اللاذقيّة | يكفي الوقوف على سطح أحد المباني العالية من القرى المحيطة بغابات الفرلق حتى يصبح بالإمكان رؤية ألسنة الدخان واللهب تتصاعد من بعيد، مؤذنةً بكارثة طبيعية، بعدما توالت الكوارث البشرية في طول البلاد وعرضها. أما الانفجارات فتملأ الأجواء بعدما وقعت المنطقة فريسة الاشتباكات التي نشبت أخيراً بين مسلحين ينتمون إلى الجيش الحر وعناصر من الجيش السوري.
هُناك قرب قرية أم الطيور يخيّم التوتر على عيون الناس. حواجز مكثّفة للجيش، بينما أحاديث متضاربة عن حواجز للجيش الحر في القرية التركمانية يشارك فيها بعض من أبنائها.
خالد، شاب تركماني، وهو من القلائل الحاصلين على الشهادة الثانوية في القرية، يشكو ظلماً عاناه التركمان في ظل النظام الحاكم، من دون أن ينسى الحديث عن فوقية مارسها شركاء الوطن من السوريين ضد سذاجة قومه وتأليفهم النكات للسخرية منهم.
تأخذ الحرب، في نظر خالد، طابعاً إسلامياً. فهو لا يجد اللغة أو القومية سبباً وجيهاً يفرّقه عن ابن دينه المسلم السوري الذي ثار من أجل الحرية في الصليبة أو حمص أو حلب. كلام تخالفه مريم، معلمة في مدرسة القرية من إحدى القرى المجاورة. ترفض الاقتناع بمظلومية أبناء القومية التركمانية، إذ إنهم، بحسب ما شهدتْه بحكم الجيرة، لم يُعامَلوا يوماً على أنهم أقل شأناً من بقية السوريين، بل لطالما كانوا أخوة وأصدقاء.
تضيف مريم بتأثر: «مثل هذا الكلام عن السخرية من التركمان لا يعدو كونه حجة للتخاذل الذي بدر من عدد كبير من التركمان كخطيئة بحق العيش المشترك. فالسوريون اعتادوا التندر، والحماصنة مثال، إنما البعض أراد أن يبرر للتركمان حمل السلاح أخيراً في وجه الدولة. وهذه مبررات سخيفة».
تاريخياً يعود التركمان في أصولهم إلى قبائل متحالفة مع قبيلة بني عثمان مؤسسي الدولة العثمانية، حيث أُرسلوا لحماية الثغور، ما يفسّر توطنهم في الجبال التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً باستراتيجية الانتصارات في العُرف العسكري. مناطق متفرقة من غابات وقرى المدينة الساحلية تسودها الاشتباكات على رأسها جبل التركمان، فالجيش يتابع ما يسميه الإعلام الرسمي «عمليات التطهير من المسلحين» ويلاحقهم إلى مخابئهم في المغاور والمخابئ الجبلية. وبالتالي فإن المدنيين ينزحون عن مناطق ربيعة وقسطل معاف وما حولهما إلى تركيا، في حين قلة منهم تتجه نحو داخل المدينة، طمعاً في هدوء حذر يسود المنطقة تتخلله مداهمات للبحث عن مطلوبين وكشف مستشفيات ميدانية وأنفاق تصل مناطق بأُخرى.
داخل المدينة يتمركز التركمان في حي «علي الجمّال» متجاورين مع سوريين من طوائف متنوعة، إلا أن الحيّ اليوم مؤلف من رجاله التركمان فقط مع جيرانهم من العائلات السورية. فللنساء التركمانيات حكايتهن بعد أن أخلين الحي تدريجاً إيذاناً بمعركة مقبلة. أمرٌ أفقد أهل الحي أمانهم وجعلهم يقضون لياليهم في حالة ترقّب، ولا سيما في ظل مداهمات دائمة للبحث عن مطلوبين في بعض بيوت الحي من قبل قوى الأمن السوري.
اكتشاف نفق يصل الحيّ التركماني بمنطقة قنينص، التي لم تتوقف عن التظاهر والتسلّح، أرخى بظلاله على جميع أهل المدينة، فما يجري في الريف ليس معزولاً بأي حال عن داخل المدينة. والهدوء الحذر تلاشى. يرى علاء، أحد سكان حي علي الجمّال، أن ما آلت إليه أحوال الحي والقرى التركمانية ليس مستغرباً، بعدما نبّه عقلاء المدينة من أشخاص يؤدون دور أدوات تركية تتغلغل في المجتمع التركماني، الذي ظلّ صامتاً طوال أشهر، متابعاً الاهتمام بأرزاقه من دون أي استجابة لمحاولات الاستثارة من متظاهري الصليبة والسكنتوري والرمل الفلسطيني. «الشيطان التركي هو الذي استثار التركمان» يقول علاء. ويضيف: «أثبتوا الآن أن ولاءهم ليس لسوريا. متكلّمو اللغة التركية المقيمون بيننا، يستخدمونها مرات ليعبّروا عن هواجسهم وروابطهم الخاصة، ومرات ليشتمونا بها من غير أن نفهم ما يقولون بل نقابله بابتسامات بلهاء أحياناً. بينما الحقيقة تقول إن هؤلاء ينتمون إلى تركيا فقط».
التحامل الواضح في كلام علاء يأتي معبّراً عن تفكير عدد كبير من الساحليين عشية مقتل أمين فرقة قرية برج اسلام لحزب البعث، جهاد حاج حسين، مذبوحاً بوحشية، لتبدو هذه الحادثة نذير سوء يهدد الجميع بالذهاب إلى معركة قد تفوق ببشاعتها كل التوقعات لخاتمة المعارك.
الدور التركي المشبوه تعززه معلومات سابقة تحدثت في الإعلام عن أحزاب تركية معارضة استطاعت في عهد رئيسة الوزراء تانسو تشيلر، استخدام ثغرة قانونية لإجبار الحكومة على كشف حسابات النفقات المستورة، وبناءً عليه، كُشف فعليّاً عن قيام تشيلر بتمويل تشكيل خلايا من التركمان لإحداث خلل أمني في سوريا. وتبلور هذا التمويل من خلال تفجير حدث في اللاذقية منتصف التسعينيات على أيدي بعض التركمان المخترَقين، بينما لاحت هذه المحاولات منذ الثمانينيات كمحاولة من تركيا لخلق منظمة شبيهة بحزب العمال الكردستاني يمكن استعمالها داخل سوريا. حصل ذلك بالتوازي مع تأسيس الكتلة التركمانية الوطنية على عجل من قبل تركيا في 15/2/2012، كأداة للتدخل التركي في الشؤون السورية. على الرغم من حرص الدولة التركية وقيادة حزب العدالة والتنمية الحاكم على عدم ظهورهما رسمياً كداعمين للكتلة، إلا إن مؤتمر الكتلة التأسيسي حظي برعاية مؤسسة حقوق إنسان إسلامية، وهي «مظلوم دير» المدعومة من دوائر الحزب الحاكم.
المعلومات برمتها ينفيها عبد الله، وهو تركماني مقيم في المدينة، فهو لا يقر بأي ولاء للخارج. ويرى أن الحديث عن فرق تركمانية تدربت في تركيا لا يعدو كونه كذبة وافتراءً على الشعب التركماني ليتخذ منها ذريعة لقصفه.
انضمام التركمان بأعداد كبيرة إلى الجيش الحر يوضّحه مصطفى التركماني (اسم مستعار)، وهو مقرّب من عناصر مقاتلة في جبل التركمان. يشرح مصطفى أهمية تشكيل لواء عسكري تركماني ينضم إلى الثورة السورية و«جيشها المجاهد الحر»، معتبراً أن سياسة الأرض المحروقة التي يتبعها الجيش النظامي لن تلوي عزيمة الشعب التركماني الذي يحلم بتمثيل سياسي حقيقي في «سوريا المقبلة».
لا ينفي الرجل تصفية العناصر التركمانية المسلّحة لعدد من أعدائها من أبناء قومها ممن تتهمهم بأنهم أدوات النظام وعيون الأمن السوري، وهو بذلك يبرّر قتل أي «عوايني» موالٍ للسّلطة الحاكمة ضد المجاهدين وعلى رأسهم «عميل البعث» في برج اسلام حاج حسين.
مصطفى، الذي يمثّل صلة الوصل بين تركمان المدينة و«المجاهدين» منهم في الجبال، يسخر من تباكي البعض على غابات الفرلق، بينما لم يُسمع لإنسانيتهم صوت أمام اضطهاد التركمان وقصفهم والتنكيل بهم، متّهماً الجيش السوري نفسه بقصف الغابات «وكل الأماكن التي يشتبه بتمترس المجاهدين فيها بعد كل كمين يتعرض له عناصره على أيدي الجيش الحر في منطقة جبل التركمان وما حوله».



