برز الملف السوري أمس خلال كلمات القادة في قمة حركة عدم الانحياز في طهران، ولا سيما مع كلمة الرئيس المصري محمد مرسي، الذي هاجم فيها دمشق، ما أثار امتعاض الوفد السوري المشارك، الذي غادر القاعة احتجاجاً، فيما وصف وزير الخارجية وليد المعلم خطاب مرسي بأنه لـ «رئيس حزب لا لرئيس قمة عدم الانحياز».
وندد الرئيس المصري، في خطابه لدى افتتاح قمة عدم الانحياز أمس، بـ «النظام الظالم السوري الذي فقد شرعيته»، مشدداً على أن سوريا تشهد «ثورة» على غرار ثورة مصر. ما دفع بالوفد السوري الى مغادرة القاعة. وقال «الثورة المصرية مثّلت حجر الزاوية في حركة الربيع العربي، ونجحت في تحقيق أهدافها السياسية لنقل السلطة الى الحكم المدني»، مضيفاً إن هذه الثورة بدأت بعد ايام من ثورة تونس وتلتها ليبيا واليمن واليوم «الثورة في سوريا ضد النظام الظالم».
واكد مرسي أن مصر «على اتم الاستعداد للتعاون مع كل الأطراف لحقن الدماء في سوريا، وتدعو الأطراف الفاعلة الى اتخاذ مبادرتها من أجل وقف نزف الدم وايجاد حل للأزمة في سوريا»، مشيراً الى أن «تضامننا مع نضال أبناء سوريا الحبيبة ضد نظام قمعي فقد شرعيته، واجب أخلاقي بمثل ما هو ضرورة سياسية واستراتيجية». وتابع مرسي أن «الشعبين الفلسطيني والسوري يريدان الحرية والكرامة والعدالة». وقال، خلال تسليمه رئاسة حركة عدم الانحياز، التي كانت تتولاها بلاده الى ايران، «يجب علينا أن نسعى إلى تحقيق مطالب ثورة سوريا».
في المقابل، اتهمت دمشق الرئيس المصري بالتحريض على سفك الدم السوري، في خطابه أثناء قمة طهران. ونقل التلفزيون السوري عن وزير الخارجية وليد المعلم، قوله إن الوفد السوري انسحب من القاعة «احتجاجاً على مضمون كلمة مرسي، الذي يمثل خروجاً عن تقاليد رئاسة القمة، ويعدّ تدخلا في شؤون سوريا الداخلية، ورفضاً لما تضمنته الكلمة من تحريض على استمرار سفك الدم السوري».
ورأى المعلم أن كلام الرئيس مرسي بشأن سوريا «يعبِّر عن رئيس حزب لا رئيس لحركة عدم الانحياز». وأوضح «أن مصر تقدمت بمبادرتها. وندعوكم إلى أخذ الخطوات اللازمة لوقف نزف الدم في سوريا، الذي هو في رقابنا جميعاً، والذى لن يتوقف بغير تدخل فاعل منا لوقفه»، مشيراً إلى أن مصر «بعد الثورة عازمة على أن تكون طرفاً دولياً فاعلاً».
وفي وقت لاحق، انتقدت جماعة «الإخوان المسلمون» في مصر، انسحاب الوفد السوري من الجلسة الافتتاحية خلال إلقاء الرئيس المصري محمد مرسي الكلمة الافتتاحية. ونقل الموقع الإلكتروني لفضائية «البلد» المصرية، عن الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، محمود حسين، قوله إن «الانسحاب السوري من قمة دول عدم الانحياز في العاصمة الإيرانية طهران خلال إلقاء الرئيس محمد مرسي، كلمته هو تصرف غير لائق»، مشيراً إلى أن هذا التصرّف «يدل على استشعار النظام السوري بأنه أصبح نظاماً معزولاً ولم يعد مرغوباً فيه».
وأضاف حسين إن الكلمة التي ألقاها الرئيس مرسي في القمة أكدت «حرص مصر على حرية الشعب السوري وحقن دمائه ووقف الاضطهاد الممارس ضده من نظام (الرئيس السوري بشّار) الأسد الغاشم». وأعلن أن الأيام القليلة المقبلة ستؤدي إلى «تنسيقات» بين مصر والدول الكبرى في المنطقة، وعلى رأسها إيران وتركيا للخروج بالشعب السوري وثورته من الأزمة التي يعيشها منذ قرابة العامين.
وعلى هامش القمة، بحث الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد، ونظيره المصري محمد مرسي، الأزمة السورية وتداعياتها، كما بحثا العلاقات الثنائية المقطوعة منذ أكثر من ثلاثين عاماً. وقال نائب وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، إن الرئيسين بحثا في سبل رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية بين البلدين والملف السوري، و«شدّدا على ضرورة تسوية الأزمة السورية بالسبل الدبلوماسية، ومنع أي تدخل أجنبي» في سوريا.
في غضون ذلك، أعلن المستشار الاعلامي لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، علي الموسوي، لوكالة «فرانس برس» من طهران، أن «رئيس الوزراء سيقدم مبادرة لحل الأزمة السورية، تتضمن تأليف حكومة انتقالية تضم جميع مكونات الشعب السوري، وتتفق الاطراف على الشخصية التي تترأسها». واضاف ان «المبادرة تتضمن كذلك اختيار شخصية سورية مقبولة لدى الجميع للتفاوض مع المعارضة بهدف الوصول الى حل للأزمة»، كما تدعو المبادرة الى «وقف العنف من جميع الأطراف ودعوة البلدان إلى عدم التدخل في الشأن السوري الداخلي». وتدعو المبادرة «كافة الاطراف في سوريا الى الجلوس الى طاولة حوار وطني، وإلى أن يكون الحوار السوري تحت اشراف الجامعة العربية».
وهي تشمل «دعوة مختلف الأطراف المؤثرة في سوريا من اجل قبول مشروع تشكيل مفوضية مستقلة للانتخابات، واجراء انتخابات تحت اشراف دولي وعربي». وتابع انها «تدعو كذلك الى دعم جهود المبعوث الأممي الأخضر الابراهيمي، من اجل تقبل الحل السلمي». واشار الموسوي الى ان المبادرة تعد تطويراً للمبادرة التي طرحها العراق على نحو غير رسمي خلال القمة العربية التي عقدت في بغداد وسلمها الى بعض القادة.
وتتضمن مبادرة المالكي دعوة الى تبني «ميثاق اقليمي ودولي يتعهد عدم السماح بالتطرف الديني او القومي او الطائفي.. واعتماد المواطنة أساساً لتأليف الحكومة الانتقالية في سوريا».
الى ذلك، أكد مساعد الرئيس الفنزويلي للشؤون السياسية وزير خارجيته، نيكولاس مادوردو، أن بلاده ترحب بمقترح ايران لحل أزمة سوريا وأداء كاراكاس دوراً الى جانب طهران والقاهرة بهذا الخصوص. وافادت وكالة «مهر» الايرانية للأنباء، أن مادورو، الذي زار ايران على رأس مؤلف من 24 مسؤولاً، للمشاركة في اجتماعات قمة عدم الانحياز، قال رداً على سؤال بشأن اداء بلاده دورا في اطار مجموعة الاتصال الدولية لحل الأزمة السورية، «قبل كل شيء وفي المرتبة الأولى أطلب من القوى الكبرى أن تتخلى عن التدخل في الشؤون الداخلية لسوريا، وان تسمح للشعب السوري بمواصلة تسيير شؤونه بهدوء وسلام واستقلالية».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، مهر)