الجزائر | تحدث الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عن "ضمانات" لتعزيز الحريات والفصل بين السلطات وضمان استقلالية القضاء، أبرزها إنشاء آلية لمراقبة الانتخابات، في رسالة رآها مراقبون اعترافاً من السلطة بالتضييق الذي تمارسه على معارضيها، سائلين إن كان مشروع الدستور الجديد مجرد تغيير شكلي، على غرار الدساتير الماضية، أم أنه تغيير حقيقي يؤسس لانفتاح ديمقراطي.
ورأت حركة "مجتمع السلم"، المحسوبة على "الإخوان"، أن ما جاء في رسالة الرئيس يعالج الأزمة بالتقسيط، ويؤجل الحل، ويزيد من اتساع دائرة اليأس، بما يقود نحو مسارات مجهولة. ودعا القيادي في الحركة، فاروق ابو سراج، في تصريح لـ"الاخبار"، إلى فتح حوار سياسي واقتصادي شفاف مع المعارضة، بدل تمييع وتشويه مطالبها، مشيراً إلى أن الحديث عن آلية لمراقبة الانتخابات هو محاولة لجرّ المعارضة الى مربع السلطة ومشاريعها. وقال أبو سراج إن رسالة الرئيس تعترف بأن هناك خللاً في تنظيم الانتخابات، مطالباً بـ"هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات، من مراجعة القوائم إلى إعلان النتائج، كما تفعل اكثر من 85% من دول العالم، وهو المدخل لإعادة الاعتبار للانتخابات في الجزائر، والتي يعزف عنها الشعب والأحزاب بسبب التزوير المتكرر لها، الذي يفرز حزباً واحداً فقط في كل الاستحقاقات".
واعتبرت أحزاب المعارضة المنضوية تحت لواء "التنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي" أن مطلبها ليس مراقبة الانتخابات، بل إيجاد "هيئة مستقلة" للإشراف عليها، تكون بمنأى عن وزارتي الداخلية والعدل.

تطالب المعارضة بكفّ يد وزارتي الداخلية والعدل عن الانتخابات
وجاء هذا الموقف رداً على رسالة بوتفليقة، الذي اعتبر أن آلية السلطة لمراقبة الانتخابات تضمن شرعية العملية، وترسي مناخاً سياسياً هادئاً.
ورأى رئيس جبهة العدالة والتنمية، عبد الله جاب الله، في حديث لـ"الأخبار"، أن قرار رئيس الجمهورية " ناقص"، موضحاً أن مطلب "تنسيقية الانتقال الديمقراطي" ليس مراقبة الانتخابات، بل سحب ملف الانتخابات من وزارتي الداخلية والعدل، وإسناده إلى "هيئة مستقلة". وقال جاب الله إن "المطلب تحويره وصياغته بالطريقة التي تراها السلطة مناسبة، (وذلك) بالتلاعب بالألفاظ". كذلك عبّر المسؤول الإعلامي لتكتل "الجزائر الخضراء" البرلماني، ناصر حمدادوش، في حديث لـ"الاخبار"، عن موقف مماثل.
وفي ذات السياق، رأت "حركة الإصلاح"، المحسوبة على التيار الإسلامي، أن رسالة بوتفليقة هي بمثابة إقرار من السلطة بأن مقترحاتها لا تحظى بإجماع الطبقة السياسية. ودعت الحركة إلى "حوار جاد يفضي إلى توافق وطني وتحديد لأولويات المرحلة، للخروج من الأزمة التي تعيشها البلاد على جميع الصعد". كذلك شكك رئيس "حزب الجيل الجديد"، سفيان جيلالي، في جدية كلام الرئيس حول آلية جديدة لمراقبة الإنتخابات، واضعاً إياه في سياق "التنازلات الشكلية"، نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية. وقال جيلالي إن دسترة الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات يجب أن ترافقها إجراءات أخرى للوصول إلى "انتقال ديمقراطي".
ومن جانبه، انتقد رئيس الحكومة الأسبق، علي بن فليس، غياب دولة القانون، مشيراً إلى احتكار السلطات وإقصاء كل السلطات المضادة، وقمع الحقوق والحريات، وتجريد المواطنة من كل مكوناتها الجوهرية. ورأى بن فليس أنه لا يمكن الحديث عن الشرعية والسيادة في بلد أضعفه سياسياً شغور السلطة، واستنزف قدراته انعدام الشرعية والطابع التمثيلي في مؤسساته، وزادته ترهلاًَ تبعيته الاقتصادية وهشاشة نسيجه الاجتماعي.