داوود أوغلو يطلب المساعدة الدولية

دعا وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، الدول الأخرى إلى تقديم مزيد من المساعدة، مع تزايد أزمة اللاجئين السوريين، وقال إن أنقرة ستطالب بهذا خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي بشأن سوريا في وقت لاحق هذا الأسبوع. وقال داوود اوغلو: «نحن من أجل أخوتنا السوريين نريد القيام بواجبنا الانساني، لكنّ هناك حملاً ثقيلاً سببته الأعداد. يجب أن يتحمل المجتمع الدولي هذا العبء معنا».
(رويترز)

نداء لدعم اللاجئين السوريين في الأردن

أطلقت وزارة التخطيط والتعاون الدولي الأردنية وعدد من منظمات الأمم المتحدة، نداءً مشتركاً لإغاثة اللاجئين السوريين الموجودين على أراضي الأردن. وقال بيان صادر عن الوزارة إن «النداء الذي أُعدّ بالتنسيق مع كافة الشركاء تضمّن تزويد الجهات المانحة بمعلومات كافية عن الخدمات التي تقدمها الحكومة الأردنية ومنظمات الأمم المتحدة، وتحديد الاحتياجات الإنسانية لهم وحسب الأولويات، بالإضافة إلى وضع إطار عام للتدخل السريع لتوفير المساعدات المطلوبة والعاجلة». وأشار إلى أن «الوزارة عقدت اجتماعاً للمانحين عُرض خلاله تقرير يظهر الحاجة الملحة للمساعدات والدعم لتقديم الخدمات والمأوى للاجئين».
وذكر البيان أن الوزارة شدّدت على «دور المجتمع الدولي في دعم الحكومة الأردنية لتحمل الأعباء الناجمة عن استضافة السوريين».
(يو بي آي)

إطلاق سراح 390 معتقلاً

أطلقت السلطات السورية سراح 390 شخصاً اعتقلوا على خلفية الأحداث الجارية. وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أنّ «390 شخصاً لم تتلطخ أيديهم بالدماء أطلق سراحهم، منهم 332 شخصاً في دمشق، فيما سُويت أوضاع 20 شخصاً في حماه، و38 شخصاً سلموا أنفسهم في حمص، بعد تعهّدهم عدم العودة إلى حمل السلاح وأعمال التخريب».
(أ ف ب)