اختفت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين. غابت عن السمع. مقرها في منطقة بئر حسن لكأنه تحول إلى مدينة أشباح لولا ذاك الشرطي الواقف على باب المركز. الفلسطينيون يئسوا من الوكالة المكلفة إغاثتهم، بدليل أنهم لم يخرجوا في تظاهرات ليطالبوا بحقوقهم وحقوق النازحين الفلسطينيين من سوريا. موظفو الأونروا هم أيضاً لم يعد لهم وجود. ترنّ هواتفهم ولا من مجيب. نائب المدير العام للأونروا، ديفيد روجرز، اختفى هو الآخر، لا ليس مخطوفاً والحمد لله. وعلى ما يبدو، حتى الرسائل النصية لم تعد تصل إلى هاتفه، بدليل عدم الإجابة عنها. هذا ما كانت عليه الحال منذ أسبوعين. نتصل نتصل، نرسل «إيمايلات» للمعنيين في الوكالة، ولا من مجيب. كل ما كنا نريده من الوكالة هو الإجابة عن سؤال: ماذا قدمت الأونروا للنازحين الفلسطينيين من مخيمات سوريا إلى مخيمات لبنان، ولم هي غائبة عن المساعدة؟ لكن للأسف لا مجيب.
لذا، فضلنا استعمال الأسلوب الذي تجبرنا الأونروا على اتباعه: استقصاء المعلومات بطرق التفافية من مصادرها غير المخول لها بالتصريح. تقول هذه المصادر إن ما تستطيع الوكالة تقديمه للنازحين الفلسطينيين اليوم هو «المعاينة الاستشفائية، وفي حال بدء الموسم الدراسي، فإننا سندخل التلاميذ في مدارسنا»، معيداً سبب ذلك إلى قلة الموارد حالياً، ما يعني أن مشكلة الاكتظاظ في صفوف مدارس الوكالة ستعود للظهور مجدداً، بعدما كانت الأونروا قد حاولت السنة الماضية حلّها. أما بالنسبة إلى السماح للنازحين الفلسطينيين بالاستشفاء، فهذا يعني أن أطباء الوكالة سيتعرضون لضغوط تضاف إلى الضغوط غير المحتملة حالياً. ففي الأيام العادية ينال كل مريض فلسطيني ما يقارب خمس دقائق من وقت الطبيب لمعاينته وتشخيص المرض ووصف دواء له. هكذا، مع زيادة عدد النازحين، هذا يعني أن وقت الكشف على المريض سيقل وأن الضغط سيزداد. لا تنحصر مشكلة النازحين بهذين الأمرين فقط؛ فغياب الأونروا عن الساحة أسهم في ازدياد وخلق مشاكل أخرى لهؤلاء. فقد ازدادت كلفة إيجارات المنازل في التجمعات الملاصقة للمخيمات، وحتى تلك البعيدة عنها في وادي الزينة مثلاً، حيث ارتفعت الإيجارات بما يقارب 100%.
بالعودة إلى الوكالة الأممية، فقد طلبت الأونروا من اللجان الشعبية الموجودة في المخيمات إحصاء النازحين الموجودين في كل مخيم. يشار إلى أن عمل هذه اللجان يقتصر على الإحصاء فقط، فلا إمكان لديهم لتقديم أي مساعدة. أما الفصائل الفلسطينية، فقد سعت عند نائب المدير العام للوكالة كي تكثّف الأونروا مساعدتها للنازحين عبر وضع خطة طوارئ لاستقبالهم وتقديم المساعدات العينية لهم كما جرى مع نازحي نهر البارد عقب تدمير المخيم. لكن الوكالة، كعادتها، قالت إنها لا تملك الإمكانات. الفصائل كانت تعرف هذه الإجابة مسبقاً، فسألت: ألا يفترض بالأونروا أن تكون قد لحظت في ميزانيتها العامة توفير الأموال الكافية لمناطق عملها؟ وتضيف أن «النازحين انتقلوا من إحدى مناطق عمل الأونروا (أي سوريا) إلى أخرى (لبنان)، أي إنهم لم يأتوا من خارج مناطق عمل الوكالة من العراق مثلاً، ليشكلوا عبئاً إضافياً على ميزانية الأونروا».
يشار إلى أن الوكالة، في إحدى الجلسات مع مسؤولي الفصائل، قالت إنها ترفض فتح مدارس الأونروا أمام النازحين، خوفاً من أن يطول أمد بقاء هؤلاء في لبنان، ما يعني ضرب العام الدراسي للطلاب.