اعترف وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس (الصورة) بأن إقامة مناطق عازلة في سوريا أمر «شديد التعقيد»، ويتطلب خصوصاً إقامة منطقة حظر جوّي جزئي. وقال، في حديث إذاعي: «ما نريده هو دفع الأمور قدماً، وإسقاط بشار (الأسد) في أسرع وقت ممكن وإيجاد حلول إنسانية في الوقت نفسه». وأقر بأن «إقامة منطقة عازلة بدون منطقة حظر جوّي أمر مستحيل»، معتبراً أنّه «لضمان حماية اللاجئين، يجب أن تكون لدينا وسائل مضادة للطائرات ووسائل جوية». وأشار الوزير إلى «أنّ هذا شيء لا تستطيع القوات الفرنسية القيام به وحدها»، مذكراً بأنه لا مجال للالتفاف على دور مجلس الأمن. وقال: «سنثير عدة قضايا»، في اجتماع مجلس الأمن، اليوم، من بينها «هل نستطيع إقامة مناطق عازلة؟ نحن ندرس حالياً كل ذلك، لكننا نرى بشكل ملموس مدى صعوبتها البالغة». في السياق، أعلن وزير الخارجية التركي، أحمد داوود أوغلو، أن بلاده تتباحث مع الأمم المتحدة بشأن إمكانية إيواء اللاجئين السوريين الذين يتدفقون على الحدود هرباً من المعارك، في مخيمات داخل سوريا. وقال داوود أوغلو، قبل توجهه إلى نيويورك: «ننتظر من الأمم المتحدة أن تتحرك لحماية اللاجئين في سوريا بإيوائهم، إذا أمكن في مخيمات هناك» داخل سوريا.
من جهته، اتهم نائب رئيس حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا، حسين تشيليك، الرئيس السوري بشار الأسد بمساعدة حزب العمّال الكردستاني في «حملته الدموية» بتركيا. وأشار تشيليك، في مؤتمر صحافي بعد اجتماع للحزب، إلى أنّ «بشار الأسد يتصرّف وفقاً لفكرة أن عدو عدوي هو صديقي».
من ناحيته، وصف مساعد رئيس القيادة العامة للقوات المسلّحة الإيرانية للشؤون التعبوية، العميد مسعود جزائري، تصريح الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند حول استعداد بلاده للاعتراف بحكومة سورية معارضة فور تشكيلها، بأنه «سخيف وصبياني». وأضاف أن «الغربيين ليست لديهم القدرة على القيام بإجراء عسكري جديد في سوريا، لذا يجب مراقبة أيّ مفاوضات مع الأطراف التي تصدّر الإرهاب وتقوم بالتفجيرات في سوريا». وأشار إلى أن «العدوان على الحكومة والشعب السوري ألحق خسائر فادحة بهذا البلد وشعبه»، مشدّداً على أن الشعب السوري «سيتجاوز الأزمة الراهنة وسيُلحق العار بالأعداء الأشرار في داخل سوريا وخارجها».
بدوره، رأى أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد جليلي أنّ الدول التي احتلت أفغانستان وروّجت المخدرات «تحت ذريعة مكافحة الإرهاب»، تدعي اليوم إرساء الديموقراطية في سوريا بـ«نفس الأدوات الارهابية».
في سياق آخر، أدانت روسيا «الأعمال البربرية» التي ترتكب في سوريا، واصفة القتل الجماعي للمدنيين في داريا بأنه ذو طبيعة استفزازية. وقالت وزارة الخارجية في بيان: «نؤكد ضرورة إجراء تحقيق شامل ومحايد في كل ظروف المآسي الأخيرة، بالاستعانة بإمكانات مكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا، ويجب محاكمة المسؤولين عن هذه الجرائم وإنزال عقاب صارم عليهم».
