دمشق | موجودون في كل مكان. بعضهم يتخفّى ويخفي سلاحه لأن مهمّته تقتصر على حماية أبناء حيّه، فيما البعض الآخر يُظهِره بفجاجة أمام الوجوه الفضولية للعابرين. إنهم عناصر اللجان الشعبية المنتشرون في معظم الأحياء الهادئة على الأرض السورية. تقف السيارة طويلاً على حاجز الجيش السوري في «المزّة 86»، المنطقة الشعبية الشهيرة التي يندر أن يسكن فيها أيّ من أهل دمشق الأصليين. تهديدات كثيرة أطلقها أبناء المناطق الثائرة ضد هذه المنطقة الهادئة ومن يسكنها من مؤيدين للنظام الحاكم وهم بمعظمهم من الساحل السوري. لم يقف شباب المزة وبقية المناطق المؤيدة مكتوفي الأيدي أمام هذه التهديدات، بل أصبحوا يسهرون في نقاط محددة متناوبين على حراسة حاراتهم غير مكتفين بحواجز الجيش التي تستوقف المارين وتقوم بتفتيشهم.
سمعة اللجان ليست حسنة في كل المناطق. فمع بداية الأحداث الأمنية، في اللاذقية مثلاً، كثرت الشكاوى على فوضى تسبب بها تعدّي مواطنين عاديين من أعضاء هذه اللجان على عمل قوات الأمن والجيش، ولا سيما أنهم يستوقفون الناس طالبين بطاقاتهم الشخصية سائلين عن وجهات سيرهم. الأمر الذي أدى إلى تذمر البعض من تلك التصرفات.
محمد، شاب من حماه يقيم في اللاذقية باعتباره طالباً في الجامعة، يروي فصول التضييق عليه من قبل اللجان الشعبية، إذ إن «مراهقاً في الرابعة عشرة قد يوقفه سائلاً: أي منزل في الحي تقصد؟»، وهو أمرٌ سبّب له مشكلة دائمة باعتباره أصلاً غريباً عن الحي.
«إنها عقلية رجل الأمن المتجذرة فينا»، يضيف محمد. ويتابع: «أرى عمل تلك اللجان، وخصوصاً في بداية الأزمة، لا يعدو أكثر من كونه تجسيداً لطموحات شبان الحي بأن يصبحوا رجال أمن ويمتلكوا سلطة وسطوة على الآخرين».
يختلف الوضع بعد سنة ونصف السنة من بداية الأحداث عما كان عليه بعد صدمة الانتفاضة الشعبية وما رافقها من «مندسين مسلحين» يقنصون الناس ويثيرون الفوضى في البلاد، حسب رواية الإعلام الرسمي. فقد قلّ عدد المنظَّمين في اللجان الشعبية وتناقص حبّ الظهور المسلّح لدى أفرادها، حيث يشرح ماهر، متطوع في الجيش الشعبي الرديف للجيش السوري، مبررات وجود اللجان في الأحياء. ويقول: «أثبت الواقع أن الجيش والقوى الأمنية لن يستطيعوا ضبط الوضع بمعزل عن مساعدة الشعب نفسه، وهذا صلب عمل اللجان الشعبية».
لا يمكن، بحسب ماهر، أن يميز عناصر الأمن والجيش الغرباء عن المناطق المتواجدين فيها مثلما يستطيع أهل هذه المناطق نفسها. وعليه فإن «اللجان بذلت جهوداً جبارة لحماية الناس في وقت ثار البعض ضد وجودها لمجرّد أنها تقوم بعملها على أكمل وجه، وتضبط الأوضاع في الأحياء».
يميز ماهر بين «الجيش الشعبي» المؤلف من بعثيين من جميع الطوائف يرافقون الجيش النظامي في بعض عملياته ويقفون في الصفوف الخلفية بهدف تقديم المساعدة لعناصره، وبين اللجان الشعبية المكونة من أبناء الأحياء، ممن هبّوا لحماية أحيائهم منعاً لتحولها إلى مسرح للاشتباكات وحاضنة لمسلحين يقاتلون الجيش. الجيش الشعبي يتكون من عناصر مدرّبة ومنظّمة يحمل أفرادها بطاقات تعريف، وهم على جاهزية تامة في حال تم استدعاؤهم. ومنهم كثر ممن شاركوا الجيش في عدد من عملياته.
تختلط التهم التي طاولت اللجان ببعضها. فهي بنظر سليم، معارض من دمّر، «تسمية مهذّبة للشبيحة الذين تموّلهم وتسلّحهم جمعيات محسوبة على أحد رجال الأعمال البارزين». ويضيف أنهم «من لون طائفي واحد يتركزون في مناطق توزع الأقليات كجرمانا والمزة وصحنايا وضاحية الأسد».
لا ينفي سليم وجود شبان من طوائف متعددة في اللجنة الشعبية الواحدة، إلا إن الأمر لا يعدو كونه محاولة خجولة جداً لإضفاء صبغة وطنية على طائفية هذه اللجان التي تقاتل أسوة بقوى الأمن والجيش في حال حصول اشتباكات في مناطقها. ويتابع سليم كلامه متهماً هؤلاء بقتل الأبرياء، على الرغم من إقراره بما رآه من أن عملهم على الحواجز مقتصر على تدقيقهم في أسماء الداخلين إلى الأحياء، فيسمحون للناس أو يمنعونهم من دخول هذه الأحياء بحسب تعميمات تأتيهم من الجيش والقوى الأمنية.
وفي ما يخص ملف تسلّح اللجان الشعبية، يلفت عمّار، أحد عناصر لجنة شعبية في اللاذقية، إلى عدم خروج أبناء الأحياء مسلّحين إلا من العصي والسلاح الأبيض والقليل من الأسلحة النارية المرخصة، حيث تدخّلت القوى الأمنية ــ في ما بعد ــ لتحلّ هذه اللجان وتصادر أسلحتها.
ويستغرب الرجل الخوف من أسلحة هؤلاء الشبان الخائفين على بلادهم وأحيائهم الذين عادوا إلى الظهور بشكل أكثر تنظيماً، «في وقت يعيث الجيش الحر فساداً في البلاد مدججاً بأخطر الأسلحة». ويقدّم عمّار مدينة حلب مثالاً على ضرورة تسليح السكّان، فيقول: «في حلب استمرّ السكان في حياتهم الطبيعية وتجارتهم إلى أن جاء الجيش الحر ليحتلّ أحياءهم. فما كان من المدنيين إلا الخروج لعدم قدرتهم على الدفاع عن هذه الأحياء، وتركها عرضةً لاشتباكات تندلع بين الجيش السوري والحر وتنتهي غالباً بِدكّ المنطقة بالكامل».
وعلت مؤخراً أصوات نشطاء سوريين ضد وجود السلاح في أيادٍ لا تنتمي للجيش الوطني، إذ إن ذلك يعني بنظرهم تعقيداً أكبر للأمور في ما لو انتهت الأزمة بشكل ما وبقي السلاح في أيدي هؤلاء. أمرٌ يعتبره البعض إعداداً للأقليات بهدف الدفاع عن نفسها وإيذاناً بتقسيم قادم يدفع أبناء هذه الأقليات إلى التعامل مع اللجان الشعبية وتسلّحها على مبدأ «شرّ لا بد منه».



