ذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لا ترى نهاية قريبة لموجة «العنف» السائدة حالياً، وأنه برغم تراجع شدة العمليات وعددها وأن معظمها بات يتركز في منطقة الخليل وشمالها، فإن الأجهزة الاستخبارية تتبنى تقديراً شبه موحد حول نشوء وضع جديد، من شأنه أن يرافق إسرائيل لمدة طويلة أخرى.
وترى الاستخبارات نفسها أن التهدئة السياسية في القدس والوجود المعزز للشرطة في الأحياء الفلسطينية، نجح في «صد موجة العمليات»، وأنه لم تتبلور في المرحلة الحالية «كتلة حرجة» قادرة على محاكاة الانتفاضتين السابقتين، لكن على المدى الأبعد، فإن الاستخبارات الإسرائيلية متشائمة.
ولفت هؤلاء إلى أن القيود التي أوجدتها إسرائيل والسلطة، وحافظت على استقرار نسبي، منذ نحو عقد من الزمن، آخذة بالضعف. وعلى هذه الخلفية سيكون من الصعب إعادة الهدوء والاستقرار لمدة طويلة نسبياً، بل نشأت إمكانية كامنة لاشتعال أخطر حتى لو ساد هدوء مؤقت. ويرى أحد التحليلات الاستخبارية، التي تليت على أعضاء المجلس الوزاري المصغر، أن التغيير يرتبط بموقف الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، من مستقبل المفاوضات مع إسرائيل، أو بدخول حكمه في مرحلة الصمت.
وترى الاستخبارات أن «عباس عملياً عرض سياسته خلال كلمته أمام الأمم المتحدة، وأشار إلى أن القيادة تنتقل إلى أبناء الجيل الشاب في المناطق الفلسطينية. ووقعت الرسالة على آذان صاغية وانخرطت في التوتر الذي تصاعد حول القدس». ولفت هؤلاء إلى أن «عباس تأخر في التدخل مع نشوب الهبة الفلسطينية، واختار الصمت. ولكن عندما تبين له، فقط، أنه بدأ يفقد السيطرة على الوضع وأن رجال التنظيم (فتح) يشاركون بفعالية في تنظيم مسيرات العنف التي تستهدف المواجهة مع جنود الجيش الإسرائيلي في مخارج المدن الفلسطينية، عندئذ أصدر تعليمات لا لبس فيها بالكف عن ذلك. برغم أن هذا التدخل لم يوقف عمليات الطعن، التي ينفذ معظمها شباب ليس لديهم انتماءات تنظيمية، لكنه قلَّص حجم المواجهات الجماهيرية العنيفة مع قوات الجيش في الضفة. والآن بعد مضي نحو شهر، من تدخل عباس، لا يزال موقف التنظيم يشكل عاملاً حاسماً لاستمرار التطورات، باعتباره الجهاز المسلح الأكبر بعد الأجهزة الأمنية».
ووفق ما نقلت «هآرتس»، فإن القلق السائد في إسرائيل، هو من الأزمة السياسية الداخلية التي قد تندلع في الضفة، كجزء من الصراع على مرحلة ما بعد عباس، أكثر من قلقها من موجة «العنف» الحالية، خاصة أن الضغوط الاقتصادية الآخذة بالتفاقم في السلطة، إلى جانب عدد من الضغوط، يمكن أن تؤدي إلى تحلل السلطة تماماً من مسؤولياتها، ما سيجذب إسرائيل مرة أخرى إلى الداخل، نحو السيطرة الكاملة على السكان في الضفة، وذلك خلافاً لمصلحتها.