القاهرة | 18 مليار دولار قطري، استثمارات في مصر. هذا ما تم الاعلان عنه في المؤتمر الصحافي لرئيس وزراء قطر، وزير الخارجية، حمد بن جاسم، ما أثار تساؤلات عن مدى علاقة هذه الاستثمارات بالقرار المصري في القضايا الكبيرة في المنطقة وعلى رأسها المسألة السورية، ودور مصر في دعم الثورة السورية، وما إذا كان الهدف منها ضم مصر إلى الفريق الذي يرى ضرورة التخلص من النظام، أم أن الأرقام التي أعلنت مجرد لغة مصالح اقتصادية بحتة، إلا أنها غالباً ما تربط السياسة بالاقتصاد. موقف محمد مرسي لم يتغير كثيراً بالنسبة للقضية السورية. فمنذ اليوم الأول لتسلمه السلطة وهو يؤكد على ضرورة وقف نزيف الدم السوري، لكنه في الفترة الأخيرة بدا أكثر وضوحاً في موقفه الداعم للثورة السورية والمطالب برحيل الرئيس السوري بشار الأسد. عندما افتتح دورة مجلس وزراء الخارجية العرب يوم الاربعاء الماضي، وجه حديثه للقيادة السورية قائلاً: «الآن هو وقت التغيير. ولا مجال للكبر أو المزايدة، لا تستمعوا إلى الأصوات التي تغريكم بالبقاء فلن يدوم وجودكم طويلاً، إن لم تفعلوا فعجلة التاريخ ماضية». ومن قبلها كانت كلمته الأكثر وضوحاً في قمة دول عدم الانحياز في طهران الشهر الماضي.
ويبدو أن مرسي حسم أمره فعلاً، في اتجاه مساندة الثورة السورية، اذ إن «الأسد سقطت أنيابه»، على الأقل من وجهة النظر المصرية. لكن ما العلاقة بين تلك الوجهة وبين الاستثمارات القطرية الجديدة في مصر، وهل يمكن الجزم بأن نظام مرسي كانت لديه رؤية مستقبلية بما ستذهب إليه الأوضاع في سوريا، فقرر منذ البداية أن يكون في صف دول الخليج بما فيها قطر ضد نظام الأسد، بعيداً عن الدعم المالي الخليجي، أم أن ما يقوم به مرسي ما هو إلا نتيجة ضغط شعبي مصر من تيارات ترى أن ما يحدث في سوريا «جهاد ضد جيش علوي كافر»، مثل حركة حازمون المؤيدة للمرشح الرئاسي السابق حازم أبو اسماعيل؟
يبقى من البديهي أن الاستثمارات القطرية الجديدة في مصر سيكون لها أثر كبير عند اتخاذ القرار المصري. وبالإضافة للمعونة القطرية التي تبلغ قيمتها 2 مليار دولار وهي وديعة لدى البنك المركزي المصري، تبرز الاستثمارات الجديدة. وهي عبارة عن استثمارات منها «8 مليارات دولار في مشروعات ضخمة في منطقة شرق التفريعة ببورسعيد» و10 مليارات أخرى في مشروع سياحي عملاق في الساحل الشمالي يتضمن مرسى يخوت بمارينا. وأهمية تلك المشروعات، أنها من المفترض أن توفر فرص عمل لآلاف العمال الذين قد يتحولون إلى أداة ضغط في يد النظام القطري، في حال اختلاف وجهات النظر مستقبلاً. ومما لا شك فيه أن النظام المصري سيضع هذه المحاذير في حسابه قبل اتخاذ أي قرار.
مدير مركز ابن خلدون، الأستاذ في الجامعة الأميركية في القاهرة، سعد الدين ابراهيم، الذي جمعته علاقة قوية بالنظام القطري، قال لـ«الأخبار»، إن قطر تريد مصر مؤيدة لها في ملفاتها الخليجية، لأن هناك صراعاً أحياناً خفياً وأحياناً أخرى ظاهراً بينها وبين البحرين من ناحية، وبينها وبين السعودية من جهة أخرى. ووفقاً لإبراهيم، تريد قطر دعماً مصرياً في علاقاتها العربية إذا احتاجت إلى هذا الأمر. كذلك تريد فرصاً للاستثمار في مصر. وأضاف أن قطر تعرف حجمها وتعرف إمكاناتها، ولأنها صغيرة جداً فهي تحتاج إلى حلفاء أقوياء، وكلما كان هؤلاء الحلفاء الأقوياء ليسوا جيراناً مباشرين مثل إيران والسعودية والعراق كان أفضل، بمعنى أن حليف مصر لن يطمع في أرض قطرية، ولن يطمع في موارد قطرية، ولذلك فإن مصر بالنسبة لقطر حليف استراتيجي
مثالي.