اتهم الملك الأردني عبد الله الثاني، في مقابلة مع وكالة «فرانس برس» أمس، اسرائيل بالعمل على «إعاقة» البرنامج النووي السلمي الأردني، محذراً في الوقت نفسه من تفكك سوريا وانتقال الصراع الى دول الجوار. وأشار الملك الأردني إلى احتمال تفكك الجارة الشمالية سوريا، مع ارتفاع وتيرة العنف الطائفي فيها، ما قد يقود إلى امتداد الصراع الى دول مجاورة. وقال «أنا قلق جداً من احتمال تفكك سوريا، فقد شهدنا في الأشهر القليلة الأخيرة زيادة في وتيرة العنف الطائفي». وأوضح أن ذلك «لا يهدد وحدة سوريا فقط، بل قد يكون مقدمة لامتداد الصراع الى دول مجاورة ذات تركيبة طائفية مشابهة، وقد شهدنا بالفعل إشارات إلى أن هذا الخطر يقترب أكثر فأكثر».
ودعا الملك الى إيجاد «صيغة لعملية انتقال سياسية، من شأنها أن تجعل جميع مكونات المجتمع السوري، بمن فيهم العلويون، يشعرون بأن لهم نصيباً ودوراً في مستقبل البلاد». وأكد أن «عملية الانتقال السياسي الشاملة هي الوسيلة الوحيدة لوقف التصعيد، وهي في مصلحة الشعب السوري، ومن شأنها أن تحفظ وحدة أراضي سوريا وشعبها»، مشيراً الى أن «هذه العملية تصب كذلك في مصلحة الاستقرار الإقليمي والمجتمع الدولي». وأضاف إن «المسألة لا تتعلق بفرد بل بنظام. فماذا سيستفيد الشعب السوري إذا غادر الرئيس بشار غداً وبقي النظام؟».
وفي ما يتعلق بمعلومات حول ضبط «خلايا سورية» في المملكة الأردنية، التي استقبلت نحو 200 ألف سوري بين لاجئ ومقيم من بداية الأزمة، قال الملك إن «عدداً منهم لم يأت بحثاً عن ملاذ آمن، بل لتنفيذ مهمات أخرى، منها جمع معلومات استخبارية عن اللاجئين، أو تنفيذ مخططات تستهدف استقرار الأردن وأمنه». وأضاف إنه «كان من المستحيل علينا التدقيق أمنياً في كل شخص يعبر إلى الأردن، وقد استقبلنا الجميع على أساس إنساني». وأشار الى أن «الطريقة التي تتعامل بها سوريا مع جيرانها تشكل تصعيداً محتملاً، نراقبه عن كثب».
من جهة أخرى، أكد الملك عبد الله أن «الأردن لم يفكر بفرض منطقة عازلة (في سوريا)، لكننا نحتفظ بحقنا السيادي في وضع كل الخيارات الممكنة في الاعتبار بما يضمن حماية مصالح المملكة وأمنها».
وفي سياق آخر داخلي، تحدث عبد الله الثاني عن مسعى أردني لمشروع نووي، لكنه قال إن «المعارضة الأشد لبرنامج الأردن النووي تأتي من إسرائيل»، مضيفاً «عندما بدأنا الإعداد للحصول على طاقة نووية لأغراض سلمية، تواصلنا مع بعض الدول ذات المستوى المتقدم من العمل المسؤول في هذا المجال ليتعاونوا معنا»، غير أنه «لم يمض وقت طويل حتى أدركنا أن اسرائيل تمارس الضغط على هذا الدول لإعاقة أي شكل من التعاون معنا». وأوضح أنه «في كل مرة يتوجه فيها وفد أردني للاتصال بشريك محتمل، نجد وفداً إسرائيلياً يتوجه للشريك نفسه بعد أسبوع، ويطلب من الطرف الذي نتفاوض معه عدم دعم خطط الأردن للحصول على الطاقة النووية».
وأضاف الملك عبد الله إنه «في ضوء ما ذكرت، فإنني أشعر بأن من يعارضون برنامجنا النووي السلمي لأسباب مغلوطة هم يحققون المصالح الإسرائيلية بنجاح يفوق قدرة إسرائيل على ذلك وحدها».
ودافع الملك عن البرنامج النووي الأردني الذي يلقى معارضة داخلية، وقال «أنا أتفهم الناشطين ومخاوفهم المتعلقة بالسلامة العامة، وهذا حقهم، لكن الأردن لن يختار إلا أحدث جيل من المفاعلات النووية وأكثرها أماناً». وأضاف إن «الأردن يمتلك 3 بالمئة من مصادر اليورانيوم في العالم، وعليه فإننا نملك مورداً طبيعياً يجعل من خيار الطاقة النووية قابلاً للتطبيق وذا جدوى، وسوف يمنحنا درجة من الاعتماد على الذات».
ولم يتأخر الرد الإسرائيلي على اتهام الملك الأردني، إذ قال مسؤول اسرائيلي، لوكالة «فرانس برس»، «اعتمدنا نهجاً ايجابياً في كل مرة جرت فيها استشارتنا عن هذا الموضوع». وأضاف إن «اتهامات الملك تبدو عذراً واهياً».
وتطرق الملك الأردني في مقابلته إلى الانتخابات الداخلية، واعتبر أن «الإخوان المسلمين (في الأردن) يسيئون تقدير حساباتهم كثيراً» عبر إعلانهم مقاطعة الانتخابات النيابية. وقال «لقد بدأ العد التنازلي للانتخابات فعلاً، وعملية التسجيل تسير على قدم وساق، وقد تجاوزنا حد المليون بالنسبة إلى عدد المسجلين، وسوف يحل البرلمان ويعلن عن موعد الانتخابات، وسيكون لدينا برلمان جديد بحلول العام المقبل». وأكد أن «قانون الانتخاب الحالي تم إصداره بدرجة من الإجماع، ليست مثالية، لكنه يتمتع بأعلى درجة من الإجماع الممكن في ظل تركيبة البرلمان في الوقت الراهن»، مشيراً الى أن «استطلاعات الرأي العام أظهرت أنه يحظى بدعم من غالبية جيدة قاربت ثلثي الأردنيين». وتابع «لا يمكن تفصيل قانون على مقاس حزب سياسي واحد أو مجموعة تشكل أقلية، لكن صوتها هو الأعلى».
(أ ف ب)