط للسفر، لأن كل غزة حالة إنسانية ونحن خُدعنا بمرسي»، فيما أعرب وليد إكي (24 عاماً) عن تمنياته بأن «يُفتح المعبر بصورة أفضل، وأن يسافر أي مواطن بغزة بكل حرية»، مشيراً الى أن «وضع المعبر في عهد حسني مبارك كان أفضل؛ فالوضع الآن يشبه الفوضى». واستغرب «صمت حركة «حماس» عن هذا القرار».
ومنذ وقوع عملية سيناء، التي قُتل خلالها 16 جندياً مصرياً في السادس من هذا الشهر، أغلقت السلطات المصرية معبر رفح، فيما أعلنت حكومة «حماس» إغلاقها للأنفاق على الحدود الجنوبية للقطاع، وتوقف سفر المواطنين الى الخارج، وتوقف دخول المواد الغذائية والمحروقات الى غزة.
على أثر ذلك، وقع الذعر في نفوس المواطنين، فتهافتوا على محطات المحروقات لتخزين الوقود، وشوهدت عشرات السيارات تصطف لتعبئة الوقود، الذي نقص جراء اغلاق الانفاق، وارتفعت أسعاره، وأصاب الشحّ بعض الأصناف في أسواق القطاع.
مشهد بدا مخيباً لآمال الغزيين، الذين خرجوا ابتهاجاً بفوز محمد مرسي، حيث أُقيمت الاحتفالات، ووُزعت الحلوى وزغردت النساء، وأطلق أفراد من حركة «حماس» الأعيرة النارية في الهواء ابتهاجاً.
أما القطاع الصحي، فكان له النصيب الأكبر من تداعيات الإغلاق المستمر للمعبر، بحيث لم تتمكن عشرات الحالات المرضية من السفر لإجراء العمليات والعلاج الخاص بها خارج مستشفيات القطاع. وأوضح المتحدث باسم وزارة الصحة في الحكومة المقالة في غزة، الدكتور أشرف القدرة، أن «كل يوم يُغلَق فيه المعبر تزداد قوائم الانتظار للمرضى المقرر لهم السفر إلى مصر، وهم 40 مريضاً جديداً يومياً، ما يتطلب فتح المعبر عاجلاً على مدى الأسبوع ليتسنى لهم السفر لتلقي العلاج». وأضاف أن «أي تأخير لهذه الحالات يفاقم في وضعها الصحي»، مطالباً مصر بأن «تعمل على فتح المعبر على مدار الأسبوع»، وأن «تكون فترة العمل مفتوحة داخل المعبر وغير محددة بعدد ساعات معينة، حتى يتمكن جميع المرضى من السفر».
ومنذ بداية إغلاق المعبر، نفت «حماس» أي صلة لها بعملية سيناء، واتهمت الاحتلال الاسرائيلي بالوقوف وراء هذه الاعتداء، وأعلنت أجهزتها الأمنية استعدادها للتعاون الكامل مع القيادة المصرية للكشف عن مرتكبي أحداث سيناء، وطالبت بإعادة فتح المعبر والأنفاق.
وقال نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية لحكومة غزة، محمد عوض، لـ«الأخبار»: «نحن نأمل أن لا يكون القرار المصري دائماً وطويلاً. نحن بحاجة إلى فتح المعبر بصورة دائمة، وإلى تطبيق الاتفاقية التي وقعت قبل شهر لفتح المعبر لمدة 12 ساعة، ودون ذلك سيصبح القطاع في أزمة حقيقية وكارثة صحية».
من جهته، رأى المحلل السياسي إبراهيم أبراش، في حديث لـ«الأخبار»، أن «هذا الإجراء المصري في ظل رئاسة مرسي لم يختلف عن الإجراءات السابقة لعهد حسني مبارك، لأن هناك أمناً قومياً مصرياً له الأولوية وإن تغيّر الرئيس أو الحزب. بمعنى أن المصريين يعطون الأولوية لمصالحهم ولأمنهم القومي على أي اعتبارات ايدولوجية أخرى. ويبدو أن مصر قامت بهذا الإجراء في ظل انتظار إعلان نتائج تحقيقات رفح مع تخوفها من أن بعض الفلسطينيين لهم صلة بحادثة سيناء».
وعن صمت «حماس» حيال هذا القرار، قال أبراش إن «الأخيرة لا تريد توتير العلاقة مع حكام مصر، وهم الإخوان؛ فهي تدرك أنها اذا خسرت علاقتها مع الإخوان ستفقد حليفاً، ويصبح وضعها أكثر سوءاً، وهي امتداد لهم»، مشيراً في الوقت نفسه الى أن «حماس» تلقت طمأنات بأن فتح المعبر مرتبط بإنهاء التحقيقات برفح.
في غضون ذلك، أعلن مكتب رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية، أنّ الأخير أنهى مشاورات تتعلق بإجراء تعديل وزاري في حكومته من دون الكشف عن مزيد من التفاصيل. وقال في بيان إن «هنية انتهى من المشاورات بعد فترة زمنية كافية»، متوقعاً عرض التشكيلة الجديدة على المجلس التشريعي قريباً لنيل الثقة.
ويعدّ القرار المرتقب لهنية ضربة جديدة للمصالحة الفلسطينية، التي تجري برعاية مصرية. ويأتي التعديل الوزراي رداً على تعديل مماثل أجراه سلام فيّاض على حكومته في الضفة الغربية.