من دون سابق إنذار، انضم رئيس اللجنة التي حققت في إخفاقات «حرب لبنان الثانية»، إلياهو فينوغراد، الذي حمل تقريرها الشهير اسمه، إلى معسكر المعارضين لأي هجوم إسرائيلي على إيران، محذّراً من أن خطوة كهذه، إذا ما حصلت من دون دعم الولايات المتحدة، «فستُعرّض مستقبل إسرائيل للخطر».
وفي مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية أمس، وجه القاضي المتقاعد انتقاداً لاذعاً للخط الذي يقوده رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه ايهود باراك، في هذا الشأن، قائلاً «كل رؤساء المؤسسة الأمنية السابقين والحاليين يقولون لا تهاجموا، وفقط باراك ونتنياهو سيقرران خلاف ذلك. لماذا؟ ربما يوجد حل آخر. ربما ننتظر مرحلة أخرى يقول فيها الأميركيون تعالوا نفعل ذلك معاً».
وتوجه فينوغراد إلى نتنياهو بالقول «ستُعرّض كل دولتنا للخطر، كل ما بنيناه، من الناحية المادية والاقتصادية». وعلق على تصريحات باراك بشأن عدد القتلى الإسرائيليين في المواجهة مع إيران والمُقدّر بـ500، قائلاً: «هل أنت أحصيتهم؟ كيف تعلم ذلك؟ هل نعتمد على باراك ونتنياهو في أن ما يقرراه سيحصل؟ هذا انعدام للمسؤولية من الدرجة الأولى».
كذلك، حذر فينوغراد من ردّ إيران التي «ستُجرّب قوتها في إطلاق الصواريخ وتمتلك الوسائل لذلك، كما أن من المحتمل أن يساعدها حزب الله وحماس من غزة وسيناء. وباختصار، من المتوقع أن يهطل علينا مطر من الصواريخ من كل الاتجاهات، ولست أعرف إلى أي حد الجبهة الداخلية مستعدة لذلك».
وانتقد فينوغراد ثرثرة نتنياهو في الموضوع الإيراني، قائلاً «إنه يتحدث عن أولئك الذي يتكلمون، إلا أنه يتكلم أكثر من الجميع. لماذا كل هذه الثرثرة؟ إذا كنت تنوي العمل فاصمت وقرر بشكل سري، وإذا قررت الهجوم فهاجم، لكن لماذا تتكلم؟ لكي يستعد الإيرانيون أكثر ويجهزوا صواريخهم؟».
في المقابل، هاجم رئيس الوزراء الاسرائيلي المجتمع الدولي لعدم إظهاره التصميم الكافي على وقف المشروع النووي الإيراني، مُعتبراً أن الإيرانيين يستغلون المحادثات مع القوى العالمية لكسب الوقت والتقدم في برنامجهم النووي. وفي افتتاح الاجتماع الأسبوعي للحكومة الإسرائيلية أمس، قال نتنياهو «أعتقد أنه يجب الإفصاح عن الحقيقة. إن المجتمع الدولي لا يضع خطاً أحمر واضحاً لإيران، وإيران لا ترى تصميماً دولياً على وقف برنامجها النووي».
أضاف «إذا لم تر إيران هذا الخط الأحمر الواضح وهذا التصميم الواضح، فإنها لن تتوقف عن المضي قدماً في برنامجها النووي. من المحظور أن تمتلك إيران أسلحة نووية.
وخلافاً لحالات سابقة، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يُضمِّن تصريحاته تلميحاً إلى إمكان لجوء إسرائيل إلى شن هجوم عسكري على إيران، كما أنه لم يغمز من قناة الإدارة الأميركية على وجه خاص. إلا أن ذلك لا يعكس بالضرورة تراجعاً في مواقف نتنياهو بقدر ما يشير إلى رغبته في الحد من تعميق الأزمة في العلاقات مع البيت الأبيض، وخصوصاً بعد الصفعات المتتالية التي وجهتها واشنطن له، وكان آخرها إعلان تقليص حجم مشاركتها في مناورة «أوستر تشالنج» المقرر بدؤها هذا الشهر في إسرائيل، فضلاً عن تصريح رئيس الأركان الأميركي، مارتن ديمبسي، بأنه لا يريد أن يكون جزءاً في أي هجوم إسرائيلي على إيران.
وذكرت «معاريف» أمس أنه في نظر نتنياهو وباراك، اجتازت الإدارة الأميركية، من خلال تصريحات ديمبسي، خط الانتقاد المشروع ضد إسرائيل وسبّبت أثراً سلبياً كبيراً على قدرة الردع الإسرائيلية. وأشارت الصحيفة إلى أن المأخذ الإسرائيلي على تصريحات ديمبسي هو أنه اختار إطلاقها في أوروبا، ما يعني أنه سعى للتأثير ليسي فقط على دوائر صناعة القرار الأوروبية بل أيضاً على الرأي العام الأوروبي.
وحول قرار البنتاغون تقليص حجم مشاركة الولايات المتحدة في المناورة المشتركة مع إسرائيل، علّقت مصادر إسرائيلية رفيعة المستوى أمس بالقول إنه «رسالة واضحة من واشنطن بأننا لن نشارك في هجوم إسرائيلي على إيران». غير أن مصادر أمنية وسياسية إسرائيلية رفضت هذا التفسير للخطوة الأميركية، وعزت خلفيتها إلى أسباب تتعلق بالتقشف المالي الذي أعلنه البنتاغون في موازنته.
وكانت مجلة «تايم» الأميركية نشرت في عددها الأخير أن البنتاغون قلل خفض عدد جنود المشاركين في مناورة «أوستر تشالنج 12» المقرر إجراؤها في إسرائيل من 5000 إلى 1500، كما قرر تقليص عدد البوارج البحرية المجهزة بأنظمة حديثة مضادة للصواريخ من اثنتين إلى واحدة.
إلى ذلك، ذكرت «معاريف» أن باراك سيزور واشنطن خلال الشهر الجاري، وأنه قد ينقل رسالة الى الإدارة الأميركية تتعلق بالشروط الإسرائيلية الكفيلة بمنع هجوم إسرائيلي على إيران قبل الانتخابات، ومن بينها خطاب شديد اللهجة لأوباما ضد إيران في الجمعية العمومية للأمم المتحدة.