وصف المبعوث الدولي العربي الأخضر الإبراهيمي مهمته بـ«الصعبة جداً»، في حين بدأت مصر بالاستعدادات العملية لاستضافة لقاء «مجموعة الاتصال الرباعية» حول سوريا، بينما تستعدّ هولندا لاستضافة اجتماع مجموعة «أصدقاء سوريا» لتوسيع نطاق العقوبات ضد النظام السوري. وحطّ مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية بشأن سوريا الأخضر الإبراهيمي يوم أمس بالقاهرة، ليبدأ «عملياً» مهامه. وقال الإبراهيمي إنه سيقوم، خلال أيام، بأول زيارة لسوريا بعد توليه المنصب ويأمل الاجتماع مع الرئيس بشار الأسد. ووصف الابراهيمي، في تصريحات للصحافيين بمقر الجامعة العربية، مهمته بأنها صعبة. وقال «أدرك تمام الإدراك إنّها مهمة صعبة جداً ولكن رأيت أنه ليس من حقي أن أرفض أن أحاول قدر المستطاع أن أقدم ما أمكن من مساعدة للشعب السوري». وقال إنه سيزور سوريا «خلال الايام القليلة المقبلة للقاء المسؤولين هناك وعدد من مؤسسات المجتمع المدني والمثقفين». وأضاف أن مكتب الأمم المتحدة في دمشق سوف يتمّ تحويله الى مكتب خاص له لمتابعة مهمته هناك، مؤكداً تعيين الدبلوماسي الكندي من أصل مغربي مختار لماني لرئاسة هذا المكتب. وسئل إن كان سيلتقي بالرئيس السوري، فقال «أملي في ذلك لكن لا أعرف».
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن المتحدث الرئاسي ياسر علي، بعد اجتماع الإبراهيمي ومحمد مرسي، أن الرئيس المصري «أكد استعداده لمساندة مبادرة الإبراهيمي حرصاً على دماء السوريين». وأضاف المتحدث أن مرسي «أكد أن التنسيق بين مبادرة اللجنة الرباعية والجهود التي يقوم بها مبعوث الجامعة العربية والأمم المتحدة قائم».
في موازاة ذلك، أعلنت وزارة الخارجية المصرية أنّ اجتماعاً رباعياً على مستوى كبار المسؤولين في مصر وإيران وتركيا والسعودية عقد لبحث الازمة السورية في القاهرة. وأكدت طهران مشاركتها في أول اجتماع «لمجموعة الاتصال» حول سوريا، التي لم يعلن عنها رسمياً من قبل. وصرح وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو أنّ الاجتماع الرباعي على مستوى كبار المسؤولين يهدف الى الاعداد لاجتماع وزراء خارجية الدول الأربع «خلال الأيام المقبلة».
ووصل إلى القاهرة، أمس، وفد من وزارة الخارجية التركية برئاسة السفير عمر أونهو لحضور الاجتماع، بينما قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية نزيه النجار، في بيان، «تفعيلاً للمبادرة الرباعية التي أطلقها الرئيس المصري محمد مرسي بشأن الأزمة السورية، بمشاركة كل من جمهورية تركيا وإيران الإسلامية والسعودية، والهادفة لمواجهة تدهور الأوضاع في سوريا وإيقاف نزيف الدم من خلال إطلاق عملية سياسية تهدف لتحقيق تطلعات الشعب السوري، تجتمع اليوم بمقر وزارة الخارجية المصرية وفود من وزارات خارجية الدول الأربع برئاسة كبار المسؤولين فيها». وأضاف بأنه سيتم خلال الاجتماع «تبادل وجهات النظر حول تطورات الاوضاع المأساوية في سوريا والسبل الكفيلة بوقف حمامات الدم، خاصة وأن التداعيات السلبية ستصيب الجميع إذا تعثر التوصل لحلّ للأزمة». وأضاف أنّ «مصر ستركزّ على الخروج بتوافق حول عدد من الثوابت، أهمها الوقف الفوري لأعمال القتل والعنف والحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها ورفض التدخل العسكري الخارجي في سوريا، وضرورة إطلاق عملية سياسية بمشاركة مختلف أطياف الشعب السوري ومكوناته، وصولاً لتحقيق آمال وتطلعات الشعب، بما في ذلك مهمة المبعوث العربي الأممي المشترك الاخضر الإبراهيمي». وأكد المتحدث أنّ المجموعة الرباعية «منفتحة على أيّ مساهمات إيجابية من أطراف أخرى مستقبلاً، وأنها تسعى للتنسيق ودعم كافة الجهود الرامية لإيجاد حلّ سياسي للأزمة».
