كشفت تقارير إعلامية إسرائيلية، أمس، عن وجود توتر في العلاقات بين تل أبيب وبرلين، ساهم في تأجيجه إبرام صفقة بين شركة ألمانية لبناء السفن والجيش المصري، يقوم بموجبها الأخير بشراء غواصتين حربيتين حديثتين. ورغم أن الصفقة لم تصبح نافذة بعد، لكونها تحتاج الى مصادقة من الحكومة الألمانية، إضافة الى تأكيد مسؤولين في وزارة الدفاع الألمانية لنظرائهم الإسرائيليين بأنّ قرار الحكومة الألمانية الحالي هو عدم المصادقة، فإن مصادر سياسية إسرائيلية وصفت الصفقة بأنها «تحول دراماتيكي في العلاقات بين إسرائيل وألمانيا».
وكان قائد سلاح البحرية المصري الجديد، الأدميرال أسامة الجندي، قد أعلن يوم الجمعة الماضي أن القاهرة ستوسع أسطولها البحري، وأنّها ستشتري من ألمانيا غواصتين من طراز «209»، إضافة إلى سفينتين حربيتين أميركيتين. والغواصات المذكورة تعد النموذج الأولي الذي طورت على أساسه غواصات دولفين التي حصلت عليها إسرائيل من ألمانيا.
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن تل أبيب تأمل أن تبقى الحكومة الألمانية على موقفها الرافض لإقرار الصفقة مع مصر، وخصوصاً في هذا التوقيت الحساس في الشرق الأوسط لأنها «ستمنح الأسطول المصري تفوقاً بارزاً على الاسطول الإسرائيلي». وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من الصمت الإعلامي الإسرائيلي حيال هذا الموضوع ورفض إسرائيل الرسمية التطرق إليه حتى بعد الإعلان عنه، فإن بيع الغواصات يشكل بالنسبة لإسرائيل مسألة حساسة جداً. وأضافت إنه حتى مع عدم مصادقة الحكومة الألمانية على الصفقة، فإن مجرد إبرامها بين الشركة الألمانية المصنعة والجيش المصري يعد صفعة لحكومة بنيامين نتنياهو ومؤشراً على التوتر الشديد بين البلدين.
وبحسب الصحيفة، فإن التدهور في العلاقات بين تل أبيب وبرلين بدأ في عهد نتنياهو، وجاء بعد شهر عسل شهدته علاقات الدولتين حيث وقفت حكومة أنجيلا ميركل في الأعوام ما بين 2005 و2009، إلى جانب إسرائيل في حرب لبنان الثانية وعملية «الرصاص المصهور» على غزة. إلا أنه في أعقاب الضغط من جانب إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، وتوجهات لمندوبين من المعارضة في إسرائيل، بدأت الحكومة الألمانية تدير ظهرها لإسرائيل على نحو علني.
وبدأ توتر العلاقات بين الدولتين عقب مهاجمة إسرائيل أسطول الحرية التركي في عام 2010، حيث قرر البرلمان الألماني بالإجماع التنديد بإسرائيل، وتصاعد التوتر على خلفية قرارات حكومة نتنياهو بتوسيع المستوطنات في موازاة الجمود الحاصل في العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين، حتى إن مسؤولين كباراً في مكتب ميركل سرّبوا تفاصيل عن مكالمات توبيخ من المستشارة لنتنياهو بشأن قرارات بتوسيع المستوطنات وعدم التقدم في المفاوضات مع الفلسطينيين. وبرز التراجع في العلاقات أخيراً من خلال التأجيل المتكرر للاجتماع السنوي المشترك بين الحكومتين الألمانية والإسرائيلية.
ووفقاً للصحيفة نفسها، فإن موظفين رفيعي المستوى في تل أبيب وبرلين يقولون إن ميركل ونتنياهو لا يطيق أحدهما الآخر. وتتهم محافل سياسية إسرائيلية رفيعة المستوى موظفين كباراً في مكتب المستشارة الألمانية، وكذلك السفير الألماني في إسرائيل، بتعكير مقصود للعلاقات بين الدولتين بهدف وضع حد لـ«العلاقات الخاصة» القائمة بين الدولتين في أعقاب المحرقة.
وكانت إسرائيل قد قررت الأسبوع الماضي فتح أرشيف محاضر اجتماعات الحكومة وتقارير «الموساد» حول عملية ميونيخ، التي قتل فيها 11 رياضياً إسرائيلياً في هجوم نفذه فلسطينيون خلال دورة الألعاب الأولمبية عام 1972. وتضمنت الوثائق اتهامات شديدة للجانب الألماني.