رئيس الصليب الأحمر يزور الأسد

قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن رئيسها بيتر ماورر بدأ أمس زيارة لسوريا، وسيجري محادثات مع الرئيس السوري بشار الأسد في محاولة لتسهيل وصول عمال الاغاثة إلى المدنيين في البلاد. وأضافت، في بيان، أن ماورر سيلتقي بالأسد ومسؤولين كبار آخرين في دمشق أثناء الزيارة التي ستستمر ثلاثة أيام.
وقال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، هشام حسن، إن لقاءات ماورر في سوريا ستبدأ اليوم. ولفت إلى أنّ اللجنة لم تتمكن من إرسال أيّ قوافل مساعدات منذ أكثر من أسبوعين، لكنها تمكنت أواخر الأسبوع الماضي من إرسال بعض إمدادات الاغاثة إلى ريف دمشق وحمص حتى يوزعها الهلال الاحمر السوري.
(رويترز)

تونس تعلن افتتاح مخيّم للاجئين في الأردن

قال رئيس ديوان رئاسة الجمهورية التونسية، عماد الدائمي، إنّه تمّ وضع اللمسات الأخيرة على مخيّم تونسي للاجئين السوريين على الأراضي الأردنية. وقال الدائمي، في حديث إلى وكالة الأناضول التركية، إن «الرئيس منصف المرزوقي يدعم سعي التنسيقية التونسية لدعم ثورة الشعب السوري في إقامة مخيم تونسي للاجئين السوريين على الأراضي الأردنية».
(يو بي آي)

بكين: المناطق الآمنة لن تنجح

قالت صحيفة «الشعب الصينية»، الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الصيني الحاكم، إنّ اقتراح تركيا إقامة «منطقة آمنة» تحت حماية أجنبية للمدنيين لن يساعد في حل الازمة الانسانية المتفاقمة في هذا البلد. وأضافت أنّ «مساهمات الدول المجاورة لسوريا لرعاية اللاجئين بشكل ملائم تستحق الدعم، ويمكن تفهّم طرحها أفكاراً لتخفيف الضغط عن نفسها». وقالت الصحيفة إنّ أيّ محاولات للمساعدة في تخفيف المشكلة لا بدّ أن تحترم سيادة سوريا واستقلالها. وأضافت «يجب عدم تسييس الإنسانية أو عسكرتها».
(رويترز)