في الوقت الذي لا تزال فيه ردود الفعل تتوالى، أكان على الفيلم المسيء للإسلام أم على مقتل السفير الأميركي لدى طرابلس وثلاثة أميركيين آخرين ردّاً عليه، أعلنت ليبيا، أمس، أنها أوقفت عدة أشخاص في قضية الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي، فيما وجهت ادارة باراك أوباما تحذيراً الى السلطات المصرية من التساهل بحماية أمن مقارها الدبلوماسية، وسط تصاعد الاحتجاجات باتجاه السفارات الأميركية في معظم الدول الإسلامية، والتي سجلت أمس مقتل شخص في اليمن.
وقال نائب وزير الداخلية الليبي، ونيس الشريف، إن «وزيري الداخلية والعدل بدآ بالتحقيقات وجمع الادلة وبعض الناس تم توقيفهم».
وأفادت تقارير بأن المسؤولين الاميركيين يحققون بامكانية أن يكون الهجوم مدبراً من قبل شركاء لتنظيم «القاعدة»، استخدموا التظاهرة كغطاء لتنفيذ هجوم انتقامي مخطط له في ذكرى هجمات الحادي عشر من أيلول.
وتعقيباً على الهجوم كان هناك موقف لافت للرئيس الأميركي، بحيث وجه تحذيراً الى القاهرة ان لم تتم حماية السفارة الأميركية، وذلك عقب الاحتجاجات التي تحولت الى اشتباكات مع الشرطة المصرية أمام السفارة الأميركية في القاهرة.
وقال أوباما «إننا لا نعتبرهم (الحكومة المصرية) حلفاء ولكننا لا نعتبرهم أعداء».
وأضاف أنه يجب انتظار كيف تتصرف الحكومة المصرية لا سيما في ما يتعلق باتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل.
وبخصوص التظاهرات، قال أوباما «بالطبع في هذا الوضع، ما نتوقعه هو أن تستجيب (الحكومة المصرية) إلى إصرارنا على ضمان حماية سفارتنا وحماية طواقمنا، وفي حال قاموا بأعمال لا تتناسب مع تحمل هذه المسؤوليات كما تفعل الدول الأخرى حيث لدينا سفارات، أعتقد أننا سنكون في مشكلة
كبيرة».
وأجرى الرئيس الأميركي أمس، اتصالاً مع كل من الرئيس المصري محمد مرسي ورئيس البرلمان الليبي محمد المقريف.
ونقل البيت الأبيض عن أوباما قوله لمرسي انه «يرفض جهود الإساءة للإسلام، ولكنه أكد أنه لا يوجد أي مبرر للعنف ضد الأبرياء والأعمال التي تهدد الموظفين الأميركيين والمنشآت الأميركية»، فيما أكد مرسي أن مصر ستحترم التزامها بضمان سلامة الموظفين الأميركيين.
وفي اتصاله مع المقريف، للمرة الأولى منذ انتخابه الشهر الماضي، أعرب الرئيس الأميركي عن تقديره للتعاون الذي أبدته الحكومة الليبية. واتفق الرئيسان على العمل بشكل وثيق للتحقيق في القضية.
بدورها، قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، ان حكومة واشنطن لا علاقة لها بالفيلم المسيء. وأضافت، في بدء محادثات مع مسؤولين كبار من المغرب، «بالنسبة لنا، بالنسبة لي شخصياً، هذا الفيديو مقزز ويوجب اللوم. يبدو أن له هدفاً معيباً بشدة: تشويه سمعة دين عظيم وإثارة الغضب».
في المقابل، دعت مجموعة من الأعضاء الجمهوريين في مجلس النواب الأميركي إلى حرمان مصر وليبيا من حصتهما من برنامج المساعدات الأميركية الخارجية الذي نوقش أمس. غير أن رئيس لجنة الاعتمادات في المجلس هال روجرز، شكك في نجاح مثل هذه
الدعوات.