وأشارت الخارجية الروسية إلى أنه «لا شك في أن قوى معينة ذات المصلحة لم تترك المحاولات لتأجيج التوتر في سوريا إلى درجة أكبر، وإفشال كافة الخطوات نحو التسوية السياسية». وشدّدت على أن موسكو قلقة من الأعمال الرامية إلى إشعال الخلافات الطائفية وتأجيجها، مضيفة أن «من بين الاستفزازات السافرة محاصرة المسلحين لعدة آلاف من اللاجئين المسيحيين في بلدة ربلة على الحدود السورية اللبنانية، حيث مُنع اللاجئون من مغادرة البلدة تحت التهديد بالقتل. وحسب المعلومات المتوافرة، لقي عدد منهم مصرعهم أثناء محاولاتهم الفرار».
ميدانياً، شنّت القوى المعارضة المسلحة هجوماً على مطار تفتناز العسكري في ريف إدلب، وأعلنت على أثره تدمير وإعطاب خمس مروحيات. وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، في بيان، أنّ «اشتباكات عنيفة تدور بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين في محيط مطار تفتناز العسكري، رافقتها أصوات انفجارات تسمع من داخل المطار». وأشار البيان إلى «مقتل وجرح 14 من القوات النظامية إثر القصف الذي تعرض له المطار». ولفت قيادي في «الجيش السوري الحر» إلى أنّ «المطار ما زال بأيدي القوات النظامية»، مضيفاً أن الكتائب المقاتلة انسحبت، وقد «استشهد اثنان من الثوار وأصيب ثلاثة بجروح».
في المقابل، ذكر التلفزيون السوري، نقلاً عن مصدر عسكري مسؤول، أنّ «مقاتلينا الأبطال يتصدون لهجوم إرهابي نفذته أعداد كبيرة من المجموعات الإرهابية المسلحة على مطار تفتناز العسكري، ويوقعون معظم الإرهابيين بين قتيل وجريح». وأكد عدم وجود «خسائر في المعدات والأرواح باستثناء جريحين من جنودنا الميامين جراحهما طفيفة». ورأى المصدر أنّ «الهجوم الإرهابي على مطار تفتناز يأتي في إطار الحرب المسعورة التي يشنّها أعداء سوريا بهدف النيل من جيشنا العقائدي، والتأثير على معنويات رجاله الأبطال الذين يسحقون ما بقي من فلول هؤلاء الإرهابيين المأجورين».
وفي إدلب، أيضاً، لفت المرصد إلى سقوط ثلاثة قتلى، بينهم مقاتلان معارضان في اشتباكات مع القوات النظامية بريف جسر الشغور، مشيراً إلى أنّ القوات النظامية اقتحمت مدينة أريحا وبدأت تنفيذ حملة دهم واعتقالات.
وفي دمشق، أفاد المرصد عن اشتباكات تدور بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين على أطراف حيّ القابون، بينما «تتعرض بلدة زملكا لقصف عنيف من قبل القوات النظامية».
وفي ريف دمشق، استخدمت القوات النظامية المروحيات في قصف بلدة سقبا ومحيطها، بحسب المرصد الذي أكد تعرض مدينة الزبداني للقصف أيضاً. وذكر المرصد تعرّض مدينة حمص وأحياء الخالدية وجورة الشياح بالإضافة إلى أحياء حمص القديمة لقصف عنيف من قبل القوات النظامية، مضيفاً أنّ القصف على مدينة الرستن أدى إلى مقتل شخص.
في موازاة ذلك، أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن إقدام «إرهابيين» على ذبح رجال ونساء سوريين في منطقة زملكا في ريف دمشق، لتحريض الجيش على الرد و«تأليب الرأي العام» على سوريا عشية اجتماع لمجلس الأمن الدولي، وقالت الوكالة إن «مجموعة من الإرهابيين المرتزقة في زملكا احتجزت مواطنين، بينهم رجال ونساء وذبحتهم أمام الأهالي».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)