تحوَّل تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، المُزمع صدوره خلال الأيام المقبلة، الى مادة خلاف جديدة بين تل أبيب وواشنطن، ففي الوقت الذي رأت اسرائيل أن التقرير يُعزِّز موقفها بأن طهران تُسرِّع برنامجها النووي، يؤكد البيت الابيض ان التقرير لا يغيّر التقدير الأميركي لجهة أنه لا يزال هناك المزيد من الوقت للدبلوماسية والعقوبات.
وتقول التقارير الاعلامية الاسرائيلية إنه من المتوقع أن يؤكد التقرير أن ايران نصبت مئات أجهزة الطرد المركزية الجديدة في منشأة «فوردو» المحصنة التي تخصِّب الى درجة 20 في المئة. وبحسب «يديعوت احرونوت» بلغ عدد هذه الأجهزة، نحو نصف العدد الذي يستطيع الموقع استيعابه، وهو 3000 جهاز.
الخطوة الايرانية كانت محور لقاء بين رئيس لجنة الاستخبارات في الكونغرس الاميركي، مايك روجرز، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في القدس المحتلة، الذي رأى فيه الأخير أن التقرير «دليل اضافي على ان ايران تواصل تقدمها المتسارع نحو انتاج سلاح نووي»، الا ان تعاطي البيت الأبيض كان حذراً جداً، في التعاطي مع معطيات تقرير الوكالة، اذ رأى المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، طومي فيتور، انه «لا يزال هناك وقت ومساحة لحل دبلوماسي في مقابل ايران».
في موازاة ذلك، انتقد السفير الاسرائيلي السابق لدى واشنطن، زلمان شوفال، في مقالة نشرتها صحيفة «اسرائيل اليوم»، أداء الادارة الاميركية، وخصوصاً أن طهران تعمل «على تقويض مكانة الولايات المتحدة في المنطقة، الى الأبد، وأن تضر بمصالحها التي قد لا تكون وجودية كمصالح اسرائيل، لكنها، يقيناً، حيوية بكل المقاييس»، متّهماً واشنطن بأنها «ما زالت تعمل في مصلحة ايران بدل أن تستغل ضعفها».
وأثنى شوفال على القيادة السياسية والأمنية الحالية في اسرائيل، واصفاً اياها بأنها «قد تكون الأكثر حذراً منذ أول رئيس وزراء اسرائيلي ديفيد غوريون، ويمكن الاعتماد عليها لاتخاذ قرارات صحيحة في الشأن الايراني».
من جهة اخرى، رأى المعلق السياسي في صحيفة «اسرائيل اليوم»، دان مرغليت ان الخيارات الفعلية في مواجهة المشروع النووي الايراني، تتراوح بين ثلاثة إمكانات، ان تقود الولايات المتحدة هجوماً عسكرياً ضده، او ان تضطر اسرائيل الى القيام بذلك بنفسها، أو أن يسلّم العالم بتطوير ايران لقنابل نووية وتركيبها، واصفاً كل اشتغال بأي امر آخر، ذراً للرماد في العيون.
أما المعلّق العسكري في «يديعوت احرونوت»، اليكس فيشمان، فلفت الى ان اسرائيل والولايات المتحدة، توصلتا في اطار تبادل الاراء والمعلومات في المدة الاخيرة، الى اتفاق مبدئي آخر في الشأن الايراني، مفاده أن «الايرانيين يكذبون»، سواء لجهة كمية قضبان اليورانيوم التي انتجوها أو التي خصّبوها، فضلاً عن أنهم لا يقدمون تفسيراً مقنعاً لسؤال لماذا يحتاجون الى نحو 60 الف جهاز طرد مركزي. واكد أن نصب ايران مئات اجهزة الطرد المركزي، مثّل احد الاسباب المركزية لخيبة الامل التي اخذت تزداد عند القيادة الامنية الاسرائيلية. وفي القدس المحتلة، دعا كبير الحاخامين الاسرائيليين السابق عوفاديا يوسف، الى الصلاة من أجل هلاك ايران. ونقلت وسائل اعلام اسرائيلية عن يوسف، الذي يعدّ المرشد الروحي لحزب شاس الديني المتطرف، قوله أمس «(عندما) نطلب من الله ان يهلك اعداءنا، تتبادر الى أذهاننا ايران. هؤلاء الأشرار الذين يهددون اسرائيل. عسى أن يبيدهم الرب».
من جهة ثانية (أ ب، أ ف ب، رويترز، إرنا)، أعلن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية فريدون عباسي دواني، أنّ بإمكان مفتشي وكالة الطاقة، القيام بزيارة مفاجئة للمنشآت النووية الإيرانية بعد ساعتين من إبلاغ السلطات الإيرانية بذلك. جاء ذلك فيما أعلن دبلوماسيون في فيينا، أن الوكالة، ألّفت فريقاً خاصاً بإيران، ليخطط أفراده معاً كيفية مراقبة تكنولوجيا الأسلحة، والتحاليل الاستخبارية، الاشعاعات وحقول أخرى لاختبار مدى تزايد التجارب المشتبه فيها بعسكرة البرنامج النووي لإيران. ونقلت «قناة العالم» الإيرانية عن دواني قوله «بإمكان المفتشين الدوليين القيام بزيارة مفاجئة لمنشآت إيران النووية بعد ساعتين من إبلاغنا بها».