ورغم الهجوم الذي أودى بحياة السفير وثلاثة آخرين في بنغازي، فإن غضب الملسمين من الفيلم المسيء لم يهدأ، بل على العكس تصاعدت الاحتجاجات مع انتشار مقاطع من الفيلم على الانترنت. وفي القاهرة، أغلق الأمن المصري جميع الشوارع والطرق المؤدية إلى مبنى السفارة الأميركية بالقاهرة، تحسباً لأي محاولة لاقتحامها من جانب المحتجين، ولا سيما بعد اشتباكات متقطعة وقعت بين المحتجين والشرطة تخللتها أعمال
عنف.
وأعلنت وزارة الداخلية المصرية أنه تم القبض على 12 شخصاً «بعد أصابة 3 ضباط و11 جندياً واحتراق سيارتي شرطة نتيجة رشقهم بالحجارة وزجاجات المولوتوف الحارقة».
وفي كلمة متلفزة، قال مرسي ان «المقدسات الإسلامية والرسول خط أحمر بالنسبة لنا نحن المسلمين والمصريين جميعاً». وفي الوقت نفسه، أضاف «ان قتل النفس يرفضه الإسلام ونحن نكفل حرية التعبير دون التعدي على الممتلكات العامة أو الخاصة أو البعثات الدبلوماسية والسفارات».
وامتدت التظاهرات الغاضبة الى اليمن، حيث اقتحم متظاهرون غاضبون مجمع السفارة الاميركية في صنعاء وأحرقوا عددا من السيارات المركونة في فناء المبنى، الا أن قوات الامن اليمنية نجحت في اخلاء المكان. وفي وقت لاحق، تجددت المواجهات بين المحتجين وقوات الأمن اليمنية في محيط السفارة الأميركية فأسفرت هذه المرة عن مقتل محتج وجرح العشرات.
وفي العراق، تظاهر المئات من أنصار مقتدى الصدر في بغداد والنجف والكوت رفضا للفيلم المسيء وهتفوا: «كلا كلا أميركا... كلا اسرائيل» و«خيبر خيبر يا يهود ..جيش محمد سوف يعود».
كما تظاهر في طهران المئات قرب سفارة سويسرا التي تمثل المصالح الاميركية في ايران، لكن نحو 200 شرطي من قوات مكافحة الشغب ورجال الاطفاء منعوا المتظاهرين من الاقتراب من السفارة التي أُخليت من موظفيها من باب الوقاية.
وكان هناك احتجاجات منددة بالفيلم بتل أبيب، حيث تظاهر العشرات من المواطنين العرب قبالة السفارة الأميركية بدعوة من الحركة الإسلامية، الجناح الشمالي برئاسة الشيخ رائد صلاح.
كذلك في غزة، حيث تظاهر مئات الفلسطينيين أمام مبنى مقر المجلس التشريعي بدعوة من وزارة الاوقاف والشؤون الدينية التابعة للحكومة المقالة.
ودان رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة اسماعيل هنية، الفيلم المسيء للاسلام، «براءة الاسلام» مطالباً الولايات المتحدة بالاعتذار للأمة الاسلامية.
وأعربت الجزائر عن استيائها من الفيلم الأميركي، ووصفته بالاستفزازي هدفه تأجيج الحقد والتوتر. أما اندونيسيا، أكبر الدول الاسلامية من حيث عدد السكان، فطلبت من موقع «يوتيوب» وقف بث الفيلم المسيء.
كذلك نددت السعودية بالفيلم، مؤكدة في الوقت نفسه ادانتها «ردود الفعل العنيفة ضد المصالح الاميركية».
في غضون ذلك، عزّزت الأجهزة الأمنية الأردنية من إجراءاتها الأمنية في محيط السفارتين الأميركية والإسرائيلية غرب العاصمة عمّان ومساكن أطقمهما.
(أ ف ب، رويترز، أ ب، يو بي آي)