واصلت دمشق هجومها على أنقرة والقاهرة، وعدّتهما أدوات بيد الولايات المتحدة «عرّابة المجموعات الإرهابية»، فيما شبّه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ما يحدث في سوريا بكربلاء جديدة. وأكد نائب وزير الخارجية السورية، فيصل المقداد، أن وقف التدخّل الخارجي، ووقف تمويل الإرهاب يسرّع في حلّ الأزمة السورية. وقال، في حوار مع التلفزيون السوري، إنّ «الحل موجود ومطروح في سوريا، والطريق إلى الحوار الوطني مفتوح أمام كل القوى السياسية، بما يحقق عودة الأمن والأمان إلى المواطن، بعدما افتقدهما نتيجة وجود مجموعات إرهابية مسلحة تدمّر وتقتل وتهجر وترتكب جرائم وحشية بعيدة عن أي أخلاق». وأعرب المقداد عن ترحيب بلاده بأي مبادرة تساعد على احتواء الأزمة، وعلى إعادة الحياة الطبيعية إلى شوارع ومدن سوريا، لافتاً الى أن «مبادرة الترويكا التي جرى الحديث عنها وتضم مصر قد قضى عليها الرئيس المصري محمد مرسي بمواقفه الأخيرة»، فيما أعلن ترحيب سوريا بالمبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي، وقال إن سوريا «ستتحدث معه بقلب مفتوح ورغبة صادقة في إنهاء الوضع القائم في سوريا، وستستمع إلى نصائحه وآرائه، كما ستتعاون في إنشاء مكتب للأمم المتحدة في دمشق لمتابعة هذه القضايا».
وعن موقف الولايات المتحدة الأميركية من سوريا، قال المقداد إن «الشعب السوري يعرف أن من يقف خلف العدوان الذي يتعرّض له هو الولايات المتحدة الأميركية والكيان الصهيوني، باعتبارهما العقل المدبّر لكل ما يجري». وأضاف إن بقية الدول أداة في يد الولايات المتحدة الأميركية، «الآمرة لتركيا وفرنسا وبريطانيا وبعض الدول الخليجية بدعم المجموعات الإرهابية والتنظيمات المتطرفة، لكي تسفك دم الشعب السوري».
وفي السياق، انتقد نائب وزير الخارجية السورية تصريحات الرئيس المصري محمد مرسي الأخيرة، ورأى أنّ الخطابين الأخيرين في قمة عدم الانحياز في طهران، وأمام اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، كانا بعيدين عن الواقع، ومثّلا تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية لسوريا، وهدَفا إلى تأجيج العنف فيها.
وفي ما خصّ تركيا، قال المقداد إن «الحكومة التركية الحالية تستحق أن توضع على لائحة الإرهاب الدولي، وأن تُعاقَب على دعمها لتنظيم القاعدة وفتحها الأبواب والحدود لمجموعات الوهابيين». ورأى أن «الشعب التركي يقف بأغلبيته ضد سياسات حكومة حزب العدالة والتنمية، وهو يخرج إلى الشوارع ويعبّر عن تضامنه مع سوريا وشعبها».
في المقابل، شبّه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان القتال في سوريا بموقعة كربلاء، واتهم بعض الدول بالتزام الصمت إزاء العنف المتزايد. وقال، أمام مؤتمر حول السلام في الشرق الأوسط بإسطنبول، «على الرغم من أن النظام الدكتاتوري الوحشي في سوريا يرتكب مذابح جماعية ضد شعبه باستخدام الأسلحة الثقيلة، تلتزم بعض الدول الصمت، وتشجّع النظام بسبب النزعة الطائفية فحسب». وأضاف «أي أسلوب هذا؟ كيف يمكن المرء أن يبرّر هذا أمام نفسه وضميره مع معتقداته وقيمه؟ سأتكلم بوضوح، ما يحدث اليوم في سوريا هو بالضبط نفس ما حدث في كربلاء قبل 1332 سنة مضت».
من ناحية أخرى، حذرت باريس وروما من أنّ فشل المجتمع الدولي في حلّ الازمة السورية سيهدّد إلى حدّ كبير أمن أوروبا، وذلك في رسالة اقترحت على وزراء الخارجية الأوروبيين لعقد اجتماع استثنائي حول سوريا في نيويورك خلال الشهر الجاري. وكتب وزيرا الخارجية الايطالي جوليو ترزي، والفرنسي لوران فابيوس، محذرين «إذا فشلنا في سوريا فذلك سيهدّد الاستقرار في الشرق الأوسط، وسيتّعرض أمن أوروبا للخطر على جميع مستوياته، بدءاً بالإرهاب الى انتشار الاسلحة، مروراً بالهجرة غير الشرعية وأمن الطاقة». واقترح ترزي وفابيوس، في رسالتهما، استغلال الفرصة لاجراء نقاش «استراتيجي جذري حول دور وعمل الاتحاد الاوروبي في سوريا»، اللذين قد تمثّل نتائجهما «أساس اجتماع استثنائي جديد» لوزراء الخارجية الأوروبيين حول سوريا، على هامش انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك على سبيل المثال.
وفي رسالة أخرى، أعرب نظيرهما البريطاني وليام هيغ عن «تأثّره الخاص بتفاقم الازمة الانسانية للاجئين»، مشيراً إلى أنّه ينبغي زيادة المساعدة.
من جهته، جدّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف التأكيد على أن بلاده ستعارض أيّ محاولات رامية إلى تبنّي مجلس الأمن الدولي قرارات تفضي الى التدخل الخارجي في سوريا، لافتاً إلى أن تسوية الوضع السوري ممكنة من خلال تطبيق ما ورد في بيان جنيف. وأوضح لافروف، في مقابلة مع التلفزيون المركزي الصيني، أن موقف روسيا، وكذلك الصين في مجلس الأمن الدولي، ينطلق من «أننا يجب أن نتوصل إلى اتفاق بشأن إيجاد سبل للتأثير في هذه الأزمة أو تلك، تسمح بالفعل بتهدئة الوضع، وتحويل النزاع إلى مجرى المفاوضات السياسية، لا استخدامه من أجل دعم طرف من طرفي النزاع الداخلي». إلى ذلك، أعلنت «هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي» أنها شددت على ضرورة الحلّ السلمي للأزمة السورية، ورفض التدخل العسكري، في لقاء مع وفد من الحكومة اليابانية حول التطورات الأخيرة في سوريا. وقالت الهيئة، في بيان لها يوم أمس، إن اللقاء «عُقد في باريس واستمر ثلاث ساعات، وشارك فيه من الهيئة عبد العزيز الخير رئيس مكتب العلاقات الخارجية، وهيثم مناع نائب المنسق العام ورئيس فرع الخارج، وخالد عيسى نائب رئيس فرع الخارج». وأشارت الهيئة إلى أن وفدها ركّز خلال اللقاء على «ضرورة المساندة الدولية للحل السلمي والسياسي للأزمة السورية، والأخذ بعين الاعتبار المصالح العليا لسوريا وللسوريين، التي تتجسّد بوقف العمليات المسلحة والحفاظ على وحدة وسيادة الأراضي السورية، وصيانة النسيج الاجتماعي من التمزق، ومناهضة الاقتتال الطائفي». وقال البيان إن وفد هيئة التنسيق «أكد أيضاً رفضه أي تدخّل عسكري خارجي، وطالب بضرورة مساندة المجتمع الدولي لمؤتمر الانقاذ، الذي يهدف الى تفعيل الأسس التي تضمنتها خطة كوفي أنان، لكن بمبادرة القوى الوطنية السورية».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)