دمشق | فيما انضم «تيار بناء الدولة السورية» المعارض إلى حركة «معاً»، معلنَين انسحابهما من مؤتمر المعارضة السورية الذي تُعدّ له «هيئة تنسيق قوى التغيير الديموقراطي» أواخر الشهر الحالي، توجه وفد من الحركة إلى الصين أول من أمس، لإجراء محادثات بشأن الأزمة السورية، وذلك في أعقاب اللقاء الذي جمع وفداً من الهيئة مع المبعوث المشترك، الأخضر الإبراهيمي في دمشق. المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية السورية، حسن عبد العظيم، أكد أن الهدف من الزيارة إلى الصين هو «مطالبة الحكومة الصينية بالضغط على النظام لوقف العنف وسحب الآليات واطلاق سراح المعتقلين والسماح بالتظاهر السلمي وتوفير الإغاثة للمدنيين». وكان عبد العظيم قد أكد بعد اللقاء الذي جمع الهيئة مع الإبراهيمي يوم الجمعة الماضي، مطالبة الأخير بالضغط على النظام لوقف العنف وإطلاق سراح المعتقلين، إضافةً إلى التمهيد لحكومة انتقالية تضمن انتقالاً سلمياً للسلطة. وكررت الهيئة مطالبها التي تنادي بها منذ اندلاع الأزمة باعتبارها «مطالب الشعب السوري المحقة».
فـ«النظام الديكتاتوري الحاكم هو الذي أوصل سوريا إلى هذه الحال بانتهاجه حلاً أمنياً عسكرياً كردّ على المطالب المحقة للشعب السوري»، بحسب جميع الشخصيات المشاركة في الاجتماع مع الابراهيمي، وهي إلى جانب عبد العظيم، شملت عدداً من اعضاء الهيئة مثل محمد سيد رصاص وأكرم الأكرمي ومحمود مرعي، فضلاً عن رجاء الناصر.
عبارة أخرى دوت بعد الاجتماع تمثلت في تأكيد الهيئة أنه «لا حلّ إلا بتوافق عربي ودوليّ»، مع إصرار كامل من أعضاء الهيئة على إشراك كل الدول والأطراف في حل الأزمة، على الرغم من تناقض ذلك مع تشديدهم على تحقيق التغيير بأيدي السوريين وحدهم.
كذلك جدد عبد العظيم التأكيد على أن السلطة هي المبادِرة إلى العنف المتواصل والحل الأمني العسكري، نظراً إلى امتلاكها القوة الأساسية، وذلك في معرض رده على سؤال عن إمكان التعاون مع الأطراف المسلحة فيما لو أوقف النظام العنف. ووفقاً لعبد العظيم، ولّد هذا الأمر عنفاً مضادّاً، ودخول جماعات متشددة إلى الساحة السورية. وقبيل اللقاء مع الإبراهيمي، أكد عبد العظيم، الذي كان أول المعارضين الواصلين إلى بهو الفندق، يرافقه رجاء الناصر، أن جزءاً من تفاؤله بمهمة الإبراهيمي نابع من كون المبعوث الجديد عربياً يعرف المنطقة وإشكالياتها معرفة جيّدة.
كذلك تحدث عبد العظيم، الذي دخل الفندق متعثراً واصطدم ببابه الرئيسي، عن خبرة الإبراهيمي الدبلوماسية الطويلة في ما يخص حل الأزمات.
ومثّلت الجلسة الودية والقصيرة التي عقدها عبد العظيم مع مراسلي محطات إخبارية لدول معروفة بتنازعها بشأن الأزمة السورية، فرصة لتوضيح وضع المعارضة عموماً، وهيئة التنسيق خصوصاً. فأشار المعارض الشهير باختصار إلى انسحابات فردية أخيراً من صفوف معارضة الداخل، ولا سيما انسحاب حركة «معاً» من صفوف الهيئة، وانضمام عدد من الهيئات المعارضة في الخارج. ولم ينكر وجود تباينات كثيرة في صفوف هيئة التنسيق، تبررها الهيئة بأنها خلافات بشأن ترتيب الأولويات على جدول أعمال المؤتمر.
من جهته، شدد المعارض محمود مرعي، في تصريحه للصحافيين على اتهام النظام بالعنف أسوة بباقي زملائه، إلا إنه أشار بوضوح إلى عدم امتلاك المجتمعين عصا سحرية للحل. وفيما لم يظهر الابراهيمي للتصريح بعد الاجتماع، إلا إنه وعد المعارضين خلال الاجتماع معهم بالنظر في إرسال مندوب عنه إلى مؤتمر المعارضة القادم. ولم يبدُ عدم ظهوره العلني بعد الاجتماع، أو حتى وجوده في البلاد، مهماً على المستوى الشعبي. فالسوريون توقفوا أخيراً عن انتظار أية مساعٍ للحل في ظل تصعيد أعمال العنف يومياً، وعدم قدرة أي من الطرفين المتقاتلين على لجم القدرة القتالية للآخر. ليبقى الرصاص هو صاحب الكلمة الفصل المؤثرة في أي مفاوضات وتفاهمات دولية قادمة.