وفي طهران، قال المتحدث باسم الحكومة رامين مهمانبرست، إن «نائب وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان توجّه الى القاهرة للمشاركة في الاجتماع». وأضاف المتحدث أنّ «مشاركة إيران في هذا الاجتماع تندرج في اطار الجهود لحلّ الازمة السورية، وهو ما سيتيح أيضاً الاستماع الى المواقف المصرية».
من جهته، أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، «دعم الجامعة الكامل لمهمة الاخضر الابراهيمي، رغم اقرارها بأنها صعبة وشبة مستحيلة»، مضيفاً أنّه «يقدّر تقديراً كبيراً قبول الابراهيمي لهذه المهمة، التي تهدف الى ايجاد مخرج لما يدور في سوريا، وخاصة أنّ الحالة تتدهور من سيئ الى أسوأ والدماء السورية تراق كل يوم».
في السياق، أكد نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أن خطة المبعوث الأممي السابق كوفي أنان وقرارات مؤتمر جنيف يجب أن تكون القاعدة التي ستبنى على أساسها التسوية في سوريا. ونقلت قناة «روسيا اليوم» عن بوغدانوف قوله «نحن نقول ان هذه الاقتراحات مطروحة، وأهم شيء هو أنه ليس هناك بديل لها. واذا كانت لديكم أفكار بديلة بناءة وفعالة، فأهلاً وسهلاً، دعونا نناقشها». وتابع «نحن نعتقد أنه حتى هذه اللحظة لم تتبلور أي خطة رقم 2 بدلاً عن خطة كوفي أنان، والبيان الختامي لاجتماع جنيف وقرارات مجلس الأمن المبنية على دعم وتأييد وضرورة تطبيق خطة كوفي أنان».
كذلك أشار بوغدانوف الى أنّ تنحي الرئيس السوري بشار الأسد شرطاً لبدء الحوار أمر غير واقعي. وفي تصريح لصحيفة «لو فيغارو»، أعلن بوغدانوف أنّ روسيا تقترح على شركائها الغربيين تنظيم مؤتمر يضمّ «كل أطراف النزاع». ولفت، في المقابلة التي سوف تنشر في عدد اليوم، «نقترح على شركائنا الغربيين تنظيم مؤتمر بين جميع أطراف النزاع، على غرار المؤتمر الذي أنهى الحرب الاهلية اللبنانية العام 1990. ينبغي أن يضمّ هذا المؤتمر ممثلين للمعارضة والنظام وأيضا ممثلين للمجموعات المسيحية والعلوية والدرزية». بدوره، أكد نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف أن حكم الرئيس السوري بشار الأسد لا يزال صلباً، معلناً أن الأسد سيتنحى إذا اختار السوريون قائداً آخر في الانتخابات.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الهولندية، أمس، أن مجموعة «أصدقاء سوريا» ستلتقي في هولندا الاسبوع المقبل لتوسيع نطاق العقوبات، وتشديد بعض الاجراءات ضد النظام السوري.
وسيعقد الاجتماع في 20 أيلول، ويأتي بعد موافقة الاتحاد الاوروبي على ضرورة تشديد العقوبات ضد الدائرة المحيطة بالرئيس السوري بشار الأسد.
وقالت الوزارة، في بيان، إنّ «الاجتماع يهدف الى تبنّي عدد متزايد من الدول عقوبات ضد نظام بشار الاسد». وأضافت أن «تطبيق مثل هذه الاجراءات في القطاع المالي سيكون من بين القضايا الرئيسية التي سيناقشها الاجتماع».
وسيفتتح وزير الخارجية الهولندي يوري روزنثال الاجتماع، الذي ستشارك فيه «ما بين 50 الى 60 دولة من بينها الدول المجاورة لسوريا، وممثلون عن الجامعة العربية»، بحسب البيان.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)