طلب وزراء الخارجية العرب، في ختام اجتماعهم في القاهرة أمس، من رئيس اللجنة الوزارية العربية رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي «متابعة الاتصالات» مع الأمين العام للأمم المتحدة وموفد المنظمة الدولية إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي «لبلورة تصور جديد لمهمة» الأخير. وأدان الوزراء «استمرار العنف والقتل والجرائم البشعة التي ترتكبها السلطات السورية والميليشيات التابعة لها (الشبيحة) ضد المدنيين السوريين، واستخدامها الأسلحة الثقيلة في قصف المناطق الآهلة بالسكان وما تقوم به من عمليات إعدام تعسفي واختفاء قسري». وطالبوا «الحكومة السورية بالوقف الفوري والشامل لكل أشكال القتل والعنف ضد الشعب السوري». واعتبر الوزراء «الجرائم والمذابح المرتكبة، جرائم ضد الإنسانية»، مطالبين «مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات الكفيلة لتقديم المسؤولين عن هذه الجرائم إلى العدالة الدولية». وأدان الوزراء «أعمال العنف والقتل ضد المدنيين من أي جهة كانت»، معبّرين عن «قلقهم البالغ إزاء تردي الأوضاع الإنسانية في سوريا التي أدت إلى نزوح ما يقرب من مليونين ونصف مليون من السكان، وهجرة مئات الآلاف منهم إلى الدول المجاورة».
وفي ما يخص فلسطين، أكد نبيل العربي أن وزراء الخارجية العرب قرروا دعم توجه فلسطين للحصول على «وضع دولة غير عضو بالأمم المتحدة» خلال الدورة المقبلة للجمعية العامة للأمم المتحدة التي تبدأ في النصف الثاني من أيلول الجاري «نظراً إلى صعوبة الحصول على العضوية الكاملة؛ لأن هذا يتطلب موافقة مجلس الأمن الدولي». وأضاف العربي أن «وضع دولة غير عضو له قيمته ودول كثيرة كانت لديها هذا الوضع مثل ألمانيا الشرقية والغربية اللتين كان لهما هذا الوضع لفترة طويلة»، متابعاً: «هذا ليس الوضع النهائي، ونرجو أن تتوافر الظروف لتحصل فلسطين على عضوية كاملة».
وأكد الوزراء «أهمية إنشاء لجنة مستقلة محايدة على مستوى الأمم المتحدة للتحقيق في ملابسات اغتيال الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، بهدف معرفة الحقيقة وعرض نتائجها على الأمم المتحدة».
وكان الرئيس المصري، محمد مرسي، قد دعا، في افتتاح اجتماعات وزراء الخارجية العرب في القاهرة أمس، النظام السوري إلى الرحيل. وقال إنّ النظام السوري «لن يدوم طويلاً»، وطالب الدول العربية بالتحرك لإيجاد حلّ سريع للنزاع الدموي الدائر في سوريا. وقال مرسي إنه «ما زالت هناك فرصة لحقن الدماء ولا مكان للمزايدة». وأشار إلى أنّ «على النظام السوري أن يعتبر من دروس التاريخ. الآن وقت التغيير في سوريا، ولا مكان للإصلاحات». وتابع: «إن لم تفعلوا فإرادة الشعوب غلابة، ونحن مع الشعب السوري، لينال كافة حقوقه بإرادته. وعلى الجميع أن يدرك أن الشعب السوري اتخذ قراره». وتابع أن المجموعة الرباعية التي اقترحت مصر تشكيلها من مصر والسعودية وإيران وتركيا لحل الأزمة السورية ستجتمع قريباً، من دون ذكر تاريخ محدد لاجتماعها.
وأكد مرسي أن «مصر لن تقبل تدخلاً في شؤون دولة عربية شقيقة، ونهوض الأمة العربية مرهون بحلّ كافة قضاياها المصيرية، وتأتي في مقدمتها القضية الفلسطينية التي تحتاج إلى حلّ سياسي حقيقي ينهي كافة مظاهر الاحتلال للأراضي الفلسطنية والعربية». وأشار إلى أنّه «لن نقبل أن يبقى الشعب الفلسطيني تحت نار الاحتلال، فنحن في حاجة ــ كدول عربية ــ إلى الوقوف بجانب الحق، وتوفير الدعم لأشقائنا الفلسطينيين حتى إقامة دولتهم المستقلة». وشدّد الرئيس المصري على أن بلاده «ستظلّ تدعم أي تحرك يدعم وحدة الصف الفلسطيني وتحرير أراضيه». كما أكد أن مصر «تتواصل وتتفق مع كل الأشقاء العرب والمسلمين على تطوير آليات ووسائل العمل العربي المشترك».
في السياق، أكد العربي أن الأزمة السورية تمثل التحدي الأكبر في ظلّ فشل جميع المحاولات والمبادرات والجهود العربية. وشدّد على أن إنجاز المهمة لن يتحقق ما لم يتخذ مجلس الأمن ــ بموجب الآليات المتاحة له ــ الإجراءات الفورية اللازمة لفرض التقيد بوقف أعمال العنف، والقتل الذي تمارسه الآلة العسكرية للنظام السوري، ويتوقف أيضاً ردّ الفعل من جانب المعارضة.
في موازاة ذلك، تسلّم وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور رئاسة الدورة الحالية لمجلس الجامعة العربية خلفاً للكويت. وشدّد منصور، خلال ترؤسه الاجتماع الوزاري في مقر جامعة الدول العربية، على أنه «لا بد من التحذير أن النزف ما زال مستمراً في سوريا، وهي من الدول المؤسسة للجامعة والجار والشقيق للبنان»، مشيراً إلى أن «ما تعانيه سوريا نشعر به في لبنان، ونعاني انعكاسات ما يجري في سوريا»، مؤكداً أن «الإسراع في تسوية الأزمة واجب قومي وأخلاقي ومصلحة عربية ولبنانية مباشرة». ولفت إلى أن «لبنان الذي سيترأس الدورة الحالية سيسعى إلى بذل الجهود الحثيثة، معتمداً على مؤازرة أشقائه العرب للتوصل إلى حلّ يخرج سوريا وشعبها من الأزمة التي تعيشها». ولفت إلى أنه «ليس للبنان سوى حدوده مع سوريا وفلسطين المحتلة، وأسهم لبنان ولا يزال بقسط غالٍ في سبيل القضية الفلسطينية ولم ولن يتوانى في وضع إمكاناته لاسترداد الحق العربي في فلسطين».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)