كرّرت دمشق هجومها على الرئيس المصري محمد مرسي، مصنّفة القاهرة إلى جانب الدوحة وأنقرة والرياض لمسؤوليتها في «إراقة الدمّ السوري»، إذ حمّل وزير الإعلام السوري عمران الزعبي مصر وقطر والسعودية وتركيا مسؤولية الأحداث الدموية في سوريا. ورداً على المواقف الاخيرة للرئيس المصري محمد مرسي، قال الزعبي إن الرئيس المصري «كان صادقاً عندما قال إن الدم السوري في رقبته، وهذا الكلام صحيح، لأن الدمّ السوري برقبته ورقبة القطريين والسعوديين والأتراك». وأردف الوزير السوري «حتى في أيام الرئيس (السابق) حسني مبارك كنا دائماً نتطلع الى مصر على أنها النموذج القومي، لكن من المؤسف أنه بعد أن رحل الرئيس مبارك حلّ مكانه رئيس آخر ولا فارق بينهما سوى أن الأخير ملتحٍ. أين النظام الجديد من كامب ديفيد والأمن القومي؟».
من ناحية أخرى، أضاف الزعبي «أنا أعتقد أن شرط نجاح الأخضر الإبراهيمي في مهمته يتوقف على قيام دول محددة، قطر والسعودية وتركيا، بالالتزام علناً بنجاح خطة النقاط الست، والتوقف فوراً عن إرسال السلاح، وإغلاق حدودها في وجه المقاتلين وإغلاق معسكرات التدريب والإيواء». وتابع «الكرة ليست في الملعب السوري. الكرة في ملعب السعودية وقطر وتركيا والدول الأوروبية والولايات المتحدة».
وأشار الزعبي إلى أنّ «ما قاله أردوغان وغيره من الغربيين عن أن الرئيس الأسد فقد شرعيته كلام تافه ولا معنى له ولا يغيّر من الأمر شيئاً، ومن يحدد شرعية أي رئيس هو صناديق الاقتراع». وتابع أنه في مسألة السيادة الوطنية «هناك خطوط حمراء، وإذا مسّها أحد سنرّد عليه ونقطع يده، وسيدفع ثمناً غالياً. فما يطرح من مناطق عازلة آمنة هو عدوان على الأرض السورية». وأشار الى أن سوريا «ستقدم لمبعوث الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي أقصى حدود المساعدة، وستعمل كي لا تصل مهمته إلى حائط مسدود، كما وصلت إليه مهمة سلفه كوفي أنان بسبب عدم استجابة الأطراف الخارجية له».
في السياق، وصف الأخضر الإبراهيمي مهمته بأنها شبه مستحيلة، ورأى أن الحاجة إلى تغيير سياسي في سوريا أساسية وملحة. وأضاف، في مقابلة تلفزيونية، «أنا آت إلى هذا المنصب وعيناي مفتوحتان ومن دون أوهام، وعلى علم بمدى صعوبته. وأفهم إحباط البعض حيال غياب تحرك دولي في سوريا». وأقرّ بأنه «يشعر بالذعر من ثقل المسؤولية بعد أن بدأ الناس يتساءلون ماذا تفعل والناس يموتون»، مضيفاً «نحن لا نفعل الكثير، وهذا في حدّ ذاته ثقل مرعب». وأضاف «التغيير لا يمكن أن يكون تجميلياً، وسيكون هناك نظام جديد، ولكن لا أعرف الناس الذين سيكونون فيه، وهذا سيقرره السوريون».
من جهته، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن روسيا والولايات المتحدة تتفقان على الهدف المطلوب تحقيقه في سوريا، ولكنهما تختلفان على كيفية الوصول إليه. ولفت في تصريح إلى وكالة أنباء «نوفوستي» إلى أنّه سيلتقي نظيرته الأميركية هيلاري كلينتون على هامش اجتماع منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ، الذي بدأ أعماله في مدينة فلاديفوستوك الروسية أول من أمس، ويبحث معها الشأن السوري إضافة الى جملة أمور أخرى.
وأوضح لافروف أن الولايات المتحدة تريد الوصول إلى الهدف المطلوب تحقيقه من خلال تنحية الرئيس السوري بشار الأسد وتشكيل حكومة انتقالية من دون التنسيق مع السلطات السورية الحالية، في حين يتضمن الحلّ الذي تقترحه روسيا لإنهاء النزاع السوري وقف الطرفين السوريين المتنازعين (الحكومة والمعارضة) لإطلاق النار وتعيين المتفاوضين الذين يجب أن يقرروا جميع المسائل الأخرى بأنفسهم من دون تدخل الأطراف الخارجية.
في موازاة ذلك، جدّد مسؤولون أميركيون، قبل تسعة أسابيع من انتخابات الرئاسة الأميركية، معارضة حكومة الرئيس باراك أوباما التدخل العسكري المباشر في سوريا لجهة إقامة مناطق آمنة للنازحين السوريين أو إمداد المتمردين السوريين بالأسلحة. ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤول أميركي رفيع المستوى قوله «إنه على الرغم من توسيع الولايات المتحدة لدورها داخل سوريا، من غير المرجح أن تقوم واشنطن بشنّ هجوم عسكري خلال الأشهر القليلة المقبلة أو ربما بعد ذلك». وأضاف «قد ننجر إلى حرب في سوريا بلا شك، ولكن نحن لم نصل بعد الى هذا القرار».
وعلى صعيد آخر، قال رئيس المجلس الوطني عبد الباسط سيدا، إثر لقائه وزير الخارجية الاسباني خوسيه مانويل غارسيا مارغالو، في مدريد، «نحتاج إلى تدخل إنساني ونطالب بتدخل عسكري من أجل حماية المدنيين السوريين». وأضاف «نطالب بتحرك سريع جداً للمجتمع الدولي». ورأى سيدا أن الاتحاد الاوروبي يمكنه خصوصاً إقناع روسيا بـ«تغيير موقفها» داخل مجلس الامن الدولي لجهة تأمين ممرات إنسانية للاجئين.
في السياق، أعلن المعارض السوري رضوان زيادة أنّ المجلس الوطني السوري «يبحث إنشاء حكومة انتقالية، تضمّ القوى المعارضة». وحمّل زيادة المجتمع الدولي جزءاً من مسؤولية فتور اتصالات «المجلس الوطني السوري مع القوى الغربية الكبرى، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، لعدم اتخاذه الإجراءات المطلوبة لدعم الشعب السوري».
إلى ذلك، أعلن وزير الدولة الأردني لشؤون الإعلام والاتصال، سميح المعايطة، أن بلاده لا تتدخل في الشؤون الداخلية السورية، موضحاً أنّ ما يهم عمان هو تماسك الدولة السورية بغض النظر عمن يحكمها، كما نفى أن تكون بلاده «ممراً للمسلحين الذين يقاتلون مع المعارضة في المدن السورية ضد الجيش النظامي». وأضاف «لا شكّ في أن هناك انعكاساً للأزمة في سوريا على الأردن يتمثل في قضية اللاجئين، وهو انعكاس اقتصادي»، موضحاً «لكن هذا لا يعني أنّه لا توجد أبعاد أخرى جراء انعكاس الأحداث في سوريا علينا».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)